البيت الأبيض: الشرق الأوسط والإصلاح والإرهاب والطاقة أبرز الملفات في المباحثات الأميركية ` السعودية في تكساس

الأمير عبدالله اجتمع مع تشيني ويلتقي بوش اليوم في مزرعته بكروفورد

TT

يستقبل الرئيس الأميركي جورج بوش اليوم في مزرعته بكروفورد في ولاية تكساس الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني السعودي، حيث من المتوقع أن تتطرق المباحثات إلى جملة من الموضوعات من بينها عملية السلام في الشرق الأوسط، والأوضاع في العراق، والإصلاح، وأسعار النفط.

وهذه المرة الثانية التي يستقبل فيها بوش الأمير عبد الله في مزرعته، وهي بادرة تدل على خصوصية العلاقات بين البلدين والزعيمين، إذ أن الرئيس الأميركي لا يستقبل عادة في مزرعته إلا القادة الذين تربطه بهم علاقات ودية خاصة ومصالح استراتيجية مع بلدانهم.

وأفاد مسؤولون أميركيون أن بوش والأمير عبد الله سيبحثان أيضا في الإرهاب خلال محادثاتهما في الوقت الذي حققت فيه السعودية نجاحات كبيرة في هذا المجال ووجهت ضربات قوية إلى قيادات الإرهاب وتنظيم «القاعدة» في المملكة.

وصرح الناطق باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان أن الزعيمين سيبحثان في «الجهود التي يبذلها بوش للدفع بالإصلاحات الديمقراطية» في الشرق الأوسط.

وكانت السعودية قد شهدت أخيرا انتخابات بلدية في مختلف المناطق. وقال إن «الرئيس سعيد بإمكانية مناقشة موضوعات ثنائية وإقليمية أساسية مع ولي العهد بما في ذلك جهود تشجيع الإصلاحات والتوصل إلى السلام في الشرق الأوسط وكسب الحرب ضد الإرهاب».

وقد نوه بوش والمسؤولون الأميركيون في تصريحاتهم بالتطورات التي شهدتها المنطقة سواء في انتخابات العراق وأفغانستان، أو التحولات في مصر ولبنان والأردن، ووصفوها بأنها مؤشرات ايجابية على تقدم الإصلاحات في المنطقة.

وبشأن النزاع العربي ـ الإسرائيلي يتوقع أن يعيد ولي العهد السعودي طرح مبادرة السلام العربية التي أقرت في 2002 وتم إحياؤها في القمة العربية التي عقدت في الجزائر نهاية مارس (اذار) الماضي. وتقترح الصيغة الجديدة قيام دولة فلسطينية وتعرض على إسرائيل تطبيع علاقاتها مع الدول العربية في مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة في 1967 .

وكانت أميركا قد ألقت بثقلها في الفترة الأخيرة وراء دعم خطة انسحاب إسرائيل من قطاع غزة. وقال ماكليلان «من المهم أن ينسق الفلسطينيون والإسرائيليون بشكل وثيق عملية الانسحاب، إنها مرحلة هامة يجب علينا أن نركز عليها الآن».

وكان ولي العهد السعودي قد التقى أمس في مقر اقامته بتكساس نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الذي سيحضر أيضا لقاء اليوم بين بوش والأمير عبد الله.

وقالت متحدثة إعلامية باسم البيت الأبيض في تصريح خاص لـ «الشرق الأوسط» إن موضوعي مكافحة الإرهاب وإرتفاع أسعار الطاقة على رأس المباحثات الأميركية - السعودية. وأضافت المتحدثة دانا بيرينو أن جدول المباحثات يشمل كذلك قضية العراق وأزمة الشرق الأوسط وجهود السلام في المنطقة إضافة إلى الشأن السوري اللبناني وقضايا أخرى تهم الجانبين.

وأشارت بيرينو إلى أن بيانا مشتركا سيقرأ على الصحافيين فور انتهاء جلسة المباحثات في كروفورد لإعلان ما جرى فيها رسميا.

ومن المقرر أن يحضر ولي العهد السعودي مساء اليوم حفل عشاء يقيمه في مدينة دالاس على شرفه مجلس الأعمال السعودي - الأميركي دُعي إليه عدد كبير من السياسيين والصحافيين ورجال الأعمال في الولايات المتحدة.

