مؤتمر في نيويورك لتعديل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لأول مرة منذ 1970

يدرس اقتراحات من بينها تجميد بناء محطات نووية جديدة لمدة خمس سنوات

TT

يجتمع حوالى 190 بلدا في نيويورك غدا، في محاولة لتعديل معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية التي اضعفها اكتشاف برامج نووية سرية في عدد من الدول، ووجود سوق سوداء نووية. وكانت معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية التي وضعت في 1970، تهدف في الاساس الى حصر حيازة الاسلحة النووية بالقوى العسكرية، التي كانت تمتلك ترسانشة نووية حينها، وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين. لكن المعاهدة تواجه صعوبة كبرى حاليا لتخطي مخاطر انتشار السلاح النووي، التي عززها اكتشاف سوق نووية سوداء عام 2003، قادها صانع القنبلة النووية الباكستانية عبد القدير خان، الذي زود ايران وليبيا وكوريا الشمالية بتقنيات ومعلومات نووية. وفي نهاية 2002 وجهت بيونغ يانغ صفعة كبيرة الى المعاهدة بطردها مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة والمكلفة تطبيق معاهدة حظر الانتشار ومقرها فيينا، قبل ان تنسحب من المعاهدة. واعلنت كوريا الشمالية مؤخرا انها باتت تمتلك القنبلة النووية. وفي نهاية 2003، تخلت ليبيا رسميا عن برنامجها النووي العسكري، مما شكل النجاح الوحيد الذي تم تحقيقه مؤخرا على صعيد حظر الانتشار النووي، لكن ذلك كان ثمرة لجهود بذلتها الولايات المتحدة وبريطانيا خارج اطار معاهدة الحظر.

اما في الملف الايراني فلم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن وبعد سنتين من عمليات التفتيش، من التأكد ما اذا كان برنامج طهران النووي مدنيا حصرا أم ان له اهدافا عسكرية سرية كما تقول واشنطن. ويرى الخبراء انه اذا تمكنت ايران من صناعة قنبلة نووية، فان ذلك سيشكل ضربة قاضية لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية. ويقترح رئيس الوكالة محمد البرادعي على ممثلي الدول الـ188 المشاركة في معاهدة الحظر، الذين سيجتمعون في نيويورك طوال مايو (ايار)، ان يتم تبني قرار يقضي بتجميد بناء محطات نووية جديدة لتخصيب اليورانيوم خمس سنوات.

وكان البرادعي اكد لوكالة الصحافة الفرنسية في يناير (كانون الثاني) الماضي، انه «بدون ذلك سيكون هناك ثلاثون او اربعون بلدا قادرة على تحويل قدراتها النووية التكنولوجية الى اسلحة نووية». لكن غراي سامور من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن يؤكد انه لا يوجد «اي توافق» حول هذا الاقتراح. واكد دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته، انه حتى تبني بروتوكول اضافي ضمن المعاهدة ينص على اجراء عمليات تفتيش معمقة لدى الدول المصدقة على المعاهدة، ليس مؤكدا.

وتؤكد عدة بلدان موقعة على معاهدة حظر الانتشار، ان الدول النووية الكبرى لم تحترم التزامها بعملية لنزع سلاحها النووي «على 13 مرحلة»، الذي قطعته في مؤتمر اعادة النظر في المعاهدة السابقة في عام 2000، وبالتالي فانها غير مستعدة لتوافق جديد، حسبما اضاف سامور. وبالاضافة الى ذلك، فان الدول العربية يغضبها ان تحظى اسرائيل ومنذ سنين كثيرة، بالسلاح النووي كما يجمع الخبراء، لكنها تبقى بعيدة عن اشراف الوكالة الذرية لانها لم تصدق على معاهدة الحظر. والامر نفسه بالنسبة الى الهند وباكستان اللتين تملكان السلاح النووي.

واوضح الدبلوماسي ان الولايات المتحدة التي تشاطر البرادعي اقتراحه لتجميد بناء محطات تخصيب جديدة «فقدت مصداقيتها» في مجال حظر انتشار السلاح النووي مع استمرارها في بناء برامج لاسلحة نووية مصغرة. وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد اوصى يوم الاربعاء بتطوير هذا النوع من الاسلحة لتدمير المغاور العميقة جدا تحت الارض.

وقال تقرير لمؤسسة «كارنيغي» ان «بعض الدول لديها قدرات واسعة لتطوير اسلحة نووية (كالبرازيل واليابان) وقد تتراجع عن قرارها التخلي عن صنع اسلحة نووية، بسبب المخاوف حول امنها في مواجهة فشل معاهدة الحظر بضبط النشاط النووي العسكري في العالم».

واكدت المؤسسة ان معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية برهنت على فاعليتها في فترة «كان فيها عدد الدول المتخلية عن برامجها النووية اكبر بكثير من عدد الدول التي تباشر برامج نووية. وهنالك شكوك متزايدة حول قدرة المعاهدة على الاستمرار».