مصر: مقتل إخواني وإصابة 30 واعتقال 200 بينهم عصام العريان

في تصعيد خلال مظاهرات نظمها الإخوان المسلمون في 5 محافظات حاولت الشرطة تفريقها بالغاز المسيل للدموع

TT

في تصعيد خطير للعلاقة بين السلطات المصرية والإخوان المسلمين، لقي طارق طه مهدي غنام أحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين مصرعه اختناقاً بعد أن أطلقت الشرطة في مدينة طلخا بمحافظة الدقهلية عبوات مسيلة للدموع لتفريق مظاهرة قام بها الإخوان ضمن مظاهرات شملت خمس محافظات مصرية للمطالبة بالاصلاح السياسي، واصيب 30 شخصا خلال المواجهات من بينهم 4 من رجال الشرطة والباقون من الاخوان خلال تراشقات بالحجارة بين عدد من المتظاهرين وقوات الامن امام مسجد الغنام في طلخا. وذكرت السلطات المصرية انها اضطرت الى استخدام الغار المسيل للدموع لتفريق عناصر من الاخوان حاولوا التظاهر عند المساجد مما يعد مخالفة امنية. وفيما قالت وزارة الداخلية المصرية ان عضو الاخوان مات خلال تدافع المتظاهرين، اوضح عبد المنعم محمود المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين ان غنام «قتل اختناقا بعد ان استنشق غازات مسيلة للدموع اطلقتها قوات الامن» وقال ان القتيل استاذ في الاربعين من العمر. كما ذكر شهود ان غانم توفي في مسجد نقل اليه بعد تدخل قوات الامن لتفريق مظاهرة ضمت خمسة الاف من اعضاء الاخوان المسلمين في المنصورة. وجاء هذا التطور بعد ساعات قليلة من قيام السلطات المصرية باعتقال الاسلامي البارز عصام العريان من منزله صباح امس. وقالت مصادر إخوانية إنه تم اعتقال أكثر من 200 شخص من أعضاء الجماعة في القاهرة والجيزة والدقهلية من بينهم العريان الذي اعتقل بصحبة ثلاثة من كوادر الجماعة هم الدكتور عمر دراج نائب رئيس نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، والدكتور حمدي شاهين أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، وياسر عبده المحاسب بأحد البنوك. وبحسب المصادر فإن مسؤولين من مكتب النائب العام كانوا موجودين خلال اعتقال العريان اتهموه بعقد اجتماع لتنظيم مزيد من المظاهرات. وحسب رواية الدكتور إبراهيم العريان نجل الدكتور عصام العريان فإن قوات من الشرطة قامت في الساعة العاشرة من صباح أمس باقتحام البناية التى يسكن فيها وتضم عائلات إخوانية هم الدكتور العريان وأصهاره واخذ اوراق شخصية قبل ان تعتقله. وقال العريان الابن لـ«الشرق الأوسط» إنه كان نائماً عندما فوجيء بالأمن في غرفته وصياح من والده معترضاً على هذه الإجراءات. وتابع «مكثوا في المنزل نحو ساعتين، ثم أخذوا حقيبة كبيرة تحوي أوراقا ومقالات لوالدي، ثم قاموا بعد ذلك باقتياده وأصدقائه الذين كانوا في زيارته»، موضحا أن والده كان متماسكاً وحريصاً على أن يطمئن أهل بيته قبل رحيله. ومن بين الذين ألقي القبض عليهم أيضاً في المحافظات الدكتور هشام الصولي أمين عام نقابة أطباء الإسماعيلية. وتجددت المواجهات بين الأمن والإخوان أمس بعد أن نظمت الجماعة مظاهرات في خمس محافظات هي القاهرة والجيزة والدقهلية والإسماعيلية والسويس. كما حاول أعضاء الجماعة تنظيم أربع مظاهرات في القاهرة والجيزة عقب صلاة الجمعة إلا أن الشرطة نجحت في منع مظاهرة في مصر الجديدة، فيما نجح الإخوان في التظاهر في المعادي والمهندسين والأزهر. فقد تظاهر اكثر من الفي شخص أمام مسجد رئيسي بمحافظة الجيزة رافعين لافتات «لا لقانون الطوارىء» و«لا للاعتقالات» و«نطالب بالافراج عن المعتقلين وتحسين الخدمات العامة». كما ردد المتظاهرون هتافات «الاصلاح حق الاخوان.. الشرعية وحزب كمان»، و«الاصلاح حق التعبير والاصلاح منع التزوير». واحاطت قوات الامن بالمتظاهرين دون وقوع اي اشتباك وانصرفوا في هدوء عقب انتهاء المظاهرة التي أعقبها مؤتمر تحدث فيه قادة للاخوان. لكن قياديا في الجماعة قال لرويترز انه تم احتجاز عشرة من «شباب الاخوان» أثناء انصرافهم من موقع المظاهرة.