وقد أجمع المعلقون السياسيون في كبريات المحطات وشبكات التلفزة الأميركية على أهمية زيارة الأمير عبد الله للولايات المتحدة قائلين إنها تأتي في ظرف تأريخي عصيب تمر به منطقة الشرق الأوسط، ورأى بعضهم أن إدارة الرئيس بوش تعول كثيرا على الدور السعودي في حل مشكلة إمدادات الطاقة العالمية، إضافة إلى الدور الحاسم الذي لعبته المملكة في مكافحة الإرهاب. وأشار معلقون في محطة فوكس نيوز إلى أن الرئيس بوش شخصيا يقدر ما حققته السعودية على صعيد مكافحة الإرهاب على أرضها وفي العالم ككل إضافة إلى ما تحقق من تقدم ملموس في مجال الإصلاح. وكان الأمير عبد الله والوفد المرافق له وصل إلى ولاية تكساس الأميركية مقبلا من المغرب مساء أول أمس في مستهل زيارته للولايات المتحدة التي ستستغرق عدة أيام.

وكان في استقباله في مطار لافيلد بمدينة دالاس نائب عمدة مدينة دالاس جون لوزا ورئيس المراسم بمدينة دالاس بيث هادلسون وسفير الولايات المتحدة لدى المملكة جيمس أوبرويتر وعدد من المسؤولين الأميركيين.

كما كان في استقباله كل من الأمير سعود بن خالد بن محمد بن عبد الرحمن، والأمير سلطان بن سعود بن خالد، والأمير فيصل بن تركي بن ناصر بن عبد العزيز، والأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز الوزير المفوض بالسفارة السعودية في واشنطن، والأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز، والأمير فيصل بن خالد بن عبد الله بن عبد العزيز، والأمير فيصل بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز، والأمير عبد العزيز بن خالد بن عبد الله بن عبد العزيز، وعبد العزيز القريشي رئيس مجلس رجال الأعمال السعودي - الأميركي، والسفير فوزي شبكشي مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، وأعضاء السفارة والقنصليا والملحقيات السعودية في الولايات المتحدة. وقد التقى عبد الله في مقر اقامته في مدينة دالاس بمجموعة من الطلاب السعوديين المبتعثين للدراسة في الولايات المتحدة.

إلى ذلك أكد خبراء اقتصاديون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أمس بشأن الموضوعات الاقتصادية التي ستكون على طاولة المباحثات التي يجريها ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي هي أسعار النفط وانضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية. وقال براد بورلاند كبير الاقتصاديين في مجموعة سامبا المالية إن موضوع انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية وأيضا موضوع الاسعار الحالية للنفط هي ابرز الموضوعات الاقتصادية المرشحة للبحث. أما الدكتور بندر محمد العيبان، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي فقد أشار إلى أن الشأن الاقتصادي محوري في العلاقات السعودية ـ الأميركية وبالتحديد ملف انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية.

وذكر براد بورلاند لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية هي اكبر مصدر للنفط للولايات المتحدة في الوقت الراهن بما يتجاوز المليون برميل يوميا، ولكن صناع القرار الأميركي والمحليين والخبراء لديهم وجهة نظر مختلفة هذه المرة للأسباب التي تقف وراء ارتفاع أسعار النفط، فالتحليلات تشير إلى تحميل محدودية الطاقة التكريرية وأيضا فإن عوامل ارتفاع الطلب المحلي مسؤولة عن الارتفاع التاريخي للأسعار».

كما استبعد بورلاند أن تطرح خلال المشاورات مواضيع توسيع ملكية أرامكو السعودية لمصافي نفطية في الأراضي الأميركية أو حتى موضوع فتح الباب لشركات النفط الأميركية للاستثمار في استغلال الثروات النفطية، فهي مواضيع تبقى للبحث في مستويات مختلفة قد تكون بين شركات النفط الكبرى من جهة ووزارة البترول السعودية أو أرامكو السعودية من جهة أخرى.

ومن جانبه قال الدكتور بندر العيبان إن أميركا تعلم بشكل واضح حاليا أن سياسة السعودية هي تأمين إمدادات النفط للأسواق العالمية خصوصا أنها مقدمة على ضخ استثمارات كبيرة لرفع طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل بحلول العام 2009 مع إمكانية رفعها إلى 15 مليون برميل عند الحاجة لذلك. وأضاف العيبان إن السعودية أكدت في أكثر مناسبة أنها حريصة على أن تكون أسعار النفط معقولة لكل من المنتجين والمستهلكين وان الأسعار الحالية هي نتيجة لعوامل تتعدى عوامل العرض والطلب. وأضاف إن الموضوع الاقتصادي الآخر الذي يتوقع طرحه خلال زيارة ولي العهد السعودي هو دعم الولايات المتحدة لانضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، خصوصا مع أنباء عن تضييق الفجوة وإمكانية التوصل لاتفاق وشيك، موضحا أن التطلع هو للانتهاء من هذا الملف وتجاوزه لإبرام اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة بين الجانبين.

