سنوات نفي العماد عون انتهت اليوم بعد 14 عاما قضاها في فرنسا

TT

يعود اليوم الى لبنان رئيس الحكومة العسكرية السابق وقائد الجيش السابق العماد ميشال عون بعد أن أمضى في منفاه الفرنسي أربعة عشر عاما تنقل خلالها من «فيلا غابي» في مدينة مرسيليا المتوسطية الى منزل معزول في محلة «هوت ميزون» في منطقة المارن، شمال شرقي باريس، وأخيرا الى العاصمة الفرنسية نفسها بأقرب من حديقة مونسو المعروفة في الدائرة السابعة عشرة من باريس. ويصل عون الى بيروت برفقة أعداد كبيرة من الصحافيين وطائرة أخرى تقل لبنانيين حرصوا على العودة معه الى بيروت، قبل ثلاثة أسابيع على بدء الانتخابات النيابية التي أعلن سلفا معارضته لإجرائها وفق القانون الانتخابي لعام 2000 الذي وصفه أكثر من مرة بأنه «قانون غازي كنعان». غير أنه يعود الى لبنان بعد ان خرجت منه القوات السورية وأجهزة مخابراتها تحت ضغط المجموعة الدولية والقرار الدولي رقم 1559. وكان عون الذي ترأس الحكومة العسكرية في لبنان ما بين عامين 1988 و1990 قد أعلن «حرب تحرير» لبنان من السوريين عام 1989. وفي السنوات الأخيرة، كثف اتصالاته خصوصا في الولايات المتحدة التي زارها أكثر من مرة لحضها على العمل على إخراج القوات السورية من لبنان.

وشتان ما بين خروج عون من بيروت وعودته إليها. وقد روى لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام كيف تم إخراجه من بيروت من قبل الأجهزة الفرنسية الخاصة برئاسة فيليب روندو العقيد في المخابرات الفرنسية وبمعية الجنرال كيسنو مدير المكتب العسكري للرئيس فرنسوا ميتران وباتريك لوكلير مدير عام وزارة الخارجية الفرنسية. فبعد أن انسلت سيارات السفارة الفرنسية المصفحة من مقر السفارة الى شاطئ أنطلياس، ليلة 29 أغسطس (آب)، انطلق زورقان مطاطيان بحماية رجال المخابرات الفرنسية من الشاطئ; الأول كان يحمل عون وروندو، والثاني الوزيرين الضابطين عصام أبو جمرة وادغار معلوف الى الباخرة العسكرية الفرنسية «أنكتيل» التي كانت راسية على بعد ثلاثين ميلا من الشاطئ.

ومن هناك، أقلعت الباخرة باتجاه مرفأ لارنكا القبرصي. وبعد أن أمضى الجميع ليلتهم على متن الباخرة، عادوا مجددا الى الزورقين المطاطيين اللذين اقتربا من طرف المطار. ومن هناك، انطلق الجميع الى طائرة فرنسية خاصة من غير المرور بالدوائر القبرصية الرسمية، فطارت فوق المتوسط لتحط في قاعدة «هيار» الفرنسية العسكرية قرب مدينة مرسيليا. ومن هناك نقل عون ومن معه الى «فيلا غابي» لتمتد إقامته في منفاه الفرنسي أربعة عشر عاما.

أما عودة عون فتتم في وضح النهار. فقد زالت العوائق القضائية التي كانت تحول دون رجوعه الى لبنان وتغير المناخ السياسي بعد خروج السوريين و«انتصار» المعارضة بحصولها على إبعاد قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية الرئيسية وتشكيل لجنة تحقيق دولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وإبقاء لبنان تحت مجهر المجموعة الدولية. ومهد العماد عون، في الأسابيع الأخيرة، لعودته الى لبنان بأحاديث صحافية للتلفزة اللبنانية والعالمية وكذلك للصحافة المكتوبة ليؤكد أنه عائد الى لبنان ومعه برنامج إصلاحي حديث تمثل العلمانية عموده الفقري.

وسيكون أول لقاء لعون مع اللبنانيين في ساحة الشهداء بعد أن يكون قد توقف عند قبر الجندي المجهول في المتحف. ومن المقرر أن يلقي عون خطابه الرئيسي الأول في ساحة الشهداء التي سميت «ساحة الحرية» على أن يلتقي قادة المعارضة في اليوم التالي. ومع هذا اللقاء، ستبدأ «المشاكل»: فالمعارضة منقسمة على نفسها بخصوص القانون الانتخابي و«الطموحات» السياسية لأطرافها متناقضة وتحقيق البعض منها سيكون على حساب البعض الآخر، فيما العماد عون العائد استبق وصوله الى بيروت بالقول إن «الإقطاع السياسي» سيكون الأكثر تضررا من عودته مما يعني أن هذا الإقطاع لن يسهل مهمته في هذه المرحلة التي ستشهد إعادة رسم الخريطة السياسية في لبنان.