سجال طائفي في لبنان يعرقل تعيين بدلاء لقادة أجهزة الأمن المقالين

TT

أفرزت عملية إقالة قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية إشكالية جديدة عندما اصطدمت محاولة تعيين بدلاء لهم باعتبارات طائفية داخل مجلس الوزراء بعد ظهور محاولات لـ «استرداد» مناصب أمنية معينة للطائفة المارونية، احتلها مسلمون مطلع عهد الرئيس اميل لحود الذي عين مسلمين سنة وشيعة في هذه المراكز.

وقد صدرت ردود فعل متفاوتة ازاء هذا الموضوع، اذ رأى الرئيس السابق للحكومة سليم الحص ان «السياسيين الميامين نكسوا امس (الاول) الاعلام اللبنانية... ورفعوا ألوية الطائفية مجدداً». وقال في تصريح ادلى به امس: «في مجلس الوزراء دب الخلاف حول طائفة مدير عام عند البحث في تعيين خلف لمن استقال من القيادات الأمنية، يا للعار...، نحن قوم برعنا بالمزايدة وطنيا، الا اننا نبقى حريصين على الكشف عن وجهنا الطائفي الحقيقي عند كل مفصل وكل مفترق».

إلا أن وزير الاعلام شارل رزق نفى «أن يكون هناك أي انبعاث للجو الطائفي»، لكنه اشار الى انه «حصل نقاش حاد داخل مجلس الوزراء حول بعض الوظائف، ولا سيما وظيفة المدير العام للأمن العام لما تتسم به هذه الوظيفة من الاهمية. وهذا الشيء طبيعي لأن وظيفة المدير العام للأمن العام ومنذ الاستقلال لها اهمية خاصة». مشيراً الى ان «اللواء جميل السيد، سواء أحببناه ام لا، ليس هناك شك في انه اظهر كفاءة كبيرة على صعيد الادارة وعلى صعيد الطريقة التي تولى فيها هذه الوظيفة وللأهمية التي أعطاها اياها». وشدد على «ان النقاش دار (في مجلس الوزراء) حول الكفاءة والمواصفات الفنية والسياسية والاخلاقية التي على مدير الأمن العام التحلي بها». وأكد «ان المسألة ستحسم قريباً وان الحكومة لن تبقي هذا الموضوع مفتوحاً».

وطالبت الرابطة المارونية بـ «العودة الى اعتماد المناصفة في وظائف الفئة الاولى»، لافتة الى «ان تعيين رئيس الجمهورية العماد اميل لحود لمعاونيه في هذه الوظائف، ولو من دون طائفية، وسكوت الموارنة على ذلك لا يعني تكريس حق لغير اصحابه». ورأت «ان طبيعة الخلافات بشأن تعيينات المسؤولين الجدد لبعض الاجهزة والادارات الأمنية، في اول اجتماع لمجلس الوزراء لا تنطوي فقط على طعنة نجلاء مباشرة توجه الى ذلك الترحيب اللبناني الجامع بهذه الحكومة، بل انها تظهر من حيث الاساس منحى طائفيا ومذهبيا خطيرا للغاية بلغ حد الاستهتار». وتساءلت عن «التشبث، اليوم، بتطويب منصب المدير العام للأمن العام للانتماء للمذهب الشيعي.. ان الرئيس لحود، المعروف اصلا بلا طائفيته، فضّل ان يختار العميد سالم ابو ظهر السني لمنصب المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، نظرا لأنه كان هو الآخر من معاونيه ومن المقربين اليه عندما كان قائدا للجيش. كذلك الامر بالنسبة لقائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان السني. علما بأن هذين المنصبين يعودان للموارنة بحسب سلة التوزيع المعتمدة».

إلى ذلك، هاجم النائب فريد مكاري (تيار الرئيس رفيق الحريري) بعنف من وصفهم بـ «المتاجرين بالطائفية»، وقال امس: «ان البعض في لبنان ما يزال يحاول المتاجرة بالطائفية. ولم يدرك ان ثمة تحولات هائلة صنعها الشعب اللبناني في 14 مارس (آذار)... وان اللبنانيين خرجوا من تلك الزاوية التي حوصروا فيها طوال ثلاثين سنة مضت، واصطفوا تحت راية واحدة هي العلم اللبناني، وقفزوا فوق الحواجز الطائفية المصطنعة ليقولوا لمن لم يسمع بعد ان لبنان واحد موحد وان الاجيال لفظت كل شعور طائفي وستنبذ كل متاجر بالطائفية».

يذكر ان اتفاق الطائف نص على إلغاء تخصيص مراكز الفئة الاولى، لكنه أكد على ضرورة تقاسمها بين الطوائف بانتظار إلغاء الطائفية السياسية.