بوتين في ثلاث زيارات.. هادئة لمصر وعاصفة لإسرائيل ومجاملة لفلسطين

لأول مرة منذ 41 عاما

TT

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غدا أول جولة رسمية له لمنطقة الشرق الأوسط تشمل زيارة كل من مصر وإسرائيل والأراضي الفلسطينية. ورغم أن زيارة الرئيس الروسي لمصر تعد الأولى منذ قرابة 41 عاما، فإنها تبدو بالغة القصر ولن تزيد عمليا عن يوم واحد حيث يصل إليها بعد ظهر غد الثلاثاء، يغادرها في نفس الوقت تقريبا من اليوم التالي قاصدا إسرائيل التي يقضي فيها ليلتين، فيما تقتصر زيارته لأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية على قضاء بضع ساعات. وفي الوقت الذي تتسم فيه زيارة الرئيس بوتين للقاهرة بقدر كبير من الهدوء والفعالية والتركيز على تحقيق اكبر قدر من الوفاق والاتفاق حول مجمل قضايا التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، تقول المصادر الإسرائيلية إنها لن تكون كذلك في إسرائيل حيث من المتوقع ان تدور المباحثات من منظور جدول أعمال عاصف. وقد حرصت المصادر الرسمية والإعلامية الإسرائيلية على إبراز مطالب وتحفظات إسرائيل على ما يدور في روسيا وما يتعلق بسياساتها الداخلية والخارجية. ففيما حرصت المصادر على نقل تصريحات ارييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي حول انه لن يسمح بتسليم أي شخصية يهودية الى روسيا لمحاكمتها هناك تحت أية ذريعة، قالت مصادر روسية إن هناك عددا كبيرا من رجال الأعمال متهمون في قضايا جنائية واقتصادية موجودون في إسرائيل تطالب النيابة العامة الروسية بتسليمهم، ومنهم ليونيد نيفزلين، رئيس المؤتمر اليهودي السابق المتهم في قضية « يوكوس»، وفلاديمير جوسينسكي، امبراطور الإعلام ومؤسس المؤتمر اليهودي الروسي. وكان مارك سوفير، نائب المدير العام للخارجية الإسرائيلية، قد زار موسكو والتقى سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسية، ليعلن في حضوره عن أن اسرائيل تريد في اول زيارة يقوم بها زعيم سوفياتي وروسي لإسرائيل منذ قيامها، مناقشة قضايا معاداة السامية في روسيا. وكان التلفزيون الإسرائيلي في حواره مع الرئيس بوتين في اطار الإعداد للزيارة قد طرح قضية إمداد سورية بالصواريخ الجوالة المضادة للطائرات من طراز «ايغلا» من منظور تهديد أمن اسرائيل، وهو ما سخر منه بوتين برده الذي قال فيه إن الصواريخ ستساهم في الحيلولة دون تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق قصر الرئيس السوري بشار الأسد. وفي الوقت الذي يحاول فيه الجانب الروسي التركيز فيه على نقاط الالتقاء واختزال مساحات الخلاف، يبدو إصرار الجانب الإسرائيلي وشريكه الاميركي واضحا تجاه تأجيج قضية معاداة السامية. وكان ناتان شارانسكي، المنشق السوفياتي السابق ووزير شؤون القدس والدياسبورا في الحكومة الإسرائيلية، قد اشار الى أن روسيا تقف في صدارة الثلاثي الأكثر عداء للسامية مع بريطانيا وأوكرانيا خلال عام 2004. ولم يستبعد ان تتصدر هذه القضايا وكل مظاهر التطرف في روسيا جدول أعمال مباحثات الرئيس الروسي خلال زيارته لإسرائيل. وتناسى شار انسكي وقبله شارون وغيرهما أن روسيا وأوكرانيا كانتا ولا تزالان اكبر مصدر للهجرة البشرية الى اسرائيل بما في ذلك مواطني الاتحاد السوفياتي السابق من غير اليهود. وكان الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، ووزير خارجيته الأسبق ادوارد شيفارنادزه، قد أكدا في أكثر مناسبة في إطار تبرير فتح باب الهجرة السوفياتية الى اسرائيل، أن اليهود السوفيات المهاجرين الى اسرائيل سيكونون قناة اتصال تساهم في خلق الحوار مع الفلسطينيين من اجل التوصل الى تسوية سياسية شاملة في الشرق الأوسط، فيما بادر غورباتشوف بإعلان قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في نهاية اكتوبر ( تشرين الأول) 1991 قبل سفره للمشاركة مع نظيره الاميركي جورج بوش الأب في مؤتمر مدريد للسلام. ولم تكن النتيجة سوى تصدير أكثر العناصر عداء وشوفينية الى الأراضي الفلسطينية، فيما تعمد هؤلاء بناء مستوطناتهم السكنية في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة التي تعترف روسيا والعالم بأنها أراض محتلة.

وفي القاهرة ستتناول مباحثات مبارك وبوتين القضية الفلسطينية والعراق ولبنان وإقليم دارفور وقضايا الإرهاب الى جانب العلاقات الثنائية وزيادة التعاون الاقتصادي. وسيجري التطرق الى توسيع مجلس الأمن ودعم إنشاء جامعة روسية في مصر.