المغرب: مركز حقوقي يحذر من ارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي ويطالب باسترداد الاموال العامة المنهوبة

الرباط : أحمد الأرقام

TT

حذر المركز المغربي لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية) من ارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي بالمغرب في حالة عدم متابعة المسؤولين المتورطين في قضايا جرائم اختلاس المال العام، واسترجاع الأموال المنهوبة، وعدم فتح ملفات الاختلالات المالية التي تشهدها بعض المؤسسات العمومية.

واعتبر تقرير المركز لعام 2004، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، عدم البت في حالات نهب المال العام الذي شهدته مؤسسات عمومية، ضمنها: القرض العقاري والسياحي، والقرض الفلاحي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وصناديق التقاعد وغيرها، تشجيعا للنهابين لمواصلة ما سماه عملية تفقير البلاد واشعال فتيل الاحتقان الاجتماعي والحيلولة دون تحقيق التنمية الشاملة.

ولاحظ التقرير، بطئا في المتابعات القضائية لبعض المتورطين في بعض المؤسسات، إذ لم يتم استرجاع الأموال المنهوبة ولا محاكمة المتهمين، في الوقت الذي ضخت الدولة أموالا عمومية لإعادة هيكلة تلك المؤسسات، واصفا هذه الإجراءات بخرق سافر لمبادئ الاتفاقية الأممية لتجريم الفساد التي التزم بها المغرب.

وطالب المركز من الحكومة المغربية تحديث وتأهيل التشريع المرتبط بحماية المال العام ومكافحة الإثراء غير المشروع، عن طريق سن قانون مكافحة تبييض الأموال، ومعالجة قضايا الاختلاس بعيدا عن منطق الإثارة أو المتاجرة والمزايدة السياسية، ضمانا للأهداف النبيلة التي من أجلها تتم محاربة الفساد والمفسدين، مشيرا الى ضرورة دعم الهيئة المغربية لحماية المال العام من قبل المنظمات الحقوقية والمدنية قصد منحها القوة الاقتراحية الكافية والسلطة التمثيلية اللازمة لإسماع صوتها لدى المسؤولين وخاصة الجهاز القضائي.

وطالب المركز الحكومة المغربية بوضع سياسة جدية وواضحة لحماية المستهلك ارتباطا مع التحولات الكبيرة التي شهدتها أنماط الاستهلاك والانتاج، وذلك عبر تحديث الترسانة القانونية المتعلقة بالمستهلك انسجاما مع الحقوق الأساسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويرى المركز المغربي أنه رغم المجهودات المبذولة من قبل الحكومة في محاربة السكن غير اللائق، فإنها لم تستطع اتخاذ تدابير عاجلة للقضاء على مدن الصفيح بالمحافظات الكبرى، إذ ما زال العديد من المواطنين المستقرين في هذا المجال السكني محرومين من أبسط متطلبات الحياة ، كالماء الصالح للشرب والكهرباء وشبكة الصرف الصحي، والمرافق الاجتماعية والثقافية والترفيهية، كما سجل التقرير ضعفا في تمويل ذوي الدخل المحدود لبناء مساكنهم جراء ارتفاع نسبة فوائد الاقراض، وفشل الحكومة في إخراج قانون يجرم كل الممارسات التي تساعد على انتشار السكن العشوائي أو الغش في البناء. وعلى مستوى الصحة والشغل، أكد المركز المغربي على ضرورة التزام الدولة بمجانية العلاج وتوفير الخدمات الصحية الوقائية لفائدة جميع الشرائح الاجتماعية وعلى كافة التراب المغربي في إطار توزيع متكافئ، لا فرق بين المدن الكبرى والبوادي، وحمل تقرير المركز مسؤولية ارتفاع البطالة في المغرب خاصة لدى حاملي الشهادات العليا وتسريح العمال، الى الحكومة المغربية.

وقال خالد الشرقاوي السموني رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن المغرب خطا خطوات مهمة في مجال حقوق الإنسان منذ بداية التسعينيات، بفضل نضال المنظمات الحقوقية والمدنية والنقابية والسياسية، إذ تم الافراج عن العديد من المعتقلين السياسيين، وإحداث مؤسسات كفيلة بحماية الحقوق، كالمحاكم الإدارية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وديوان المظالم والمجلس الأعلى للمرئي والمسموع وهيئة الانصاف والمصالحة، وقوانين جديدة، من قبيل مدونة الأسرة والشغل، وتعديل قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي لحماية المرأة والطفولة والقانون المنظم للسجون، اضافة الى عدد من الاتفاقية الدولية ذات الصلة.

بيد أن الشرقاوي، الذي كان يتحدث أمس بالرباط ، سجل عدة تراجعات في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، نتيجة تداعيات الأحداث الارهابية التي وقعت في 16 مايو (ايار) 2003، ضمنها ما وصفه استمرار الاعتقال التعسفي والتعذيب في المعتقلات السرية وانتهاك حرمة المنازل أثناء تفتيشها خارج نطاق القانون، وانعدام ضمانات المحاكمة العادلة، لعدم استقلالية القضاء عن الجهاز التنفيذي. كما انتقد الحكومة لممارستها انتهاكات في حق الصحافيين والنقابيين والعاطلين عن العمل، ورفضها الاعتراف القانوني لبعض الجمعيات السياسية والمدنية كي تمارس نشاطها العادي.