شيراك قد يضطر للترشح لولاية رئاسية ثالثة

غيوم سوداء تتلبد فوق قصر الأليزيه في الذكرى العاشرة لانتخاب الرئيس الفرنسي

TT

تحل اليوم الذكرى العاشرة لانتخاب جاك شيراك رئيسا للجمهورية الفرنسية خلفا لسلفه الاشتراكي فرنسوا ميتران. ففي 7 مايو (أيار) عام 1995، نجح شيراك المرشح في تحقيق حلمه السياسي الكبير وهزم في الدورة الانتخابية الثانية المرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان. ثم بعد7 سنوات أعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية بعد أن أخرج مجددا جوسبان في الدورة الأولى وانتصر على مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن في الدورة الثانية بحصوله على 82 بالمائة من الأصوات. لكن شيراك البالغ من العمر الان 73 عاما، والذي يعتبر الأقدم من بين زعماء العالم الغربي والأكثر تجربة، لن يستطيع منافسة سلفه ميتران الذي أمضى في قصر الأليزيه ولايتين من 14 عاما. فولاية شيراك الثانية وهي من خمس سنوات، تنتهي في مايو2007 بسبب خفض الولاية الرئاسية من 7 الى 5 سنوات. لكن المجال مفتوح أمام شيراك الذي دخل العمل السياسي قبل 42 عاما، للترشح مجددا لولاية ثالثة بعد عامين. فالدستور الفرنسي لا يحصر عدد الولايات الرئاسية باثنتين. ورغم أن شيراك نفسه لم يقل علنا ما ينوي فعله حرصا منه على ترك كل الخيارات مفتوحة أمامه، إلا أن سياسيين مقربين منه لم يستبعدوا أن يخوض مجددا السباق الرئاسي. فالحال الصحية للرئيس جيدة وغير معروف عنه أنه يعاني من مرض ما. وباستثناء ضعف في السمع، في أذنه اليمنى، ما يدفعه الى الاستعانة بسماعة، فإن لا مانع جسديا يعترض ترشحه. فضلا عن ذلك، ثمة حوافز سياسية وشخصية تدفعه للبقاء في المعترك السياسي والاحتفاظ بمفاتيح القصر الرئاسي لخمس سنوات إضافية. وبالمقابل، فإن العوائق السياسية التي تعترض درب شيراك كثيرة. ويتمثل العائق الأول في الاستفتاء على الدستور الأوروبي المقرر في 29 مايو الجاري. ومن الواضح أن انتصار معسكر الداعين لرفض التصديق على الدستور سيعني القضاء على أية امكانية لترشح شيراك مجددا. فشيراك هو الذي اختار درب الاستفتاء سعيا منه الى إحداث شرخ داخل الحزب الاشتراكي ومعسكر اليسار عموماً. فقد كان بامكان الرئيس الفرنسي أن يختار التصديق عبر البرلمان مجتمعا بمجلسيه: مجلس الشيوخ ومجلس النواب ما كان يعني أن النتيجة مضمونة سلفا. واذا كان هدف تقسيم معسكر الخصوم قد تحقق له حيث أن الاشتراكيين متشرذمون وهم يتناحرون حول الدستور وليس من المستبعد أن ينقسم الحزب الاشتراكي عقب الاستفتاء، إلا أن مشكلة شيراك أن نتيجة الاستفتاء متأرجحة. فاستطلاعات الرأي متحركة ومنها ما يؤكد تقدم الرافضين فيما استطلاعات أخرى بدأت تبرز انتعاش معسكر الداعين الى التصديق. وكثيرون من الفرنسيين يريدون استخدام الاستفتاء فرصة لمعاقبة شيراك وحكومته بسبب السياسة الاقتصادية والإصلاحات الاجتماعية التي تنفذها حكومة جان بيار رافاران والتي يعتبرها اليسار الاشتراكي والشيوعيون واليسار المتطرف وبعض اليمين «مغالية في الليبرالية وتنسف النموذج الاجتماعي الفرنسي». ولقد استبق شيراك الأمور بالإعلان أنه سيبقى في الرئاسة مهما كانت نتيجة الاستفتاء. إزاء هذه المخاطر، رمى شيراك بكل ثقله في الميزان وطلب من الحكومة أن تكرس جهودها للتأثير على الرأي العام. ولكنه بدأ منذ الآن بالبحث عن مخارج. وهكذا ينفتح عام شيراك الحادي عشر في الأليزيه على المجهول. فالبطالة تزيد على العشرة في المائة والاقتصاد يعاني من بطء النمو والأزمات الاجتماعية متلاحقة. ومع اقتراب انتهاء الولاية الثانية تنفتح الشهيات السياسية. وحظ شيراك أن الحزب الاشتراكي يعيش حالة تفكك فضلا عن أن الاستحقاق السياسي الذي يغير صورة الوضع في فرنسا أي الانتخابات التشريعية ستأتي مع موعد الانتخابات الرئاسية أي بعد عامين. وحظه الآخر أن «سمعته» الدولية ممتازة ليس فقط بسب مواقفه في مواجهة واشنطن بل لدعوته لمساعدة العالم الثالث وإصراره على التعددية ورفضه القطب الواحد.