بغداد تتصل بالمتمردين على هامش مفاوضات الحكومة لإشراكهم في العملية السلمية

وسطاء سعوا لدى البعثيين لإقناعهم بالتخلي عن العنف

TT

بينما كانت الحكومة العراقية الجديدة تصارع من اجل التشكل، كثف العديد من الوسطاء المحليين في الأسابيع الأخيرة جهودهم بهدف الوصول الى المتمردين سعيا لإقناعهم بالتخلي عن العنف والتحول الى معارضة سياسية سلمية.

وكانت محاولات سابقة من جانب زعماء عراقيين والجيش الأميركي لإشراك المتمردين في محادثات سلمية قد أخفقت. ولم تتأثر اعمال التفجير والاغتيال والخطف باعتقال صدام حسين وتعيين حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات في يناير (كانون الثاني) الماضي لبرلمان انتقالي. ويأمل بعض المسؤولين العراقيين في أن الحكومة المنتخبة ستقدم لهم حجة مقنعة لاستخدامها ضد التمرد، متمثلة في أنها بعيدة عن ان تكون دمية بيد أميركا، وانها تعبير عن ارادة الشعب في السيادة.

وقال حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية ان «الكثير من المتمردين واصلوا القتال لأنهم ينظرون الى العراق كبلد محتل». واضاف ان مسؤولين حكوميين كبارا كانوا قد التقوا زعماء المتمردين منذ انتخابات الثلاثين من يناير، مشيرا الى انه «لدينا الآن فرصة لإقناعهم بالسيادة العراقية». ولكن حتى مع وجود حكومة جديدة، فان اقناع المقاتلين بإلقاء اسلحتهم سيكون صعبا بسبب الطبيعة الوحشية وغير الموحدة للتمرد واستمرار وجود ما يقرب من 150 ألفا من القوات الأجنبية. وفضلا عن ذلك، فهناك إحساس لدى الأقلية السنية بأنها اصبحت مهمشة في بلاد كانت تهيمن على مقاليد الحكم فيها، ويؤكد بعض السنة المتنفذين على أنه لا يمكن أن يجري حوار حقيقي ما لم ترحل القوات الأجنبية.

وقال الشيخ عمر راغب، المتحدث باسم هيئة علماء المسلمين، ان «الهيئة تعتبر اولئك الذين يستهدفون المحتلين وكل من يساعدهم شرفاء محترمين». وأكد ممثلو سنة آخرون على أهمية مشاركة السنة في الحكومة، مشيرين الى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع سلميا. ووعد الشيعة والأكراد، الذين يهيمنون على البرلمان الجديد، بإشراك مزيد من السنة في الحكومة. وقال ممثلو كلتا الجماعتين انهم اتصلوا بممثلي التمرد في الأسابيع الأخيرة. وعقد أعضاء من المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق سلسلة لقاءات مع هيئة علماء المسلمين التي يعتقد ان لديها صلات مع المتمردين في مسعى لإيقاف العنف قبل الانتخابات. وعقد الأكراد لقاءات مع جماعات المتمردين في شمال العراق. وتأتي هذه الجهود الجديدة بينما يواصل العراقيون تحمل آثار التمرد. وكان اكبر تمهيد معلن قامت به الحكومة الجديدة في اطار التوجه الى المتمردين حتى الآن، دعوة الرئيس العراقي جلال طالباني الى التفاوض مع المتمردين واستعداده لمنح أفراد نظام صدام حسين السابقين حصة في السلطة السياسية. ويمكن ان تؤدي سياسة العفو الى اطلاق سراح بعض السجناء العراقيين ومشاركة أعضاء سابقين في حزب البعث في الحكم. وقد أثارت الفكرة استياء البعض، خصوصا مشرعين شيعة وأكراد يعتزمون تكثيف الجهود لإبقاء البعثيين السابقين خارج الحكومة. وقال الشيخ جلال الدين الصغير، العضو في الجمعية الوطنية وأحد كبار مساعدي آية الله العظمى علي السيستاني، ان «الحكومة لا تمتلك الحق في إجراء مفاوضات مع الارهابيين». ويقول مطلعون ان تباين وصراع الأفكار داخل الحكومة سيجعلان المفاوضات مع المتمردين أكثر صعوبة. وقال الحسني ان «الرسائل توجه بصور مختلفة. فخطة العفو التي اعلنها الرئيس هي نوع من رسالة الى المتمردين، وأولئك الذين قالوا انه لا يمتلك الحق في منح العفو وجهوا رسالة من نوع آخر».

وظل المسؤولون الأميركيون يراقبون هذه الخطوات عن كثب واتسمت مواقفهم بالاحتراس، مع تحذير واحد من أنه لا تمييز بين افراد حرب العصابات الذين قتلوا الأميركيين وأولئك الذين قتلوا العراقيين.

ولفترة زادت على السنة، أقامت الولايات المتحدة محادثات مختلفة مع متعاطفين مع المتمردين. وقاد بعض النقاشات مسؤولون كبار في الحكومة المنتهية ولايتها، وبينهم وزير الدفاع حازم الشعلان ورئيس الوزراء السابق اياد علاوي.

ومن بين العوائق في مجال الصلات مع المتمردين، صعوبة ايجاد الأشخاص المناسبين للتحدث اليهم. ووفقا لمعظم التقديرات، فان التمرد العراقي عمل لا يتسم بالمركزية حيث عشرات الخلايا المحلية تعمل بصورة مستقلة تقريبا. ولم يظهر ممثل لجماعات التمرد معبرا عن مطالبهم. كما أن الحكومة العراقية الجديدة او الجيش الأميركي قد يجد صعوبة في تلبية مطالب المتمردين.

وفي خطبة بجامع ام القرى الشهر الحالي، دعا الشيخ احمد عبد الغفور السامرائي، وهو من كبار زعماء هيئة علماء المسلمين، طالباني الى تنفيذ وعده بالعفو عن السجناء والقيام بكل ما يمكن لوضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من العراق. واعتبر المراقبون السياسيون الخطبة رسالة من جماعات المتمردين. وهناك عقبة اخرى تتمثل في ان ابرز جماعات التمرد، وبينها الجماعة التي يقودها ابو مصعب الزرقاوي، لم تكن طرفا في اية محادثات رسمية.

* خدمة «لوس انجليس تايمز»