جرجس الخوري سجين على هامش قضية سمير جعجع وشقيقه يصفه بـ «كبش محرقة» في دعوى تفجير الكنيسة

TT

يمكن تصنيف جرجس الخوري سجيناً درجة ثانية وربما عاشرة في سلم الأولويات المتعلقة بالتجاذب السياسي او حقوق الإنسان في لبنان. ويحتاج اللبنانيون إلى مجهود ليتذكروا من هو جرجس الخوري المسجون منذ عام 1994 في سجن وزارة الدفاع في اليرزة (شرق بيروت)، حيث يقضي حكماً بالسجن المؤبد بتهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة في جونيه في 27/2/1994 . وهو مغمور مقارنة مع زميله في التهمة قائد «القوات اللبنانية» المحظورة الدكتور سمير جعجع، لأنه لا يشكل ثقلاً ملحوظاً في الحياة السياسية. وفيما تتجه قضية الإفراج عن جعجع إلى خاتمة سعيدة محتملة، بعد تقديم اقتراح قانون بالعفو عنه إلى المجلس النيابي اللبناني، يبقى مصير الخوري غامضاً.

وكانت منظمة العفو الدولية قد أثارت موضوع جرجس الخوري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في وثيقة تحمل الرقم 2004/003/MD E8 جاء فيها انه لم يسمح لجرجس الخوري بالاتصال بمحامين طوال عملية استجوابه أثناء احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي في الفترة السابقة على المحاكمة، كما انه لم يعرض بلا تأخير على قاض للبت في مشروعية اعتقاله. وأثناء فترة احتجازه السابقة على المحاكمة، دفع جرجس الخوري الى الاعتقاد بأنه مجرد شاهد، ولم يبلغ، كما يقتضي القانون، بالتهم الموجهة إليه. كذلك تعرض، بحسب ما ذكر، للتعذيب والمعاملة السيئة، وقبلت «الاعترافات» التي ادعى أنها انتزعت منه تحت التعذيب كدليل رئيسي ضده لاحقاً في محاكمته».

وأشارت الوثيقة إلى «ان الوضع الصحي لجرجس الخوري غير معروف على وجه الدقة نظراً لعدم السماح له بأن يعرض على عناية طبية مستقلة، بيد انه يعاني من آلام في العمود الفقري والعنق وإحدى ساقيه ومعدته.. ويسمح له باستقبال عائلته كل ثلاثاء وخميس، باستثناء أيام العطل الرسمية، غير ان طلب عائلته بأن يسمح له بالالتقاء برجال دين ويلقى الرعاية الطبية ووجبات طعام من أسرته ووجه بالرفض».

واعتبرت منظمة العفو الدولية «الحبس الانفرادي لفترات معاملة قاسية وضارة بصحة السجين الجسدية والعقلية. ويصدق هذا بشكل خاص على حالة جرجس الخوري، الذي احتجز لأكثر من عشر سنوات في زنزانة انفرادية معزولة وفي مكان لا يعتبر مؤسسة للسجن».

وسام الخوري شقيق جرجس قال لـ «الشرق الأوسط»: «قابلت جرجس الثلاثاء الماضي (26 الجاري). أصبح جلداً وعظماً» (للدلالة على نحوله) وشكا من أوجاع في ظهره ورقبته وساقه. لم يسمحوا لنا حتى الآن بإحضار طبيب لمعاينته، رغم تقدمنا بطلب الى النيابة العامة أواخر العام الماضي، قالوا لي: نحن نعالجه. وفي 17 يناير (كانون الثاني) من العام الحالي قدمت نقابة الأطباء طلباً آخر لكنها لم تتلق اي جواب. أعادت النقابة تقديم طلب تذكير في 10 مارس (آذار).. أيضا لا جواب. اذا كان المسؤولون عنه في السجن يؤكدون انه سليم ومعافى فلماذا لا يسمحون لطبيب من قبلنا بالكشف عليه وإطلاعنا على حقيقة وضعه الصحي؟».

درس جرجس الإلكترونيات. وكان يميل الى دخول سلك الكهنوت. انتسب الى جامعة «الروح القدس» عام 1986 عام 1988 انتسب الى جهاز أمن «القوات اللبنانية» وبقي حتى منتصف عام 1992. يقول شقيقه انه «لم يحمل سلاحاً ولم يرتد بزة عسكرية. اقتصر عمله على اختصاصه في المعلوماتية».

ويورد وسام «ان سبب تحويله (جرجس) الى كبش فداء في جريمة (سيدة النجاة) نابع من حادثة تعرض لها شقيقه أنور اثر خلاف كنسي على احد الأديرة، اذ تم استجوابه فقال في إفادته انه زار إسرائيل مع جرجس وحج الى القدس. بعد الانفجار أعيد توقيف الراهب أنور، ومن ثم اعتقل جميع أفراد العائلة حتى شقيقتي الصغيرة فيرا ولم تكن تتجاوز آنذاك العاشرة من عمرها، وذلك للضغط على جرجس الذي كان قد توارى عن الأنظار».

ويضيف: «عاد لينقذنا فسلم نفسه في 15 مارس 1994 . سأله الضابط: لماذا هربت، نحتاج إليك لمدة عشر دقائق في وزارة الدفاع؟ سؤال وجواب فقط. في اليوم التالي، نشرت الصحف نقلاً عن مصدر أمني انه تم الإمساك برأس الخيط في قضية الكنيسة. في الأيام التالية أشيع ان المسؤولين عن الجريمة هم من المتعاملين مع إسرائيل... اعتبروا ان جرجس هو ضابط ارتباط مع إسرائيل. ولم يقدموا اي دليل على ذلك. قدمنا شهادات ووثائق تؤكد براءته، لكنها لم تؤخذ في الاعتبار. بقي تحت التعذيب شهراً ونصف شهر. واجبر على توقيع أوراق لم يعرف ما فيها حتى وصل الى مرحلة نسي اسمه خلالها».

وأشار وسام الى ان العائلة كلها بقيت ملاحقة حتى بعد صدور القرار المبرم. وقال: «لا أستطيع ان اصف وسائل التعذيب التي تعرضت أنا وأشقائي لها. ما زالوا يضايقوننا حتى الآن. ويستدعوننا الى مراكز المخابرات، لا سيما عند حصول اي إشكال أمني. الحجة دائماً أننا أشقاء». واليوم في ظل الحديث عن إطلاق سراح الدكتور سمير جعجع ما هو وضع جرجس الخوري؟

النائب غسان مخيبر قال لـ «الشرق الأوسط» ان المفروض ان يشمله قانون العفو بعد تعديله، رغم ان تهمة تفجير كنيسة سيدة النجاة «ثبتت عليه وليس كما هي حال جعجع، حيث لم تتوافر الأدلة للإثبات». وسام يأمل «ان يشمل قانون العفو جرجس» لكنه يشعر ان لا احد يطرح قضيته، في «القوات اللبنانية» او على صعيد المسؤولين في الكنيسة «لا احد يذكره.. هو كبش محرقة. ولولا زيارة الوفد النيابي له في 27/11/2004 ومعاينتهم أوضاعه عن كثب، لبقي منسياً».

وقبل الحديث عن إطلاق سراح جرجس يوضح وسام «ان الأولوية هي لوضعه الصحي». وفيما يؤكد ان الوثائق التي تبرهن عن براءة شقيقه ستظهر ذات يوم، يتمنى ان لا يتم استثناؤه من قانون العفو.