يهود ليبيا يريدون تعويضات من ليبيا في اختبار لنوايا الدول العربية

TT

القدس ـ رويترز: لن ينسى رافاييل لوزون، اليهودي المولود في ليبيا، اليوم الذي هزمت فيه اسرائيل الدول العربية عام 1967. لقد حفر ذلك اليوم في ذاكرته. فقد قتل جنود ليبيون غاضبون، حسب قوله عمه وعمته وستة من أبناء عمومته، على أطراف العاصمة طرابلس، وهرب لوزون فور ذلك.

وفيما تخرج ليبيا من عزلة دولية وتلوح بإمكانية تعويض اليهود الذين فروا للخارج فإن لوزون الذي يقود حملة من أجل تعويض اليهود الليبيين منذ فترة طويلة قبل حديث الزعيم الليبي معمر القذافي بهذا الشأن يأمل بأن يتمكن من استعادة رفات أقاربه. وينظر اليهود أيضا الى حديث القذافي عن تعويضات محتملة باعتباره اختبارا لنوايا الدول العربية الاخرى التي عاش فيها يهود لقرون قبل أن يرحلوا بدءا من قيام اسرائيل في 1948 . وكان عدد اليهود في ليبيا نحو 40 ألفا ويعود تاريخهم هناك الى 2500 عام. وقد عاشوا قرونا بصورة طبيعية وزادت أعدادهم مع طرد اليهود من اسبانيا والبرتغال في القرن الخامس عشر، لكن مشاعر الكراهية لليهود تصاعدت في العالم العربي بعد تأسيس دولة اسرائيل وطرد آلاف الفلسطينيين من ديارهم. وحرمت قوانين الليبيين اليهود من بعض حقوقهم وصودرت بعض ممتلكاتهم ولم يبق في ليبيا سوى 300 يهودي عندما تولى العقيد معمر القذافي السلطة في 1969. وصادر القذافي بقية ممتلكات اليهود وألغى الديون المستحقة لهم.

ومعظم اليهود الذين رحلوا عن ليبيا يعيشون الآن في اسرائيل، ولم يتوقع الا قليلون منهم أن تكون لهم أي اتصالات بمسقط رأسهم. لكن كل ذلك تغير منذ أنهى القذافي العزلة الدبلوماسية التي عانتها بلاده في 2003 بإعلانه تخليه عن السعي لامتلاك أسلحة للدمار الشامل وموافقته على دفع تعويضات لضحايا طائرة لوكربي عام 1988 .

في الوقت نفسه أصبح الزعيم الليبي أول قائد عربي يقول انه قد يدفع تعويضات لليهود الذين أجبروا على ترك منازلهم بعد 1948. وتقدر جماعات من الليهود الليبيين قيمة الممتلكات الخاصة التي فقدت بنحو 500 مليون دولار بالاضافة الى مائة مليون دولار اخرى للمنشآت العامة اليهودية كالمعابد والمقابر.

والتقى وفد محدود من اليهود الذين يعيشون في روما مع مسؤولين ليبيين في طرابلس العام الماضي في إطار الحوار الذي بدأ بين الطرفين. وقال موشيه كحلون، نائب رئيس البرلمان الاسرائيلي، الذي رحلت أسرته عن ليبيا والذي التقى في الآونة الاخيرة مع ممثلين لليبيا في لندن «في اعتقادي ستكون هناك تطورات ايجابية في العام القادم فيما يخص ليبيا»، وتابع قائلا ان التعويضات «ستبدأ باليهود الليبيين في ايطاليا، ومن المتوقع أن يتطور الامر في اتجاه اسرائيل». وامتنع المسؤولون الليبييون عن التعليق على قضية التعويضات.

وتأمل الجماعات اليهودية أنه إذا ما حصلت على تعويضات من ليبيا فقد تتحرك بالفكرة في باقي دول العالم العربي الذي غادره 850 ألف يهودي، استقر كثير منهم في اسرائيل.

ولا يوجد حتى الآن ما يشير الى أن العالم العربي يمكن أن يتقبل أفكار القذافي بهذا الشأن.

ويزيد من تعقيد مسألة المطالبات اليهودية حقيقة أن رحيل اليهود من العالم العربي حدث في أعقاب رحيل مئات الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم. ويطالب ملايين الفلسطينيين الذين فروا أو طردوا من ديارهم أو ورثتهم بما يعرف باسم «حق العودة» للأراضي التي تقوم عليها اسرائيل الآن أو الحصول على تعويضات عن خسائرهم. وأغلب هؤلاء يعيشون في الدول العربية المجاورة لاسرائيل.

ويقول عباس شبلاق، الكاتب الفلسطيني المقيم في بريطانيا والخبير في شؤون اللاجئين، ومؤلف كتاب عن يهود العراق «دفع تعويضات لليهود العرب لن يعتبره اللاجئون الفلسطينيون، إلا بيعا لقضيتهم وصيغة غير عادلة حيث يحدث ذلك في الوقت الذي يتم فيه إنكار مطالبهم». ودعت بعض الجماعات اليهودية الى اعتبار اليهود الذين فروا من الدول العربية لاجئين مثلهم في ذلك مثل الفلسطينيين. واقترحت أيضا ربط حصول الفلسطينيين على أي تعويضات بحصول اليهود على تعويضات. ويقول الفلسطينيون انهم ليسوا مسؤولين عن معاناة اليهود. وتبقى قضية اللاجئين إحدى أكثر القضايا تعقيدا في أي محادثات سلام من أجل التوصل الى تسوية نهائية ما زالت تبدو بعيدة المنال رغم الهدنة الاسرائيلية الفلسطينية التي عززت الآمال بشأن المفاوضات.

وأكد سيف الاسلام ابن القذافي الذي يقود حملة التغيير السياسي في ليبيا في الآونة الاخيرة على أن اليهود الليبيين الذين انتقلوا للعيش في اسرائيل سيتعين عليهم إثبات انهم لم يأخذوا أي ممتلكات للفلسطينيين اذا ما كان يتعين عليهم الحصول على تعويضات، وقال: «تتعين عليهم إعادة الديار والممتلكات التي صودرت من الفلسطينيين قبل المفاوضات لاستعادة ما لهم من أصول وممتلكات في ليبيا».