المغرب: اليسار الاشتراكي والوفاء للديمقراطية يندمجان ويدعوان لتغيير الخطاب السياسي لمواجهة المد الأصولي

TT

أعلن حزب اليسار الاشتراكي الموحد المغربي وجمعية الوفاء للديمقراطية (معارضة)، الليلة قبل الماضية، رسميا عن اندماجهما، وحددا تاريخ 8 مايو (ايار) المقبل موعدا لتوقيع التعاقد السياسي بين الطرفين، يرسمان من خلاله ما أسمياه «الحدود الفاصلة» في التدبير السياسي بين التيارات المكونة لهذا التكتل الجديد.

وأجمع اليساريون، المشاركون في حفل عشاء، مناقشة تمت بالرباط، على أهمية تغيير الخطاب السياسي اليساري للاقتراب أكثر من المواطنين المغاربة، والاستجابة لطموحاتهم لقطع الطريق على المد الأصولي المتعاظم، ومواجهته في مهده.

ولعل تأخر العشاء مدة ساعة ونصف الساعة عن موعده، نظرا لمتابعة المغاربة مقابلة في كرة القدم الإنجليزية، يعد من بين المؤشرات الدالة على أن اليساريين قرروا مراجعة طريقة تعاملهم مع الفئات الاجتماعية المختلفة والخروج عن الخطاب النخبوي الجامد.

ودعا محمد الساسي، رئيس جمعية «الوفاء للديمقراطية»، الى القيام بثورة عقلانية هادئة على التقاليد داخل الأحزاب السياسية التي تعاني شللا تنظيميا، وتنافرا بين مطالبها الديمقراطية وعجزها الدائم عن تطبيقها داخليا.

وأوضح الساسي أن الأحزاب تحتاج الى توقيع تعاقدات توضح بالملموس كيفية تدبير الاختلاف بين مكوناتها وخاصة بين الأقلية والغالبية لضمان تماسكها، وحتى لا تسقط ضحية ما أسماه «صراعات» تمارس بطريقة وحشية وانتحارية، في اشارة للانشقاق الذي شهده حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي كلف المجال السياسي المغربي خسائر، حسب قوله. وطالب الساسي بتوقيع ميثاق شرف مع المواطنين يظهر بجلاء تمسك اليسار الموحد بمبادئه. وأكد الساسي أن اليساريين إذا أرادوا النجاح في مهتمهم، فإنهم مطالبون بإغناء النقاش السياسي داخل صفوف الحزب، وذلك بتكوين حكومة ظل تابعة للبنية الحزبية بمفهومها التقني، تتوفر على برنامج واضح المعالم لكل القطاعات، وتخوض الحملة الانتخابية في الساحات العمومية كحلبة صراع ضد المناوئين للديمقراطية ضمنهم مجموعات الضغط والاقطاعيين والفاسدين.

وأضاف الساسي أن إرجاع ثقة المواطن إزاء رجل السياسة يتطلب عملا دؤوبا، ينطلق من التواصل اليومي مع كافة الشعب المغربي وخاصة الشباب، للبحث معه عن الحلول لمشاكله التي تزداد يوما عن يوما، وتأزم وضعه، مشيرا الى أن العمل الميداني داخل الهيئات النقابية والجمعيات الحقوقية والمنظمات الموازية يعطي ثماره إذا استثمر بشكل جيد.

وجزم الساسي أن الشباب المغربي غير عازف عن السياسة كما يتردد دائما، بل عازف عن الانتخابات، لانه يراها الطريق الأقرب الى حل مشاكل النخبة وليس لحل مشاكل الشعب.

ورسم الساسي لوحة قاتمة عن الوضع السياسي الحالي للمغرب، منتقدا الأحزاب لافتقارها لبرامج ملموسة، ولشيخوخة نخبتها الحاكمة ولغياب الإبداع والمبادرة، وخضوعها الدائم لإملاءات الدولة حتى أصبحت توافق بدون مناقشة عن أي إصلاح تقوم به هياكل الدولة.

ولام الساسي الأحزاب المحسوبة على اليسار لكونها فقدت رأسمالها النضالي وظلت تتخندق في رمزية النخبة، وتركت المجال مشرعا امام التيارات الأصولية، التي تغري بخطاباتها المواطنين، وتستعمل آلية التواصل الشعبوي، وتستغل المشاكل المتراكمة، معبرا عن خيبة أمله لعجز النخبة الحداثية، لا سيما رفاقه الذين وقفوا في نصف الطريق، وأداروا ظهورهم للأحلام التي كانوا يحملونها.

ومن جهته، قال محمد مجاهد، أمين عام اليسار الاشتراكي الموحد، إن الاندماج مع الوفاء للديمقراطية سيطعم التوافق بين مكونات العائلة اليسارية لإحداث قوة جديدة في الساحة السياسية المغربية تخدم المواطنين بتفانٍ شديد، عبر المؤسسات القائمة ضمنها البرلمان والبلديات.

واعتبر مجاهد أن دواعي الاندماج وتوسيع قطب اليسار الديمقراطي، جاءت في سياق الأزمة الشاملة التي يعيشها المغرب في جميع الميادين. وانتقد مجاهد الحكومة المغربية لعجزها عن مباشرة الاصلاحات التي وعدت بها خاصة في المجال لاقتصادي والاجتماعي.