السلطات السودانية تمنع حشدا جماهيريا من استقبال جثمان الخاتم عدلان

TT

منعت السلطات الامنية فى الخرطوم امس حشدا جماهيريا تجمع امام مطار الخرطوم الدولي منذ الصباح الباكر، من استقبال جثمان الخاتم عدلان، الناشط السياسي والاعلامي الذي غيبه الموت السبت الماضي في العاصمة البريطانية لندن.

وقطعت السلطات الطريق امام انصار الخاتم واسرته من تسلم جثمانه واقامة حفل جنائزي له، وقامت بترحيل الجثمان الى مسقط رأسه في جنوب الخرطوم حيث ووري الثرى. واستنكر انصار عدلان واهله الواقعة وتساءلوا: «كيف تخاف السلطة حتى من جثمان عدلان!»، ولم يصدر تعليق حكومي على الواقعة.

وكان جثمان عدلان الذى يتزعم حركة القوى الجديدة الديمقراطية، المعروفة اختصارا باسم «حق»، وصل مطار الخرطوم في الخامسة من صباح امس عبر الخطوط المصرية. وروى قيادي في «حق» لـ«الشرق الأوسط» التفاصيل قائلا: «عندما همّ حشد كبير من أنصار حق وقيادات من تيارات الحزب الشيوعي السوداني، يتقدمهم محمد ابراهيم نقد «زعيم الحزب الشيوعي المعارض الذي خرج من منفاه الطويل اخيرا»، والمحامي «الناشط في مجال حقوق الانسان» غازي سليمان، وأهل الفقيد وذووه وأصدقاؤه، بالدخول الى مطار الخرطوم لتسلم الجثمان منعتهم الاجهزة الامنية هناك من الدخول وأبلغتهم بأنهم سيتسلمون الجثمان امام مركز تجاري شهير جوار المطار».

ومضى القيادي في «حق»: «الجموع انتظرت طويلا في المكان وعرفت من بعد ان الجثمان خرج عبر صالة المغادرة بشكل خاص»، وتابع: «ومن ثم أبلغونا بأن الجثمان سيسلم في ضاحية جبل اولياء 55 كيلومترا جنوب الخرطوم وعليهم ان يتوجهوا الى هناك لتسلم الجثمان والتوجه به الى مسقط رأس الفقيد قرية أم دكة الجعليين، 300 كيلومتر جنوب الخرطوم، ليوارى الثرى هناك». وكشف القيادي في «حق»، ان الحزب كان رتب بأن تتوجه الحشود بعد تسلمها الجثمان مباشرة وبشكل سلمي الى مقر اتحاد طلاب جامعة الخرطوم كبرى الجامعات السودانية الملحق بمباني الجامعة لاقامة احتفال جنائزي هناك لعدلان ومن ثم التوجه بالجثمان الى مسقط رأسه «أم دكة الجعليين» لمواراته الثرى هناك.

واستنكر القيادي في «حق»، وهو عمر صديق تانديك عضو اللجنة القيادية، الواقعة، وقال: «انه شيء محزن ان نحرم من إلقاء النظرة الاخيرة على المناضل عدلان»، وتساءل: «كيف تخاف السلطة حتى من جثمان عدلان»، ومضى الى القول: «هناك من استطاع ان يصل الى مكان دفن الجثمان، لكن الكثيرين لم يتمكنوا من ذلك بسبب تلك الاجراءات الامنية».

ومات عدلان متأثرا بمرض سرطان البنكرياس في منزله شمال لندن، وعرف منذ شبابه كسياسي مبرز في حركة الطلبة، وكثيرا ما تعرض للاعتقال والملاحقة وأمضى في السجون فترات اعتقال وصلت سنواتها الى ثماني سنوات، كلها في فترة حكومة الرئيس السوداني الاسبق جعفر النميري.

ولد عدلان عام 1949، في قرية «أم دكة الجعليين»، احدى قرى اقليم الجزيرة بوسط السودان. ودرس التعليم العام في مدينة مدني، والجامعي في جامعة الخرطوم التي تخصص فيها في علم الفلسفة واللغة العربية. وألف عدلان العديد من المؤلفات، منها «آن أوان التغيير»، التي انتقد فيها التجربة الاشتراكية. كما ترجم العديد من الدراسات الفكرية والمقالات من والى العربية، أشهرها رواية «المترجمة» للكاتبة السودانية ليلى أبو العلا (انجليزي ـ عربي)، ورواية «مذكرو» للكاتب مروان حامد الرشيد. اختلف مع الحزب الشيوعي السوداني، وانتقد النظرية الاشتراكية وشكل حركة سياسية جديدة هي «الحركة السودانية للديمقراطية والتقدم»، التي غيرت اسمها اخيرا الى «حركة القوى الجديدة الديمقراطية» (حق)، واختلف مع رفيقه الحاج وراق الذي أنشأ وأسس حركة القوى الحديثة، المعروفة ايضا بـ«حق».