فراغ السلطة يزيد من الفوضى في العراق

TT

يضع تأخير تشكيل الحكومة العراقية رئيس الوزراء المكلف في خطر ويوفر دافعا جديدا للتمرد ويثير مزيدا من الشكوك في دور الولايات المتحدة هنا، وفقا لما يقوله مراقبون عراقيون وغربيون. وتتزايد الشكوك من أن يكون لهذه الحكومة، في حال تشكلها، الوقت الكافي لإنجاز مهمتها الأساسية، وهي صياغة الدستور بحلول أواسط أغسطس (آب) المقبل.

كانت الجمعية الوطنية الانتقالية قد عقدت عددا من الاجتماعات ولكن الانقسامات الاثنية والدينية والسياسية أعاقتها عن إعداد نظامها الداخلي أو الشروع بمناقشة الدستور بعد مضي ما يقرب على ثلاثة اشهر من انتخابها. ومنعت الاختلافات الحادة بشأن ترتيبات تقاسم السلطة الأطراف الرئيسية من التوصل إلى تسوية يمكن أن تؤدي إلى تشكيل الحكومة. وقال أحد المسؤولين الغربيين أنه ظهر احد العوائق في محاولة معارضة الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء المعين إبراهيم الجعفري لتشكيل حكومته. وإذا ما اخفق في أداء المهمة خلال أسبوعين فانه سيستبدل شخص آخر به.

ويقول بعض الناشطين الشيعة بصيغة الاتهام، ان الأكراد وأنصار رئيس الوزراء المنتهية ولايته اياد علاوي تحالفوا لمنع تولي الجعفري. أما العائق الآخر فيتمثل في من الذي سيتحكم بمليارات الدولارات من أموال إعادة الإعمار. ويقال ان الأكراد يضغطون باتجاه وضع الأموال تحت رعاية وزارة يسيطرون عليها. ويخشى الشيعة من أن يعني ذلك أن يخصص جزء كبير من الأموال إلى المناطق الكردية.

ووسط العنف المتصاعد في العراق تزداد الحاجة إلى ملء فراغ السلطة. وقد يتصاعد العنف حتى اذا تشكلت الحكومة وبدأت مهامها. ويقول القادة العسكريون الأميركيون ان المد والجزر في الهجمات ميز التمرد خلال العامين الماضيين. وهناك إجماع متزايد على أنه لن تلحق هزيمة بالمسلحين لفترة سنوات.

ولكن في الشوارع وفي قاعات السلطة يعتقد العراقيون ان الزخم المؤيد للديمقراطية الذي جسده ملايين المتحدين للإرهاب في الانتخابات التي جرت يوم الثلاثين من يناير (كانون الثاني) الماضي، قد تقلص بسبب طول المفاوضات بشأن المناصب العليا.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط» وقال حكمت حقي، مدرس الثانوية في بغداد، انه «من الطبيعي أن التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة يفتح الطريق أمام نشاطات الإرهابيين. فلا توجد سلطة». وقال جميل الحديثي، الموظف الحكومي المتقاعد، انه «بعد الانتخابات كان الناس يأملون أن يروا حكومة تتمتع بسلطة وسيادة ولكنهم انتظروا وانتظروا وأخيرا استسلموا. ويدرك كل امرئ الآن أننا بلد محتل لا يمكن أن يمتلك حكومته الخاصة به». وينفي المسؤولون الأميركيون تدخلهم ويقولون إنهم نأوا بأنفسهم عن محادثات تشكيل الحكومة على الرغم من أن السفارة الأميركية تراقب التطورات عن كثب.

ويتمثل احد عوائق التوصل إلى تسوية في إقناع الأطراف الإثنية والدينية والسياسية في الجمعية الوطنية المتنافسة بالاتفاق في بلد تمزقه الشكوك والافتقار إلى التجربة الديمقراطية. وعلى الرغم من الإجماع حول الكثير من المناصب الرئيسية، فان عائقا رئيسيا في المفاوضات، حسب قناعة الجميع، يتمثل في الجهود الفاشلة لتحقيق مشاركة علاوي وحزبه في الحكومة الجديدة.

ويعتقد البعض ان على علاوي التخلي عن خططه ليكون رئيس وزراء وعن سعيه لإعاقة الجعفري الذي يمكن ان يخسر المنصب إذا لم يتمكن من تشكيل الحكومة حتى يوم السابع من الشهر المقبل. ويعتقد البعض انه في هذه الحالة فان علاوي قد يبقى في منصبه متلقيا من خلف الكواليس دعما من الأطراف الكردية العلمانية التي لا تشعر بارتياح تجاه الجعفري الذي غالبا ما يوصف بأنه رجل دين بدون عمامة. وعلى الرغم من أن الكتلتين الكردية والشيعية تفاوضتا منذ الثلاثين من يناير الماضي، فان الشيعة لديهم شكوك في طموحات الأكراد الإقليمية في منطقة كركوك الغنية بالنفط.

ويعتقد كثيرون ان علاوي الذي يتمتع بعلاقة قديمة مع الزعامة الكردية قد يكون أكثر مرونة في الموقف حيال المطالب الكردية.

وقال وليد الحلي، المستشار في حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه الجعفري، ان مطالب علاوي «صعبة وغير منطقية وغير مقبولة»، ولكن الأكراد يصرون على مشاركة علاوي في الحكومة.

ومن بين ما يدور في إطار نظرية المؤامرة ان السلطات الأميركية غير المرتاحة أيضا من اتجاه الجعفري الديني وعلاقات كتلته الوثيقة مع إيران، قد تعمل بهدوء على إعاقة ترشيحه مستخدمة أواصرها المتينة مع الأكراد وعلاوي لدفع الأمور في هذا الاتجاه. وينفي المسؤولون الأميركيون مثل هذا الدور. وتتصاعد الشكوك حتى قبل ان تبدأ الحكومة مهمتها الأساسية الأصعب، وهي صياغة الدستور، الوثيقة التي ستعالج الكثير من القضايا المثيرة للجدل والنزاع، بما في ذلك دور الدين والفيدرالية والآلية التي تستخدم في الانتخابات المقبلة.