إسرائيل تتهم الرئيس الروسي بالخداع وترفض حتى اقتراحه المعدّل للمؤتمر الدولي

TT

رغم محاولات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، العديدة لإرضاء اسرائيل وحديثه عن «التحالف الاستراتيجي معها في مكافحة الإرهاب الدولي»، فقد هاجمه مسؤولون اسرائيليون كبار وقالوا ان مواقفه تتسم بالازدواجية والخداع «فهو يتكلم عن السلام وعن مكافحة الارهاب، لكنه في الوقت نفسه يصر على تزويد أشرس أعداء اسرائيل مثل سورية وايران وهما أكبر دولتين داعمتين للارهاب في العالم بالأسلحة المتطورة، وبخبرات التسلح النووي». وجاء هذا الهجوم، على لسان مسؤولين كبار في المؤسسة العسكرية الأمنية. وتعمد أصحابه إطلاقه، صباح أمس، قبل ان ينهي بوتين زيارته الى اسرائيل ويتوجه الى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن).

ورأى عدد من المراقبين ان هذا الهجوم لم يكن مجرد نفاق اسرائيلي للقيادة الأميركية التي تعارض أي دور جاد لروسيا في الصراع في الشرق الأوسط، بل هو تعبير عن الغضب من عدة مواقف حازمة اتخذها بوتين ضد السياسة الاسرائيلية خلال زيارته، وقالوا انها كانت بعيدة عن أصول الدبلوماسية. فعندما طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، من الرئيس الروسي ان يضغط على ابو مازن كي يكافح الارهاب بحزم ويكف عن سياسة المسايرة والتهادن مع التنظيمات المسلحة الفلسطينية، أجابه بأنه يرى ان أبو مازن أحدث ثورة في السياسة الفلسطينية باتجاه النهج السلمي وان الضغوط الاسرائيلية عليه تغذي عناصر التطرف والارهاب ودعاه الى القيام بخطوات ملموسة وجادة لمساعدة ابو مازن في مهماته الشاقة وازالة العقبات من طريقه بواسطة تخفيف معاناة الفلسطيني البسيط في حياته اليومية.

كما أن اسرائيل، لم تشعر بالارتياح من الطلب الروسي الملح، خلال هذه الزيارة، بأن تكف عن استقبال اللصوص وقادة المافيا الروسية الذين هربوا بالمئات الى الدولة العبرية وهم يحملون مليارات الدولارات من العملات الصعبة التي تحتاجها روسيا لإنعاش اقتصادها. ورفض شارون بشدة التعاطي مع هذا الموضوع وقال ان اسرائيل لا تسلم أحدا من سكانها الى دولة أجنبية، وأقصى ما توافق عليه هو الاتفاق مع روسيا على حماية المواطنين من شركات الافلاس وتبييض الأموال، ولكن فقط في إطار القانون الاسرائيلي وعبر المحاكم الاسرائيلية، علما بأن بوتين بدا وكأنه جاء الى اسرائيل بالأساس من أجل تغيير الموقف من هذا الموضوع. وكان بوتين قد تراجع في اسرائيل عن الاقتراح الذي أعلنه في القاهرة باستضافة مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط في الخريف المقبل، بل ان وزير خارجيته، سيرجي لابروف، الذي رافقه في الزيارة قال ان هناك سوء فهم للاقتراح، ربما حصل بسبب خطأ في الترجمة. وان الاقتراح الأصلي هو عقد مؤتمر يضم خبراء من الجانبين، الاسرائيلي والفلسطيني، بمشاركة خبراء دوليين من عناصر اللجنة الرباعية (روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، يعملون بشكل مهني على دراسة مواضيع الخلاف بين الطرفين والبحث عن حلول مهنية لها بعيدا عن المصالح الضيقة لكل طرف. وأوضح ان مثل هذا المؤتمر لا يأتي للتفاوض بدل الأطراف، انما هو محاولة مخلصة لإزالة العقبات في طريق مسيرة السلام ودفع هذه المسيرة الى الأمام، وأكد ان الفكرة هي ما زالت في طور الاقتراح الذي تنوي روسيا بحثه مع الأطراف المعنية ولن تتقدم به ولن تطوره إلا برضى الطرفين.