محمد بن راشد: الدول الكبرى تتعامل مع قضايا الشرق الأوسط بمنطق السمسار لا الوسيط

ولي عهد دبي ووزير دفاع الإمارات: يجب الوصول إلى جذور ظاهرة الإرهاب

TT

قال الفريق أول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي و وزير الدفاع بدولة الامارات العربية المتحدة، ان الدول الكبرى تعاطت مع قضايا الشرق الأوسط بمنطق السمسار لا الوسيط، مؤكدا أن الدول الكبرى لا تتوفر لديها إرادة كافية لإحلال السلام وبناء الاستقرار في الشرق الأوسط مع انها هي وحدها القادرة على تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وهي وحدها القادرة على الدفع باتجاه حلول عادلة للقضايا كافة. وقال الشيخ محمد بن راشد الذي كان يدلي بتصريحات بمناسبة احتفال الامارات بذكرى توحيد قواتها المسلحة «إن الشرق الأوسط حالة دولية منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى، ولا أظن أن منطقة جغرافية في هذا العالم تأثرت بالتوازنات والمنافسات الدولية كما تأثرت منطقة الشرق الأوسط».

وأضاف ان القوى الدولية الفاعلة تعاطت مع شؤون منطقة الشرق الأوسط بمنطق السمسار، وليس بمنطق الوسيط أو الحكم العادل، فالسمسار يتحرك لإنجاز الصفقة بأي طريقة لأن هدفه الحصول على عمولته والبحث عن صفقة أخرى ولا يهمه كثيرا ما إذا كان السعر عادلا للبائع والمشتري وما إذا كان في الصفقة عيوب ونواقص.. كذلك القوى الدولية الفاعلة تبحث فقط عن مصالحها فيغلب على سياساتها تصريف القضايا وإدارتها بما تمليه متطلبات مصالحها الآنية لا ما يتطلبه إنجاز الحلول العادلة ويتوافق مع القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، مذكرا في هذا الصدد بالكيفية التي تنفذ فيها القوى الكبرى القرارات التي تخدم مصالحها وكيف تبتدع الوسائل لغرض التنفيذ بدءا من فرض العقوبات وانتهاء بالتدخل العسكري المباشر. واستدرك الشيخ محمد قائلا بأن «هذه المسؤولية المباشرة التي تقع على عاتق القوى الدولية الفاعلة لا تعفي أصحاب الشأن من المسؤولية فبعضهم يوفر بسياساته وتصرفاته الذرائع والأسباب وبعضهم لا يحسن قراءة واقع النظام الدولي واتجاهات العلاقات الدولية وبعضهم يحسن القراءة، لكنه يكتفي بالتنبيه والتحذير والانتقاد ولا يفعل شيئا ذا بال لتقوية وضعه وتحسين قدراته».

وتناول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قضية الارهاب، فذكر أن التصدي للإرهاب يحتاج إلى تنسيق جماعي ويحتاج إلى جهود فردية لأن كل دولة وكل مجتمع بحاجة للتصدي للإرهاب على المستوى الوطني وللتعاون على المستويين الإقليمي والدولي، مضيفا ان عملية التصدي ليست سهلة ولا تنجح باعتماد الوسائل الأمنية المباشرة فقط. وقال المسؤول الاماراتي انه إذا اعتبرنا الإرهاب ظاهرة مثل ظواهر أخرى تمر بالدول والمجتمعات، فإن لكل ظاهرة جذورا تجب معالجتها لضمان السيطرة على الظاهرة والقضاء عليها بشكل تام. وأكد ولي عهد دبي أن الإرهاب مرفوض جملة وتفصيلا ومن غير الممكن تبريره بأي مبررات، لكن عدم قبول أي تبرير لا يعني إقفال الأبواب أمام ضرورة فهم الأسباب وتفسير الدوافع فالخطوة الأولى في علاج المرض هي التشخيص ولا يمكن للطبيب أن يقدم علاجا نافعا إذا لم ينجح في تشخيص المرض. وقال انه لكي يتحقق النجاح في التصدي لظاهرة الإرهاب يجب أن نصل إلى جذور هذه الظاهرة، مشيرا الى اننا نشهد اليوم محاولات جادة على المستوى الدولي، خاصة في أوروبا للوصول إلى الجذور والتعرف إلى مكونات التربة التي تنمو فيها والوقائع التي تتغذى منها، مؤكدا ان الحل العادل للصراع العربي الإسرائيلي سيعالج بعض الجذور وإخراج العراق من محنته سيعالج جذورا أخرى والعمل الوطني لتحقيق التنمية والإصلاح السياسي والاقتصادي وتوطيد العدالة الاجتماعية والشفافية سيعالج بعض الجذور.

ودعا الفريق أول الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم الى تحرك التعاون الدولي في التصدي للإرهاب على مسارين هما المسار الأمني المباشر ومسار التعاطي الفعال والإيجابي مع جملة القضايا التي تشكل جذورا للظاهرة. وأكد الشيخ محمد بن راشد على التطور الذي حققته القوات المسلحة الاماراتية في الفترة الماضية، مشيرا في هذا الصدد الى التعاون بينها وبين دول مجلس التعاون، وقال ان توحيد القوات المسلحة في دول مجلس التعاون يظل هدفا نتطلع إليه وأمنية نرجو أن تتحقق ونحن نرجو أن نرى قيادة مشتركة، متسائلا لكن متى تتحقق هذه الأمنية، ومضيفا انها لن تتحقق في وقت قريب لأسباب موضوعية عديدة، لكن ذلك لا يعني أن عملية التعاون والتنسيق غير قائمة، بل هي قائمة وفعالة وأثبتت فعاليتها في تحرير الكويت وفي التحسب لاحتمالات تعرض الكويت لعدوان في عام 2003، فضلا عن الاجراءات المتصلة بتبادل المعلومات وتوحيد المصطلحات والأنظمة وغيرها والمهم أن دول المجلس متضامنة تضامنا كاملا في رد أي عدوان خارجي تتعرض له أية دولة.

وحول استيعاب القوات المسلحة للأجهزة والأسلحة الحديثة التي اختلفت مع تطور التقنية، أكد الشيخ محمد ان الثورة التقنية جعلت الأسلحة أكثر تعقيدا، مما يتطلب من القوات المسلحة مزيدا من الجهد في التدريب ومزيدا من المتابعة للجديد، خصوصا وأن عمليات تطوير وتجديد وسائل إدارة الأسلحة واستخدامها لا تتوقف، وما يعتبر الأحدث والأسرع اليوم قد يصبح بعد فترة قصيرة أقل حداثة وسرعة نتيجة اختراع أو تطوير جديد. وإلى ان للقوات المسلحة مهمات واضحة ومحددة في مجال الردع والحفاظ على السيادة والاستقلال والأمن وهذه المهمات جليلة ويحتاج القيام بها إلى تفرغ ومتابعة حثيثة لشؤون وأمور عديدة لدى قواتنا المسلحة. برامج عمل يومية تحتاج إلى جهود كبيرة وإلى يقظة كاملة ولديها برامج تدريب مستمرة وبيانات عملية لإدامة جاهزية الرجال وكفاءة السلاح، وما إلى ذلك من أمور.