القمة الأولى العربية ــ الأميركية الجنوبية تفتتح اليوم بحراسة 9 آلاف شرطي

دهشة بين سكان برازيليا الهادئة من قيود الأمن وإغلاق الأجواء

TT

يفتتح الرئيس البرازيلي لويز ايغناسيو لولا دو سيلفا غدا القمة الاولى بين الدول العربية ودول اميركا الجنوبية، وذلك بقاعة المؤتمرات الكبرى ببرازيليا بحضور رؤساء الدول العربية ودول اميركا الجنوبية، المشاركين ورؤساء الوفود المشاركة في القمة.

ويلقي الرئيس البرازيلي كلمة الافتتاح لهذه المناسبة تتلوها كلمة رئيس الجزائر عبد العزيز بوتفليقة رئيس القمة العربية الحالية، ثم رئيس بيرو الرئيس الحالي لقمة دول اميركا الجنوبية واخيرا يلقي الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كلمته. والجدير بالذكر ان زعماء 6 دول عربية فقط هم الذين سيحضرون القمة.

وستعقد القمة جلسة عملها الاولى، حيث يتم بحث مسألة التعاون الاقتصادي بين المنطقتين من خلال التجارة والاستثمار والاعمار، بينما تخصص الجلسة الثانية لبحث الحوار السياسي والتبادل الثقافي. وتناقش القمة في جلسة عملها الثالثة عرض تقرير عن ملتقى الاعمال الذي يعقد على هامش القمة واعتماد الاعلان الختامي للقمة.

وستعقد جلسات القمة في فندق (الشجرة الزرقاء)، حيث يتواجد رؤساء واعضاء الوفود. وقد توالى وصول الوفود اول من امس. ولكن هناك استياء كبيراً في الشارع البرازيلي، خاصة من الجالية العربية، بسبب غياب معظم الزعماء العرب عن القمة.

الجدير بالذكر ان تعداد الجاليات العربية في البرازيل يبلغ حوالي 12 مليوناً. الجالية اللبنانية وحدها تعدادها تسعة ملايين نسمة.

وقد فرضت السلطات البرازيلية اجراءات امنية مشددة في محيط العاصمة. وحشدت السلطات الفيدرالية والمحلية حوالي تسعة آلاف من رجال الامن (شرطة وعسكريين ورجال انقاذ) لحماية 34 وفدا اجنبيا (22 وفدا عربيا و12 وفدا من اميركا الجنوبية)، وصل بعضها الى برازيليا.

ومنعت حركة السير في محيط المباني الرسمية والفنادق التي ستقيم فيها الوفود. وفي الجادات الكبرى في المدينة تتمركز دبابات واقيمت حواجز عسكرية، وسط دهشة سكان العاصمة المعروفة بهدوئها، الذين يبلغ عددهم حوالي مليوني نسمة. وبسبب القيود التي فرضت على حركة السير سمح للموظفين المقيمين في برازيليا بعدم التوجه الى مراكز عملهم اليوم الثلاثاء، عندما تكون تحركات الوفود في اوجها. كما تؤثر القمة في نشاطات التسلية في العاصمة بما في ذلك سفن الترفيه في بحيرة برازيليا التي وضعت تحت اشراف سلاح البحرية وطلب من مسؤوليها عدم مغادرة سفنهم.

وقالت الصحف البرازيلية ان اجواء العاصمة ستغلق من الاثنين الى الاربعاء امام الطائرات الصغيرة. وتقوم مروحيات تابعة للجيش بالتحليق فوق المدينة منذ عدة ايام. كما ستشهد حركة الملاحة الجوية في مطار برازيليا خللا من الاثنين الى الاربعاء، وهما يوما وصول ومغادرة الوفود المشاركة.

