الجزائر: صراع داخلي واتهامات متبادلة بين المشرفين على «لجنة العفو»

TT

تعرف «لجنة العفو الشامل» ، التي تسعى لتجسيد مشروع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الهادف لطي صفحة الاقتتال بين الجزائريين، صراعا داخليا كبيرا ميزته سلسلة من الاقصاءات والتهم المتبادلة بـ «السعي لتحقيق مآرب شخصية على حساب مبدأ نبيل».

ومن آخر تطورات الوضع داخل اللجنة، قرار رئيسها عبد الرزاق اسماعيل اقالة أربعة من القيادات، أهمهم نائب الرئيس نور الدين سليماني، وهو ناشط سابق في «الجبهة الاسلامية للانقاذ» المحظورة، وقاسم كبير، وهو قيادي مقصي من حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده رئيس الحكومة أحمد أويحيى. وحاولت القيادات المبعدة ، تنحية اسماعيل من اللجنة بدعوى أنه حولها الى «هيكل ملحق بحزب التجديد الجزائري» الذي يعد اسماعيل أمينه العام.

والتحق بصفوف المناهضين لاسماعيل الرئيس الشرفي للجنة والرئيس الأسبق للجزائر أحمد بن بلة. وقال اسماعيل في بيان أمس تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه ان «الضجة التي تثار حول رئاسة اللجنة ومقرها، مفتعلة ولا مبرر لها سوى محاولة البعض ابعاد اللجنة عن أهدافها السامية التي ظهرت للوجود من أجل تحقيقها».

وجاء في البيان أن رئيس اللجنة طلب من منشطيها بذل مزيد من الجهود لإنجاح مسعى العفو الشامل، ودعاهم الى عدم الاكتراث بـ «الحملة الاعلامية التي تشن على اللجنة». وتحدثت «الشرق الأوسط» مع اسماعيل هاتفيا حول القلاقل التي تهز اللجنة، فقال «إن الأمر لا يعدو أن يكون مناورة من طرف أعداء العفو الشامل لتكسير الاطار الذي يحتضن هذا المشروع، فقد تأكد لبعض المناورين أن شعبية اللجنة تزداد يوما بعد يوم وأنها جادة فعلا في تحقيق ما يسعى اليه الرئيس بوتفليقة».

من جهته يقول الناطق باسم اللجنة والاعلامي المعروف في الأوساط الرياضية مراد بوطاجين، إن الكثير من الأشخاص «يتهافتون على احتلال مواقع الريادة في اللجنة ، وهؤلاء تعودنا على رؤيتهم في المواعيد الانتخابية فقط. ففي الولايات نصب العديد من الأشخاص أنفسهم مسؤولين على اللجنة فاتصلوا بالأغنياء ووجهاء الولايات لجمع المال وزعموا أنهم مفوضون من بوتفليقة لتحقيق مشروعه، وتمكنوا من جمع مبالغ ضخمة تحت غطاء البحث عن هدف نبيل». وأضاف بوطاجين لـ«الشرق الأوسط» أنه قرر الابتعاد عن اللجنة مؤقتاً «لما لاحظت أن الجو مكهرب وأن حربا ستشتعل قريبا بين الذين يتبادلون الاتهامات».

ولاحظ متتبعون لملف العفو الشامل، أن الصراع داخل اللجنة التي ترعاها رئاسة الجمهورية، نشب حتى قبل أن يكشف الرئيس عن محتوى مشروعه، خاصة الفئات التي سيطالها مشروع العفو الشامل. وتكثف جميع الأحزاب التي ساندت الرئيس بوتفليقة في انتخابات الرئاسة العام الماضي، من تجمعاتها ولقاءاتها بالمواطنين تحضيرا لاستفتاء العفو الشامل الذي يفترض أن ينظم قبل نهاية العام الجاري. وجميع قادة الأحزاب يساندون مشروع بوتفليقة بلا تحفظ مع أنهم يعلنون جهلهم به، الا رئيس الحكومة ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي الذي رفض الترويج للمشروع على أساس أنه يجهل تفاصيله، مع أنه عضو في «التحالف الرئاسي» المساند لبوتفليقة. وسبق أن قال لمن سأله حول القضية: «العفو الشامل مشروع، حقوق تأليفه تعود الى صاحبه»، ما يعني أن بوتفليقة هو الوحيد الذي يستطيع التحدث عنه.