أميركا ترصد مليار دولار لتنفيذ اتفاقية السلام في السودان

تتضمن بناء مدارس ووزارات وإنشاء إذاعة وتوزيع كتاب «السودان الجديد» والمساعدة في كتابة دستور الجنوب

TT

قال تقرير أصدرته وكالة التنمية الدولية الأميركية (يو اس ايه آي دي)، أن المساعدات الأميركية للسودان، سترتفع إلى 882 مليون دولار، حسب مقترحات ميزانية السنة المقبلة، التي رفعت إلى الكونغرس أخيرا، وذلك بزيادة ثلاثين مليون دولار عن اعتمادات السنة الحالية.

وقال التقرير إن المبلغ «مثل تبرعات أربعة مليارات ونصف مليار دولار من الدول التي اجتمعت في أوسلو، في النرويج، في الشهر الماضي، سترصد لتنفيذ اتفاقية السلام الشاملة» بين الجنوب والشمال. وهذا يوضح بأن كل المبلغ تقريبا سيصرف في جنوب السودان والمناطق المهمشة، ولمساعدة لاجئي دارفور. وقال التقرير إن قرار مجلس الأمن رقم 1590 بتشكيل بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونميس)، وإرسال قوات دولية لمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام، يهيئ ظروفا مناسبة لتقديم مساعدات أكثر إلى السودان. وتوقع أن تصل القوات الدولية إلى جنوب السودان خلال الشهر الحالي.

وفي نفس الوقت، أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أن ستة آلاف لاجئ يعودون إلى الجنوب كل شهر. وتوقع المكتب زيادة عدد العائدين خلال شهور الصيف، ثم انخفاض بعد يوليو (تموز)، مع بداية موسم الأمطار الذي يغلق، عادة، كثيرا من الطرق.

وقال التقرير إن هناك نصف مليون لاجئ سوداني في الخارج، منهم ربع مليون في أوغندا، وأقل من ذلك في تشاد، وأكثر من ثلاثين ألف في مصر.

وهناك أكثر من أربعة ملايين داخل السودان، منهم أقل من مليونين في منطقة الخرطوم، وأقل من مليونين في دارفور، وأكثر من ربع مليون في أنحاء أخرى من شمال السودان.

وقال التقرير إن خبراء أميركيون يضعون خطة لمساعدة اللاجئين عندما يستقرون في مدنهم وقراهم التي هاجروا منها، وقبل ذلك، على طرق العودة، لتوفير السكن والأكل والشراب لهم، وتنظيف الطرق من الألغام.

وزارت وفود أميركية ودولية، أخيرا، مدن أويل وأبيي وقوقريال في بحر الغزال، لتحديد خمس طرق رئيسية لعودة اللاجئين.

وفي الشهر الماضي زار خبراء أميركيون تجمعات جنوبيين في معسكراتهم الجديدة في شمال غرب الخرطوم (الفاتح 1، 2، 3)، بعد أن دمر المسؤولون مساكنهم بالقرب من الخرطوم، وأجبروهم على الرحيل. وقال الخبراء الأميركيون إن المكان «ليس به خدمات أساسية، وإن السكان أعربوا عن عدم رضائهم عن حالتهم».

وقبل شهرين، زار خبراء أميركيون منطقتي دك وشرق تويك في محافظة أعالي النيل، ولاحظوا ارتفاع نسبة العائدين، مما أثر في الخدمات الأساسية في المنطقتين. وبدأوا في وضع خطة لتوفير السكن والأكل والشراب والمدارس والمستشفيات، بالإضافة إلى حبوب الزراعة وإرشادات زراعية.

وقال التقرير، إن خبراء أميركيين زاروا، في الشهر الماضي، منطقتي فنجوك وايود، ووجدوا الوضع هناك مشابها لمنطقتي دل وشرق تويك، وسمعوا المسؤولين المحليين يتخوفون من مشاكل حول الأرض بين السكان الأصليين والعائدين بأعداد كبيرة». وفي نفس الوقت، أعلن برنامج الطعام العالمي (دبليو اف بي)، أن ارتفاع سعر الحبوب، وقلة محصول السنة الماضية، ضاعفا مشكلة نقص الطعام. وقال إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص في جنوب وشرق ووسط السودان سيحتاجون في السنة المقبلة إلي مساعدات غذائية لا تقل عن التي يحتاجون لها خلال هذه السنة.