وقالت مصادر امنية ان نحو 700 شخص نظموا مظاهرة في الجامع الازهر بوسط القاهرة وان ألفين تظاهروا أمام أحد المساجد الرئيسية بمنطقة العباسية ونظمت مظاهرة أمام أحد المساجد بضاحية المعادي. وقالت مصادر أمنية ان قوات الشرطة احتجزت نحو 50 من اعضاء جماعة الاخوان المسلمين ممن حاولوا الخروج بمظاهرة من مسجد ابو بكر الصديق بمدينة الاسماعيلية الساحلية. واضافت انه عقب صلاة الجمعة حاول نحو 300 شخص من اعضاء الحركة الخروج بمظاهرة من المسجد لكن قوات الشرطة قامت على الفور بتطويق مكان المظاهرة باعداد كبيرة لمنع تقدمها الى الشوارع الرئيسية. ومن جانبه، شن المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف هجوماً عنيفاً على الدولة وأجهزة الأمن، وقال تعليقا على مقتل عضو الاخوان «إن تدخل الأمن في المظاهرات هو الذي أفسد الأمور فكل المظاهرات التي لم يتدخل فيها الأمن خرجت بشكل حضاري، ونحن أخبرنا الأمن قبل موعد مظاهرات المحافظات بأسبوعين وقلنا إنها ستكون مسيرات سلمية رمزية في ظل احتقان الشارع المصري لما نعيشه من أحداث مؤسفة وفساد استشرى في كل المناحي». وأضاف عاكف لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمن سعى لإدخال الإخوان في معركة. ولكن الإخوان صبروا واحتسبوا ولم يستجيبوا لمثل هذا الاستدراج لأن مبادئهم ثابتة في انتهاج العمل السلمي وفق الدستور والقانون الذي يعطي للناس حق التظاهر». وأكد عاكف أن «هناك فئة لا تريد للأمة أن تحيا حياة نظيفة ولا تبغي الإصلاح وتسعى لتوريط النظام ولكنها لا تعرف عاقبة ما تفعله»، موضحاً أن الممارسات التي ينتهجها الأمن ضد الإخوان هي ممارسات «لا أخلاقية ولا عقلانية». وعما إذا كانت اعتقالات الأمن لعناصر جماعته تمثل تحذيراً للإخوان بمنع الخروج في مظاهرات جديدة، قال عاكف «المظاهرات حق شرعي ما دامت تسير بشكل سلمي بعيداً عن أي عنف، ولكن العقلية الأمنية المتسلطة تسعى لتأزيم الأوضاع»، مؤكداً أن جماعته «لا تسعى لثورة، والإخوان ليسوا دعاة ثورة، ولكنهم دعاة حق وسلام، ولكن لا يجوز للشعب أن يصمت في ظل ما نعانيه». وبرر عاكف تحركات جماعته المكثفة في الأيام الأخيرة بأنها جاءت بسبب حالة الاحتقان التي يعيشها الشعب، وقال إن «الإخوان متألمون من الظلم والفساد الذي استشرى في كل شيء»، مؤكداً أن الإخوان لا يخشون لو دخلوا جميعهم السجون. وقال «خير لنا أن ندخل السجون من أن نبقى خارج السجون ونتحمل مسؤولية ضياع الأمة أمام الشعب لأن في أعناقنا أمانة لا يجب التفريط فيها». كما أكد عاكف أنه يرفض أي تدخلات أجنبية في شؤون مصر الداخلية، وقال «ما زلنا نتلقى محاولات للحوار مع الأميركان ولكننا رفضنا ونرفض وسوف نرفض أي محاولة لأننا لنا مبادئ ولا يمكن أن نستغل مواقف للاستقواء على الحكومة من الخارج فنحن وطنيون ومؤمنون بأن الإصلاح أجندة وطنية لا يجب أن يتدخل فيها أحد ونحن لن نسمح لأحد بأن يستغلنا ضد وطننا». من ناحية أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن عاكف سيعقد مؤتمراً صحافياً غداً لتحديد موقف الإخوان من الترشيح للرئاسة المصرية وموقفهم من الرئيس المصري حسني مبارك، وهل سيدعمونه أم لا. واعتقلت قوات الامن هذا الاسبوع نحو الف شخص شاركوا في مظاهرات للمطالبة باصلاحات سياسية نظمتها جماعة الاخوان المسلمين التي ينظر اليها على نطاق واسع على انها اكثر قوى المعارضة نفوذا. وتدعو الجماعة الى جانب جماعات معارضة أخرى الى اصلاحات من بينها الغاء قوانين الطوارىء السارية منذ عام 1981 والتي تقول المعارضة انها تحد من الحريات السياسية. وقالت جماعة الاخوان المسلمين اول من امس ان مقترحات تغيير الدستور المصري بالغاء نظام الاستفتاء على مرشح واحد لمنصب الرئيس واستبداله بانتخابات تنافسية على هذا المنصب ستصبح بلا معنى بسبب الشروط الصعبة التي تحدد من يستطيع ترشيح نفسه. وكانت لجنة برلمانية قد اقترحت ضرورة أن يحصل المرشحون غير الحزبيين على موافقة 65 على الاقل من أعضاء مجلس الشعب المنتخبين البالغ عددهم 444 وذلك من بين شروط أخرى سيصعب على المرشحين المستقلين الوفاء بها. ومن جهة اخرى، دعا نحو 200 متظاهر في ضاحية بشمال القاهرة الرئيس مبارك الى ترشيح نفسه لولاية خامسة. واعلن مؤيدو مبارك مبايعتهم في تظاهرة داخل مسجد الازهر. وتبادلوا ترديد الهتافات والهتافات المضادة مع مؤيدي المعارضة داخل المسجد.