بعيدا عن القضايا السياسية والاقتصادية العالقة بين المغرب وجارته إسبانيا، مثل الهجرة السرية والصيد البحري ونزاع الصحراء، وبهدف تحقيق مقاربة جديدة للعلاقات بين البلدين، أنجزت للمرة الأولى سلسلة وثائقية مشتركة بين التلفزيون المغربي وقناتي «أبيسا» و«غاليثيا» الإسبانيتين تحمل عنوان «حنان من المغرب إلى غاليثيا، ما يجمعنا».
وقدم العرض الأول للسلسلة الليلة قبل الماضية، بمسرح محمد الخامس في الرباط قبل بثها عبر القنوات التلفزيونية المغربية والإسبانية أواخر مايو (أيار) المقبل. وصور هذا العمل التلفزيوني في مدينة غاليثيا (شمال إسبانيا) وفي عدد من المدن المغربية، مثل مراكش والصويرة وفاس وتطوان والرباط وطنجة والدار البيضاء، وتحكي في ست حلقات، قصة فتاة مغربية اسمها حنان، ولدت بمدينة غاليثيا، من أب مغربي، تقوم برحلة من المغرب الى المدينة الإسبانية يتم خلالها التعريف بالخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلدين الجارين ورصد أوجه التشابه بينهما بغية التقريب بين الشعبين المغربي والإسباني.
وقالت ماريا تيريسا فيرنانديث دي لا فيغا، نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، التي حضرت العرض، انه «يجب إبراز كل ما يجمعنا والغوص في كل الأمور التي نرثها عن بعضنا، وكذا إبراز كل الاختلافات التي نعبر عنها»، مضيفة أن «هذا ما يحاول إبرازه هذا العمل عبر السفر بنا في أعماق التاريخ لمنطقة غاليثيا والمناطق الأمازيغية، أي من المغرب إلى غاليثيا ومنها إلى المغرب».
وأضافت المسؤولة الإسبانية أن «هذا العمل التلفزيوني هو تعبير جيد عن الجدل الثقافي، ويمكن أن يصبح لبنة لأعمال أخرى في المستقبل، للقضاء على النظرة المغلوطة للآخر، وعلى كل الأحكام الجاهزة»، معتبرة أن نتيجته الجيدة ستكون حافزا لتعاون مثمر بين البلدين في المجال المرئي والمسموع.
من جهته، قال محمد نبيل بن عبد الله، وزير الاتصال المغربي الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن «هذا المشروع التلفزيوني يسعى إلى تقديم صورة إيجابية عن المهاجر المغربي، وتحسينها لدى الرأي العام الإسباني»، مضيفا أنه «يكرس الدور الأساسي الذي يقوم به الإعلام المرئي والمسموع في إثراء مجالات التقارب والتبادل والتعاون وخدمة العلاقات الثنائية».
ودعا وزير الاتصال المغربي الصحافيين والباحثين والمفكرين والمهتمين بقضايا التداخل الثقافي والهجرة في المغرب وإسبانيا، إلى مضاعفة مجهوداتهم من أجل تطوير قنوات الحوار، والعمل المشترك لما تفتحه هذه المقاربة من إمكانيات هائلة لإبراز التقارب بين البلدين بشكل يساهم في فتح المزيد من جسور التواصل والتعاون، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، باعتبارهما من المحاور الأساسية للحوار الأوروبي متوسطي.
وأوضح بن عبد الله أن «الخيط الناظم لأحداث هذه السلسلة الوثائقية، هو استعراض المميزات الثقافية المتباينة والموحدة في نفس الآن بين الشعبين المغربي والإسباني، اعتمادا على سرد وقائع تاريخية حية من خلال تجربة طفلة مهاجرة من أصل مغربي، وتقريب الخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمعيشية لكلا الشعبين بعينيها، وبمنظار جديد يحاول تجاوز الصورة المشوهة والكليشيهات الجاهزة التي يروجها البعض عن قصد أو عن غير قصد».
وأوضح فالنتين كاريرا، مخرج السلسلة الوثائقية، أن «مغامرة حنان تتمثل في البحث عما يوحدنا ويقرب بيننا ويغنينا معا ويجعلنا نكتشف آفاقا جديدة ونصبح أفضل متعددين ومنفتحين».
واعتبر كاريرا أنه في إطار مسلسل العولمة، تبرز مخاطر جديدة على التعايش والتقدم واتجاهات نحو الهيمنة والاستغلال وتفاقم الفوارق، لكنها أيضا مناسبة للحوار والتعايش والتعاون والتضامن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقدم.