محققون يعثرون على مقبرة جماعية في جنوب العراق تضم 1500 جثة لأكراد أعدموا قبل نحو 20 عاما

بين الضحايا عدد كبير من الأطفال والنساء يعتقد أنهم من ضحايا حملة «الأنفال»

TT

بغداد ـ ا.ب: قال محققون انه جرى الكشف عن مقبرة جماعية جديدة بالقرب من السماوة على بعد 230 ميلا الى الجنوب الشرقي من بغداد تضم نحو 1500 جثة. وأوضح محققون ان واحدة من الجماجم التي عثر عليها تعود لسيدة مسنة، فيما تعرف خبراء الأدلة الجنائية على هيكل عظمي لفتاة لا تزال ممسكة بحقيبة يد. وتقف المقابر الجماعية التي تضم هياكل عظمية للأكراد، الذين دفنوا في المواقع التي اعدموا فيها قبل نحو عشرين عاما تقريبا، شاهدا على وحشية نظام صدام حسين. وكان خبراء الأدلة الجنائية قد فحصوا هذا الاسبوع المقبرة الجماعية الجديدة التي اكتشفت بمنطقة السماوة على نهر الفرات بغرض جمع ادلة لمحاكمة صدام حسين وكبار معاونيه على عمليات القتل الجماعي التي طالت الأكراد والشيعة على مدى ما يزيد على 30 عاما من وجوده في السلطة. ومن المعتقد ان رفات الاشخاص الذين عثر عليهم في هذه المقبرة الجماعية التي تضم 18 حفرة طولية، تعود الى الأكراد الذين قتلوا خلال عامي 1987 و1988 خلال حملة الأنفال. وقال محققون ان هذه الرفات تعود لمدنيين وعلى وجه التحديد نساء وأطفال. جدير بالذكر ان مئات الآلاف من الأكراد اما قتلوا او اخرجوا من ديارهم في شمال العراق خلال حملة الأنفال. وتضمنت حملة الأنفال الهجوم الكيماوي الذي تعرضت له مدينة حلبجة الكردية. فقد كان نظام صدام حسين بصدد تنفيذ برنامج لإخراج الأكراد من ديارهم في شمال العراق ليحل محلهم العرب. ودفن معظم الأكراد الذين قتلوا خلال حملة الأنفال في صحراء العراق الوسطى او الجنوبية. وقال وزير حقوق الانسان في الحكومة العراقية الانتقالية السابقة، بختيار امين، ان نصف مليون كردي قتلوا وأن 182 ألفا لا يزالون في عداد المفقودين. وأضاف امين قائلا انه «لا بد من معرفة حقيقة ما حدث حتى يتم التعامل مع هذه القضية على نحو منصف وعادل بدلا من الانتقام». وقال محققون انه من المقرر ان تستخدم اول 100 قطعة من رفات حوالي 1500 شخص في المقبرة الجماعية الجديدة لتحديد سبب الوفاة وهوية الضحايا وأصولهم. جدير بالذكر ان بطاقات هوية وجدت ضمن رفات 15 من الضحايا تشير الى انهم أكراد يقطنون قرى في كردستان العراق. وقال خبير في مجال الأدلة الجنائية ان ملابس الضحايا الذين وجدوا في هذا المقبرة الجماعية تؤكد انهم أكراد. وأضاف قائلا ان عددا كبيرا منهم كان يرتدي افضل ما لديه من ملابس وكأنهم ابلغوا بأنه سيجري ترحيلهم الى مكان جديد. ومن أبرز المتهمين في استخدام الاسلحة الكيماوية ضد الأكراد صدام حسين وعلي حسن المجيد، المعروف بـ«علي الكيماوي». ويصف محققون المقابر الجماعية بأنها دليل على ارتكاب الجرائم على نحو منظم وواسع على مدى سنوات طويلة. وقال خبير في الادلة الجنائية يعمل مع فريق التحقيق انه عرفت بعض المعلومات حول المقابر الجماعية الجديدة والاشخاص الذين دفنوا داخلها. وأوضح ان 63 في المائة من الضحايا من الأطفال او الفتية والفتيات الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما. كما أكد ان 10 منهم من الرضع. ومن المعتقد ان اليوم الذي قتل فيه هؤلاء كان يوما ممطرا لأنهم سقطوا على وحل عقب مقتلهم. ويرجح المحققون ان يكون الضحايا قد قتلوا بواسطة زخات من الرصاص من بنادق «أي كي 47» الآلية الروسية التصميم. وقال بختيار أمين ان اعمال التمرد المستمرة بواسطة السنة وبقايا البعثيين تعرقل عمليات التحقيق. وأضاف قائلا ان نفس الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجرائم هم نفسهم الذين يحاولون منعه من إجراء هذا التحقيق. تجدر الاشارة الى انه لم يتحدد تاريخ بعد لمحاكمة صدام حسين و11 من كبار معاونيه. وقال قاضي التحقيق رياض جوحي، الذي ترأس الجلسة الإجرائية لمحاكمة صدام حسين في يوليو (تموز) الماضي، قال إن المحكمة العراقية الخاصة استجوبت ما يزيد على 1000 شاهد في ما يتعلق بحملة الأنفال. وأضاف قائلا ان من حق أي قاض التحقيق مع المتهم اذا توصل الى أي دليل ضده، كما أشار ايضا الى ان بعض الشهود كانوا «متعاونين» من دون ان يدلى بالمزيد من التعليق. من جانبه قال بختيار امين انه يريد ان تساهم الحكومة بنسبة 5 في المائة من عائدات النفط لتعويض ضحايا صدام حسين. وأضاف معلقا ان الشفقة والتعاطف وحدهما ليسا كافيين، اذ لا بد من عمل شيء ملموس لضحايا نظام صدام حسين.