وقبيل توجهه الى برازيليا، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن القمة العربية الاميركية اللاتينية «مفيدة» للعلاقات الاميركية الجنوبية والدول العربية. وقال عباس في تصريح نقلته وكالة المغرب العربي للانباء لدى وصوله الى المغرب مساء الاحد قبل التوجه الى البرازيل «هناك جالية عربية مهمة في اميركا الجنوبية وايضا مصالح عربية في هذه المنطقة التي يجب ان تترجم خلال هذه القمة».

وتعتبر هذه أول قمة تعقد بين زعماء عرب وزعماء أميركا الجنوبية، وتهدف الى دعم التجارة والاستثمار، لكنها تثير قلق الولايات المتحدة واسرائيل من أن تكون مناسبة لمهاجمة سياساتهما في الشرق الاوسط. وعبرت الحكومة الاسرائيلية عن قلقها بشأن ما تقدم به الرئيس البرازيلي دو سيلفا خلال الاسابيع الماضية من عرض للمساعدة في عملية السلام في الشرق الاوسط ورأت في ذلك توجها مؤيدا للفلسطينيين. وقالت مصادر دبلوماسية اسرائيلية في برازيليا عشية هذه القمة ان الرئيس دو سيلفا «اكثر استجابة للخطاب الفلسطيني منه الى مواقفنا». واضافت هذه المصادر «نحن نعلم ان حزب العمال الذي اسسه الرئيس البرازيلي عام 1981 كان على الدوام يقيم علاقات طيبة مع العرب لكننا لم نكن نتصور هذا الحد من العلاقات». وكان نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، رأى خلال زيارة قام بها الى البرازيل في مارس (اذار) الماضي، ان هذا البلد لا يمكن له ان يشارك في عملية السلام في الشرق الاوسط الا اذا «اقام حوارا جديا مع اسرائيل». واستنادا الى المصادر الدبلوماسية نفسها فان قسما من الجالية اليهودية في البرازيل شعروا بخيبة امل ازاء الرئيس لولا لانه قام بزيارة خمسة بلدان عربية نهاية مارس 2003 من دون ان يمر باسرائيل.

وتخشى اسرائيل من ان تتحول القمة بين 34 دولة من دول اميركا الجنوبية والدول العربية الى «منتدى كبير معاد لاسرائيل» اذ ينتقد مشروع البيان الختامي اسرائيل ويعرب عن الدعم للفلسطينيين. وتعود التساؤلات الاسرائيلية الى العام الماضي عندما فتحت البرازيل ممثلية دبلوماسية لها في رام الله بالضفة الغربية. وفي مايو (ايار) 2004 انشأ الرئيس البرازيلي منصب سفير متجول الى الشرق الاوسط لكي يعكس «اهتمام البرازيل في المساهمة بشكل فاعل في الجهود الدبلوماسية المتعلقة بعملية السلام العربية الاسرائيلية»، وفق ما جاء في البيان الرسمي بهذا الخصوص في حينه.

واوضح دبلوماسي برازيلي لوكالة الصحافة الفرنسية «علاقاتنا مع اسرائيل ممتازة، ومن الطبيعي احيانا الا نتفق بشأن بعض النقاط تماما كما يختلف صديقان يتواجهان بصراحة».

ويقول رجال اعمال عرب يشاركون في معرض تجاري وصناعي كبير في ساو باولو، عاصمة البرازيل الصناعية والتجارية، انهم يجدون في هذا البلد مناخا للاعمال اقل «توترا» منه في الولايات المتحدة واوروبا، ومنتجات عالية الجودة باسعار تنافسية. وستشارك 800 شركة من بينها مئتا شركة عربية هذا الاسبوع في هذا المعرض الذي يقام في 12 و13 مايو في مدينة ساو باولو، فور انتهاء القمة بين الدول العربية وبلدان اميركا الجنوبية التي تفتتح الثلاثاء. ويؤكد انطونيو سركيس رئيس غرفة التجارة العربية البرازيلية ان «العرب يزدادون اقتناعا بان البرازيل مورد ممتاز ويمكن ان تكون مركز استقطاب للاستثمارات».