تحديات كبيرة تنتظر حكومة إبراهيم الجعفري غير الكاملة في مقدمتها معالجة الوضع الأمني وصياغة دستور دائم

على رئيس الحكومة أيضا إرضاء السنة ومنع الوزراء الشيعة من «تطهير» وزاراتهم

TT

بغداد ـ رويترز: تمكن العراق من تشكيل حكومة بعد أشهر من المفاوضات بين الفصائل المتصارعة، لكن التحديات المقبلة تبدو اكبر كثيرا مما تحقق حتى الان. ورغم تهنئة الرئيس الأميركي جورج بوش الذي أشاد بالاعلان عن تشكيل حكومة انتقالية غير كاملة الخميس الماضي، فان البلاد لا تزال على حد السكين.

وليس التعامل مع العمليات المسلحة حيث تشن عشرات الهجمات يوميا والحفاظ على تماسك الحكومة، وارضاء الاقلية السنية، والحد من عمليات التطهير في جهاز الخدمة المدنية التي قد تؤدي للطائفية، وصياغة دستور دائم، سوى بعض من المشكلات التي يواجهها العراق. وقالت روزماري هوليس مديرة الابحاث في المعهد الملكي للشؤون الدولية ببريطانيا «الأمر ضبابي الى حد يصعب معه القول بأن تغيرا تحقق». وأضافت «لا اظن أننا سنعرف على نحو مماثل كيف ستصمد الامور حتى هذا الوقت في العام المقبل... ومن الآن الى أن يحين ذلك فان البلد كله قد ينهار وينزلق الى حرب أهلية». وربما تكون الحرب الاهلية اسوأ سيناريو محتمل، لكن حقيقة انها احتمال مطروح تدل على الغموض الذي يلف مستقبل العراق.

وعندما رفع الستار في النهاية عن الحكومة بعد مرور ثلاثة أشهر على اجراء الانتخابات تبين أن مناصب نائبي رئيس الوزراء وخمس وزارات من بينها وزارة رئيسية مثل الدفاع والنفط ظلت شاغرة بسبب الخلافات المستمرة. وقال رئيس الوزراء المكلف ابراهيم الجعفري انه يأمل في تعيين وزراء دائمين في غضون أيام قليلة، لكن ذلك امر بعيد عن اليقين حيث يطالب نائب الرئيس السني بحق الاعتراض على التعيينات.

ويجب على الجعفري ألا يستكمل تشكيل حكومته في الاسابيع المقبلة وحسب، بما يرضي قاعدته الانتخابية الشيعية والسنة المتململين، وانما يتعين عليه منع الوزراء الشيعة من تطهير وزاراتهم وبدء برنامج يتصدى للعنف الذي يزداد وأن يشرع في صياغة دستور. وربما يثبت أن ذلك كله كثير جدا على رجل تصفه هوليس بأنه «عميق الفكر وموثوق به»، لكنه «ربما ليس شريرا بما يكفي».

والعمليات المسلحة هي أكبر تهديد مباشر بعد احتمال تزايد الخلافات قبل الانتهاء من تشكيل حكومة. وفيما تواصلت المشاورات حول تشكيل الحكومة وتلاشى التفاؤل الذي أوجدته الانتخابات العراقية على مدى الاسابيع العديدة الماضية، صعد المسلحون من حملة العنف التي يشنونها منذ عامين وزادوا من هجماتهم التي تستهدف القوات العراقية. والامل معقود على أن تدرب القوات الأميركية الجيش والشرطة العراقيين وقوات الأمن الاخرى، وأن تتمكن هذه تدريجيا من الاضطلاع بمهمة محاربة العمليات المسلحة. لكن الادلة قليلة الى الان على أنها مستعدة للاضطلاع بهذه المهمة الشاقة.

ويعتقد توبي دودج، وهو خبير في شؤون العراق في كوين ماري كولدج بلندن وكاتب تقرير حديث بعنوان «مستقبل العراق.. في أعقاب تغيير النظام»، أن «التحدي الاكبر هو بناء دولة قادرة على البقاء ثم نرى ان كانت السيطرة على العنف ممكنة».

وقال «من الواضح أن التركة التي أورثها الاحتلال الأميركي للحكومة العراقية الجديدة ثقيلة». وأضاف «الدولة العراقية اليوم غير موجودة بأي شكل له معنى». ويرى أنه يتعين على الحكومة أن تطور استراتيجية لمد يدها الى المتشددين الذين يقفون وراء الهجمات المسلحة، لكنه يشك في استعداد زعماء الشيعة لتبني هذا المنهج المحفوف بالمخاطر. ويتوقع أن يتسم مستقبل العراق «بفترة طويلة ودامية جدا من عدم الاستقرار المستمر» اذا لم تسع الحكومة الى شكل ما من التفاوض.

لكن ليست الهجمات المسلحة فقط هو ما ينتظره العراق. واذا كان للعراق أن يصبح بلدا ديمقراطيا مستقرا في الشرق الاوسط، وهو ما يعتقد بوش أنه ممكن، يتعين عليه أن يحرز تقدما في مهام أساسية مثل صياغة دستور دائم. والمهلة المحددة لذلك حسبما جاء في قانون الدولة الانتقالي الذي ساعدت واشنطن في صياغته هو 15 أغسطس (آب) المقبل أي في غضون ثلاثة أشهر ونصف الشهر فقط. واستغرق تشكيل الحكومة فترة مماثلة تقريبا. وستركز المشاورات حول الدستور على قضايا جوهرية جدا بالنسبة للعراق من تركيبه الطائفي والعرقي الى تاريخه الذي يكمن خلف انقساماته لتكشف عن خطوط الصدوع التي جرى لمسها فقط اثناء تشكيل الحكومة.