ويتعاون الأميركيون مع هذا البرنامج لزيادة امدادت الطعام كما يتعاونون في المجال الصحي مع برنامج «سيرفانتز هارت»، ومنظمة إنقاذ الأطفال الأميركية، ومنظمة الصحة العالمية (دبليو اتش أو)، وصندوق الأمم المتحدة للأطفال (يونسيف).

وقال التقرير إن الأميركيين يقدمون مساعدات أخرى إلى السودان عن طريق مكتب مساعدات الكوارث الأجنبية (أو إف دي ايه). وفي السنة الماضية أعلن روبرت هوايتدهيد، القائم بالأعمال الأميركي في السودان اعتماد مكتب الكوارث للسنة الحالية 40 مليون دولار لدارفور، و65 مليون دولار لبقية السودان. وقال إن المكتب ظل يقدم مساعدات كوارث للسودان منذ عشرين سنة تقريبا.

ويقدم الأميركيون مساعدات طعام عن طريق برنامج «الطعام من أجل السلام» (إف إف بي). وخلال هذه السنة يقدمون نصف مليون طن تقريبا (قيمتها 354 مليون دولار) إلى اللاجئين في تشاد.

ومعظم المساعدات الأميركية ترسل وتوزع عن طريق مؤسسات ومنظمات غير حكومية، منها منظمات مسيحية، ومنظمات الأمم المتحدة، والصليب الأحمر الدولي، وبرنامج الطعام العالمي (دبليو إف بي). وترسل معظم المساعدات إلى الجنوب ودارفور وتشاد، ويرسل جزء منها إلى شرق السودان، في منطقة «التجمع الوطني الديمقراطي».

وقال التقرير إنه، بعد التوقيع على اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، بدا الأميركيون يركزون على مساعدت بناء المجتمع المدني. ووقعت وكالة التنمية الدولية الأميركية اتفاقيات مع مؤسسات غير حكومية لتقديم استشارات لوضع دستور للجنوب، وتأسيس نظام قضائي قوي ومستقل، وبناء مدارس ومستشفيات، وبناء محطة إذاعة باللهجات الجنوبية، و«تنظيم حوارات وسط الجنوبيين، وبين الجنوبيين والشماليين»، وتدريب صحافيين، ودعم جريدة «سودان ميرور».

وتشمل المساعدات ضمان الشفافية والمحاسبة في حكومة جنوب السودان المتوقعة، ووضع اعتبار خاص للمرأة، وإجراء انتخابات حرة، و«تأسيس نظام أحزاب مفتوح للجميع، وإجراء استفتاءات شعبية مستقلة، وتشجيع الديمقراطية داخل كل حزب، ومساعدة أحزاب المعارضة بعد الانتخابات، حتى لا تقع ضحية أحزاب الحكومة». وأيضا، دعم مؤسسات الحكم في أبيي وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق.

وقال التقرير أن الأميركيين، في مجال التعليم، يقدمون مساعدات لتأسيس وزارة للتعليم في الجنوب، وبناء معهد إقليمي لتدريب المعلمين، وبناء مائة مدرسة ابتدائية وثلاث مدارس ثانوية، وتوزيع 150 ألف نسخة من كتاب «السودان الجديد» على المدارس، وتوزيع 25 ألف كتاب على مكتبات أقليمية.

وفي مجال الصحة، بدأ الأميركيون يقدمون مساعدات لتأسيس وزارة صحة في الجنوب، وتدريب أطباء وممرضين ومساعدين طبيين، ومحاربة مرض الايدز، وتدريب قادة دينيين وقبليين للمساعدة. وفي المجال الاقتصادي، يعمل الأميركيون على تأسيس اقتصاد السوق، وتأسيس بنك جنوب السودان، وتطوير الإمكانيات المصرفية، ونظام القروض، وتجارة التصدير والتوريد، وتأسيس معاهد اقتصادية، ومن المراكز التي أسست: «مركز السودان الجديد للأحصاء والتقييم».