مراسل «الشرق الاوسط» في موقع الانفجار: صوت الانفجار المدوي أعقبه صمت ثم رعب وجثة بدون رأس

الشرطة طوقت المكان بعد 5 دقائق وارتياح في الشارع لعدم وفاة أجانب

TT

في الثالثة وخمس عشرة دقيقة من بعد ظهر أمس بالتوقيت المحلي لمصر، كان أحد مراسلي «الشرق الأوسط» بالقاهرة على موعد مع صديق على أحد المقاهي المجاورة لفندق «هيلتون رمسيس» بميدان عبد المنعم رياض بوسط القاهرة، حينما دوى صوت انفجار ضخم على بعد عدة أمتار من المقهى، فأسرع مراسلنا إلى مكان الانفجار ليكتب ما شاهده: سمعت صوت انفجار قوي، جعل حالة مباغتة من الصمت والذعر تعم المكان المزدحم بالسيارات في وقت الذروة، فنظرت خلفي ناحية الصوت، سألني شخص بجواري: فيه إيه؟ قلت واضح أنه انفجار، فقال ثالث: لا يمكن ربما حادث سير. أسرعت نحو المكان الذي كان يبعد عني عدة أمتار، شاهدت دخانا كثيفا يخرج من مكان الصوت. توقفت السيارات من الاتجاه المقبل من ناحية شارع الجلاء والمتجهة لكورنيش القاهرة، عندما شاهدنا الدخان. بعد ثوان قليلة من صدور الصوت أصبح لدينا يقين بأن هناك انفجاراً بالفعل. أول ما شاهدنا رجل وسيدة يظهر أنهما أجنبيان، كان وجه الرجل مغطى بالدماء واتضح أنه تعرض لإصابات في وجهه وفي المنطقة العليا من كتفه، بينما كانت إصابة السيدة أقل، أمسكت السيدة بمرافقها وابتعدا عن الانفجار بحوالي عشرة أمتار. وفي مكان الحادث رأيت جثة لشخص ثالث ملقى على ظهره على الأرض ومنفصل رأسه عن باقي جسده، وتناثرت أجزاء أخرى من جسده. ثوان قليلة وحضرت قوات من الشرطة، بينما كان هناك شخص آخر مصاب يحاول الابتعاد عن موقع الحادث، وعدد آخر إصابتهم محدودة.

عندما اقتربنا من مكان الحادث علت أصوات «ابتعدوا عن المكان.. فيه قنبلة ثانية»، فتراجعنا خائفين ولا نعرف أين نتجه، بينما توقفت السيارات تماماً سواء المقبلة من ناحية الكورنيش إلى منطقة وسط القاهرة أو العكس واتجهت حركة السيارات ناحية كوبري 6 أكتوبر الذي وقع تحت جسمه مباشرة الحادث في المنطقة خلف المتحف المصري. ورغم أن هذا المكان يعد من أكثر المناطق في مصر ازدحاماً، إلا أن النقطة التي حدث فيها الانفجار غير مزدحمة نسبياً لأنها تشكل ركناً صغيراً ملاصقاً للنفق الذي يصل بين موقف سيارات عبد المنعم رياض والمتحف المصري، ومحاط هذا المكان بسور حديدي.

أخذت أتفحص المكان للبحث عن أية آثار للتفجير، لكن يبدو أن القنبلة المستخدمة في التفجير كانت صغيرة ولم تسبب أية أضرار مادية في المنطقة ولم يظهر من نتائج الحادث سوى الأجزاء المتناثرة من جسم القتيل الوحيد والذي كان يرتدي بنطلوناً أسود وقميصاً لونه سماوي، واتضح لي أن جسده يختلف عن أجسام السائحين الآخرين واللذين يميلان إلى النحافة ويرتديان ملابس يبدو في مظهرها أنها أجنبية، بينما كان بنطال صاحب الجثة من قماش عادي وواسع مثلما يرتدي عادة المصريون.

مرت خمس دقائق على الحادث وأحاطت به قوات الشرطة وحضرت سيارة اسعاف وأخذت المصابين الأجنبيين (الرجل والسيدة) والذي بدا أن إصابتهما ليست خطرة رغم وصول إصابات لوجه الرجل بينما كان يسيل دم من كتف السيدة الأيسر والذي اتضح أنها في العقد الخامس من العمر وصعد الاثنان لسيارة الاسعاف على قدميهما.

بسرعة تكاثفت قوات الشرطة وأحاطت بالمكان وأخذت الكلاب البوليسية تفتش في السيارات المتوقفة بالقرب من الحادث وأخذ أحد الضباط يفتش أحد الأكياس البلاستيكية وتم حصار موقع الحادث ومنع المرور به وتجمع عدد كبير من المواطنين أغلبهم من الشباب بجوار تمثال عبد المنعم رياض على بعد خطوات من موقف السيارات وبدأوا يرددون هتافات معادية لإسرائيل «تسقط إسرائيل» ولكن تم ابعادهم من المكان. وحضر في هذه الأثناء رجال المعمل الجنائي وبدأوا يتفحصون الجثة، وبعد ما لا يزيد على 25 دقيقة كان اثنان من ضباط أمن الدولة الذين كانوا موجودين في مكان الحادث يتحدثان معا ويقول أحدهما للآخر: هناك شبهات أن يكون الذي فجر نفسه هو أحد المتهمين الهاربين في حادث تفجير الأزهر والذي وقع في 7 ابريل الماضي، وهو ايهاب ياسين، وأخذ يسرد أن رجل البحث الجنائي قارن صورته بوجه الرجل الذي انفصلت رأسه عن جسده ولقي حتفه في الحادث.

غادرت مكان الحادث إلى مقر عملي وفي أذني تتردد أصوات الكثير من المصريين الذين تزامن هذا الحادث مع خروجهم من عملهم وهم يرددون «حسبنا الله ونعم الوكيل»، بينما وجدت قوات أمن بكثافة فوق كوبري 6 أكتوبر الذي يقع أسفله الحادث، وذلك لتأمينه.