مبارك: الروس حاولوا استغلال الطلعات الجوية الإسرائيلية خلال حرب الاستنزاف لتشويه صورة القوات المصرية

الرئيس المصري قال في «كلمة للتاريخ» إن السادات أمر باستمرار القتال وقت الثغرة

TT

التف ملايين المصريين مساء أمس حول شاشات التلفزيون المصري لمشاهدة الحلقة الأولى من حوار الرئيس حسني مبارك مع الإعلامي عماد الدين أديب تحت عنوان «شهادة للتاريخ» التي أعلن من قبل أن الرئيس سيجيب فيه عن سؤال حول ما إذا كان سيرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة. وحمل البرنامج التلفزيوني الذي يعد الأول في نوعه مشاهد من تاريخ مبارك وأخرجه المخرج السينمائي شريف عرفة ووضع موسيقاه التصويرية الموسيقار عمار الشريعي. وبعد الدقائق العشر الأولى من الحوار اصطحبت الكاميرا الرئيس مبارك إلى مركز قيادة القوات الجوية وإلى غرفة القيادة المركزية التي تمت فيها التجهيزات والتحضير للضربة الجوية الأولى، وأديرت من داخلها حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 . وكان مبارك قد صرح قبل إجراء الحديث بدخول الكاميرات لأول مرة إلى هذه المواقع حتى يرى الناس على أرض الواقع كيف تمت عمليات التحضير الشاقة التي انتهت بالانتقال من خانة الهزيمة إلى خانة النصر. وكشف مبارك في حديثه عن رؤيته كشاهد عيان ومعاصر لهزيمة 1967. وفتح ملفات حرب الاستنزاف وإعادة تنظيم القوات المسلحة والتدريب والتخطيط للعمليات. ومن داخل غرفة العمليات للقوات المسلحة وغرفة عمليات القوات الجوية شرح مبارك بالتفصيل ماذا جرى وكيف تمت هذه الاستعدادات حيث كان قائدا للقوات الجوية.

وروى مبارك أنه أثناء هزيمة 1967 كان قائدا للواء قاذفات وقائد قاعدة بني سويف الجوية. وقال «في ذلك الوقت كنا في حالة طوارئ مستمرة لمدة 15 يوما، ولدينا طائرات محملة بالقنابل والذخائر وغيرها وفقا لتعليمات قائد القيادات الجوية والقيادة العامة. ومن الطبيعي ان يستمر الطيار لمدة 15 يوما ليلا ونهارا حتى تتعود يده على الطيران، لكن يوم 5 يونيو (حزيران) كان الطيارون منذ حوالي اسبوعين لم يضعوا أرجلهم في أي طائرة لأنه كانت هناك عملية تحديث مكثفة للطيران ليتحمل مزيدا من الاستعدادات للعمليات القادمة. ولم نكن نعرف ما هي العمليات. وفي 5 يونيو صباحا، اتخذنا قرارا بإعادة تدريب الطيارين، لأن الطيار عندما يبتعد لفترة طويلة عن الطائرة القاذفة الكبيرة والثقيلة قد يهاب الطائرة». ويضيف مبارك راويا تلك اللحظات: «في التاسعة وعشر دقائق صباحا تحركت خمس طائرات واحدة تلو الأخرى في تشكيل. وكانت السحب تغطي منطقة بني سويف. ولكننا طرنا واخترقنا السحب. واتجهنا في الصحراء ناحية الفيوم قليلا وكنا سنعود مرة أخرى. ولكن بعد الإقلاع بخمس دقائق، أبلغنا برج المراقبة أن هناك هجوما على المطار، فسألت «هجوم إيه؟»، فقال البرج «المطار بينضرب والطائرات المحملة بتضرب»، فكررت السؤال في دهشة «إنت بتقول إيه؟»، قال «الطيران المحمل بيضرب وهناك طائرات انفجرت واشتعلت بها النيران وجار ضرب بالممر». أصابني الذهول مما قاله، وسألت: وأين سوف ننزل؟ قال«لا تنزل حتى غرب القاهرة». وقال مبارك إنه تولى منصب رئاسة أركان القوات الجوية من 2 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 20 يونيو 1969 عندما تمت ترقيته إلى رتبه عميد قبل دفعتين سابقتين على دفعته وبعد شهر واحد. وفي 2 أغسطس (آب) رقي إلى رتبه لواء وهو ما لم يحدث من قبل.

وقال مبارك « مسيرة حياتي كلها بدون وساطات. لقد تخرجت ملازما ثانيا ومكثت في المقاتلات فترة ثم ذهبت إلى العريش، وبعد عام وبضعة أشهر فوجئت بنقلي إلى الكلية الجوية. وكان النقل إلى مدرسة الكلية الجوية في هذا الوقت لا يتم إلا لمن لديه واسطة. وأقسمت لهم بالله أنني لا اعرف أحدا ولم أتكلم إلى أحد. وذهبت إلى الكلية وبدأت العمل فيها في فبراير (شباط) 1952 حتى 1959 . ثم سافرت ضمن بعثة إلى الخارج للتدريب على القاذفات».

ويحكي مبارك: في حرب الاستنزاف مثلا كنت في لقاء مع الرئيس عبد الناصر في منزله بالمنشية بعد تعييني بـ 10 أيام. وتحدثنا عن القيادة. وجلست معه ساعتين. وأثناء الجلسة كانت طائرات إسرائيلية تأتي من العين السخنة، تدخل وتخرج والعين السخنة لا يوجد فيها شيء طبعا. فانطلقت طائرات غرب القاهرة لمواجهتها. وكان هذا الموضوع يتكرر بشكل مستمر على الرغم من عدم وجود أية أهمية لهذا المكان. ولكن الخبراء الروس كانوا يستغلون هذا الأمر ويحاولون تشويه صورة القوات المصرية لتخويف المواطنين. وعندما تحدث معي الرئيس عبد الناصر في هذا الأمر قلت له «يا ريس العدو سيكرر هذا بشكل مستمر، يدخل ويخرج من القناة حتى نخرج لهم طائراتنا لمواجهتهم فيستهلكون الوقود الخاص بها. فالطيار يستخدم الوقود الاحتياطي. وفي وقت المعركة يلقي الوقود خارج جسم الطائرة. وعندما يبدأ في القتال لن يكفيه الوقود لعودته إلى غرب القاهرة. ولا بد وقتها أن يفتح الماكينة حتى يستهلك الوقود وهم ينتظرون حتى يتأكدوا من أن الوقود لن يكفيه للعودة فيبدأون في التعامل معه وإسقاطه. وبالتالي نخسر كل يوم طائرات بدون داع».

وقال مبارك «إن قرار الحرب والسلام يحتاج إلى حكمة. فلا بد أن يكون القائد الأعلى على وعي كامل بالقوات التي تعمل معه لأنه لا يأخذ قرار الحرب إلا عندما يستدعي التقارير المختلفة ويستمع لوزير الدفاع ويتابع مع القادة حتى يمنحه الثقة، ويأخذ قرارا قويا في حق هذا الوطن، فالمسؤولية كبيرة لأنك في مثل هذه الحالة تأخذ قرار الحرب أو قرار الانسحاب. وعلى سبيل المثال وقت الثغرة كانت القوات ستنسحب لكن الرئيس السادات قال «نستمر في القتال». وكان رأيي مع استمرار القتال».