محللون: الإرهابيون الجدد أكثر استقلالية وخطورة

يسترشدون بالإنترنت والفضائيات وغالبيتهم لا تجيد العربية

TT

باريس ـ أ.ف.ب: يرى رجال الشرطة والقضاة والخبراء ان الاصوليين الجدد المشتبه في علاقتهم بالإرهاب، سواء في مصر حيث نفذوا عمليات استهدفت سياحا، او في عدد من دول اوروبا والشرق الاوسط، ازدادوا خطورة اذ انهم باتوا مستقلين يتحركون من تلقاء انفسهم. وأوضحت المصادر ان هؤلاء المشتبه فيهم لم يقابلوا يوما ما أسامة بن لادن كما انهم لم يزوروا افغانستان او العراق وبالكاد يعرفون كيف يستخدمون رشاشا، ولذلك يشكلون تهديدا يصعب تحديده وبالتالي التصدي له.

فالعمليتان اللتان وقعتا السبت الماضي في القاهرة نفذ واحدة منهما شاب يحمل قنبلة صنعها بنفسه استنادا الى تعليمات وجدها على الانترنت، والثانية نفذتها شقيقته وخطيبته اللتان حاولتا اطلاق النار على حافلة تقل سياحا اسرائيليين بدون ان تتمكنا من اصابتها. وكشف القبض على خمسة اصوليين الاسبوع الماضي في فرنسا عن «فسيفساء متباينة من الأجيال الجديدة تشكل ما يشبه شبكة»، وفق ما أفاد مصدر مقرب من التحقيق.

وكان منفذو اعتداءات مدريد عام 2004 وتفجيرات الدار البيضاء عام 2003 في الأساس مجموعات من الاصدقاء او الاقرباء احيانا، وحتى اليوم الذي نفذوا فيه هجومهم لم يكن هناك ما يسمح بربطهم بالشبكة «الجهادية» الدولية. وأوضح خبراء، ومنهم الطبيب النفسي الأميركي مارك سيجمان المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.آي.ايه) ان الالتحاق بالتيار «الجهادي» يتم على أساس التطوع وليس بناء على جهود تجنيد. وكتب الباحث الدنماركي مايكل تارنبي في تقرير بعنوان «تجنيد الإرهابيين الإسلاميين في اوروبا» ان «عدم القيام بحملة تجنيد جعل الجهاد يقوم على متطوعين يجندون أنفسهم بأنفسهم». وتابع التقرير ان «تباعد الروابط يعقد الى حد بعيد التحرك ضد الإرهاب لانه من المستحيل القضاء على بنية تنظيمية غير موجودة».

وعبر قاض فرنسي متخصص في مكافحة الإرهاب عن الرأي ذاته، فقال ان «الحرب في العراق أدت الى تشرذم هذه المجموعات الى اقصى حد، وأصبحنا نجد عددا متزايدا من الافراد. اولئك الافراد الذين نعمل على مكافحتهم لا يشكلون في غالب الاحيان مجموعة، ولا حتى مجموعة غير منظمة».

وعلى الصعيدين العقيدي والنظري، فان الشبكات الجديدة عمدت الى الاستغناء عن رابط مع مراجع او مرشدين يمكن ان يسلموهم. ولفت لوي كابريولي الرئيس السابق لمكافحة الارهاب الدولي في الاجهزة الفرنسية لمكافحة التجسس (دي اس تيه) الى انه «لم تعد هناك مرجعيات دينية كبرى كنا نجدها في الماضي». وتابع: «كانوا في ما مضى يستندون الى اشخاص امثال ابو حمزة المصري او ابو قتادة في بريطانيا، والاثنان كانا موضع اهتمام خاص من جانب البريطانيين. اما الذين كانوا في السعودية فقد تصدت لهم المملكة بقوة وتمت السيطرة على العديد منهم، فيما ادخل آخرون السجن». ويجدر في هذا الاطار ذكر شخص مثل فريد بن يطو، 23 عاما، الذي يشتبه في انه كان يجند لشبكة متطوعين للقتال في العراق تم كشفها في باريس. وكان الشاب الذي لم يتلق اي تعليم فقهي جدي، يعتبر داعية حقيقيا في نظر أتباعه. وعلق كابريولي ان «هذا يجعل المسألة اكثر خطورة وصعوبة، اذ يكفي الاتصال بفتى لديه اطلاع محدود على الدين لقلب افكارهم».

وقال جان لوك ماريه الباحث في معهد الابحاث الاستراتيجية ان «هؤلاء الشبان لديهم مفهوم للاسلام يقوم على المزج بين مفاهيم شتى وإلصاق أفكار ببعضها بعضا». وأوضح «انهم يستمدون ارشادهم من شبكة الانترنت وأشرطة الفيديو والشبكات التلفزيونية الفضائية، وهم لا يتكلمون العربية وغالبا ما لا يتقنون الانجليزية. فأي مفهوم لديهم للاسلام؟ انه مزيج من الغضب وخيبة الأمل والرومانسية الملازمة لجيلهم».

وأشار ماريه الذي ترأس فريقا أصدر كتابا بعنوان «مصانع الجهاد»، الى ان «الأمر مخيف لأن الحركة تمتد في كل الاتجاهات. انها عفوية وذاتية التحرك وليست هناك بالتالي مؤشرات تنذر بالإعداد لشيء. لكن من جهة اخرى فان شخصا ما يدرب نفسه بنفسه ويجتذب ثلاثة رفاق الى شقته الصغيرة لا يمكنه امتلاك مهارة استثنائية، فهؤلاء لن يكونوا يوما سوى جنود في الجهاد وليس ضباطا، ولن ينفذوا (هجمات بحجم) 11 سبتمبر (ايلول)» 2001 .