وفي المقابل توقع الدكتور انس الحجي، الخبير النفطي والأستاذ المشارك في جامعة شمال أوهايو الأميركية، أن يكون للنفط دور هامشي في هذا اللقاء بين ولي العهد السعودي والرئيس بوش، وذلك على عكس ما تتوقعه وسائل الإعلام التي ترى أن النفط سيكون محور الاجتماع. وارجع الدكتور الحجي ذلك إلى أن استبيانات الرأي التي جرت أخيرا توضح أن 16% فقط من الأميركيين تعتبر موضوع ارتفاع البنزين من أهم المشاكل، وإن هناك مواضيع دولية أهم بكثير من موضوع النفط مثل انتهاء الانتخابات البلدية في السعودية، والانسحاب السوري من لبنان ودور السعودية فيه، والوضع في العراق بعد انتخاب حكومة جديدة. وأضاف «وبغض النظر عن تصريحات بعض المسؤولين وتوقعات بعض المحللين فإن اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي سيزيد مع الزمن«. وأشار إلى «أنه في الماضي اهتم العالم بالسعودية بسبب النفط، أما الآن فالاهتمام بالسعودية يعود إلى كونها أكثر الدول تأثيراً وفعالية في المنطقة، مما يعطيها بعداً استراتيجياً جديداً لا علاقة له بالنفط«. وأضاف الدكتور الحجي إن هذه الزيارة مخطط لها منذ زمن بعيد و ليس لها علاقة بأسعار النفط فقد زار الأمير عبد الله الولايات المتحدة في عام 2000 في عام 2002 .

وحول رأيه في ارتباط أسعار النفط الحالية بسياسات أوبك الإنتاجية بما فيها السعودية قال: إن أساسيات السوق التي تتمثل في زيادة الطلب على النفط بشكل أكبر من الزيادة في الإنتاج هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الماضية. وأشار إلى أن بيانات وكالة الطاقة الدولية توضح أن الطلب العالمي على النفط ارتفع بمقدار 2.1 مليون برميل يومياً بين الربع الأول من عام 2004 والربع الأول من عام 2005 بينما لم يرتفع الإنتاج إلا بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً، الأمر الذي يفسر سبب انخفاض المخزون في الدول المستهلكة. وجاءت أكثر من 50% من الزيادة في الطلب على النفط خلال تلك الفترة من بلدين هما الصين والولايات المتحدة. وقد أسهم انخفاض الدولار الأميركي في رفع أسعار النفط لأنه أدى إلى قيام المضاربين وتجار العملات بالاستثمار في عقود النفط المستقبلية وبيعها فيما بعد بهدف جني أرباح سريعة. وتوقع المضاربون أن تستمر أسعار النفط بالارتفاع لاعتقادهم بأن الطلب أعلى من العرض. وأسهمت العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والطبيعية في رفع أسعار النفط وزيادة تقلبها.

ومن جانبه قال مطشر المرشد، الخبير الاقتصادي، إن السعودية معنية بإيضاح وجهة نظرها على طاولة المباحثات مع أميركا بشأن مسؤولية نقص القدرة الإنتاجية لمصافي النفط في أميركا عن ارتفاع أسعار المنتجات المكررة وان ذلك يلقي ظلاله أيضا على أسعار النفط الخام حيث يسهم تشغيل مصافي النفط الأميركية بنسبة 96 في المائة من طاقتها الإنتاجية ما يجعل هذا العامل يمثل حوالي 30 في المائة من السعر السوقي الحالي أو مابين 10 ـ 15 دولارا من السعر النهائي للنفط الخام، موضحا أن السعودية معنية بإيضاح أن السوق النفطية مشبعة بالمنتجات الخام وان هناك عوامل لها علاقة بالمضاربين ولجوء الدول الصناعية لبناء مخزونات استراتيجية لها.

واقترح المرشد أن تلجأ الدول المنتجة بما فيها السعودية إلى إيجاد آلية تأثير في سوق العقود الآجلة من خلال مؤسسة مستقلة يعمل بها خبراء ماليون متخصصون في الاستثمارات المشابهة لتلك الجارية في أسواق لندن ونايميكس وشيكاغو.

وكان الرئيس الأميركي قد صرح أخيرا بأن ليس لديه «عصا سحرية» لخفض أسعار الوقود في المحطات مؤكدا انه سيبحث ذلك مع الأمير عبد الله ليطلب من الرياض أن تنتج النفط إلى أقصى قدراتها.

وقد رد وزير النفط السعودي علي النعيمي يوم الخميس الماضي على بوش بالقول إن المملكة تزود زبائنها بكميات النفط التي يطلبونها. وقال النعيمي في باريس تعليقا على تصريحات الرئيس بوش «السعودية غير مسؤولة عن أسعار النفط في الأسواق» مضيفا «نسعى إلى تلبية طلبات كل زبائننا ولم نرفض طلب أي زبون تزويده كميات إضافية من النفط».