وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: نقل الترابي إلى الحجز المنزلي خطوة نحو إطلاقه

TT

قال وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل إن الخرطوم بدأت التحضيرات الأخيرة لعقد لقاء ثلاثي بين علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني ومحمد عثمان الميرغني رئيس المعارضة السودانية والدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية في القاهرة خلال الشهر الجاري. وأشار في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة، الى أن ما تردد عن إهدار دم الصادق المهدي لا يعبر عن وجهة نظر الحكومة، مشيراً الى أنه من حق المهدي أن يعبر عن ذلك طالما أنه رجل عام، كما عليه أن يتقبل الرأي الآخر.

وقال الوزير السوداني إنهم بذلوا جهوداً كثيرة مع الحركة الشعبية لاقناع القوى السياسية الأخرى للمشاركة في مفوضية الدستور الانتقالي، ولكنهم اضطروا لبدء أعمال لجنة الدستور، ولم يكونوا راضين أو راغبين في تخلف بعض القوى السياسية احتكاماً للمواقيت الموجودة في اتفاق السلام. واوضح ان نقل الترابي إلى الحجز المنزلي ليس الخطوة الأخيرة، ولكن ستتبعها خطوات لاطلاقه والمشاركة في العمل الوطني.

* المعارضة تتهمكم بالتسويف وعدم الرغبة في اشراكهم في مفوضية الدستور أو المشاركة في الحكم؟

ـ أولاً الحكومة حريصة كل الحرص على مشاركة كل القوى السياسية في العمل الوطني، وعلى رأسها مفوضية الدستور الانتقالي وأن الحكومة والحركة الشعبية بذلتا جهوداً كبيرة لاقناع هذه القوى السياسية للمشاركة منذ بداياتها، ولم نكن راضين او راغبين في تخلف هذه القوى السياسية، إلا أن المواقيت الموجودة في الاتفاقية حكمت علينا أن نبدأ، خاصة أن الحكومة الوطنية يجب أن تتكون في زمن محدد وأن الفترة الانتقالية يجب أن تبدأ في التاسع من يوليو (تموز) المقبل، وكل هذا مرتبط بإجازة الدستور الانتقالي وبعد أن بدأت المفوضية أعمالها تواصلت الاتصالات أيضاً مع قوى المعارضة.

* ولكن قوى المعارضة ترى أنكم فعلتم غير ذلك؟

ـ نحن لا نقلل أبداً من وزن القوى السياسية التي لم تشارك، وعندما وصلنا مقترح من الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية للقاء ثلاثي يجمع بين النائب الأول علي عثمان محمد طه ومحمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني والدكتور جون قرنق يعقد في القاهرة، رحبنا بذلك على أن يخرج باتفاق لمشاركة التجمع الوطني الديمقراطي في مفوضية الدستور وغيرها من بنود تنفيذ اتفاق السلام. وأنا شخصياً نقلت ذلك للميرغني وكذلك للأشقاء في مصر، وبالنسبة لحزب الأمة فإن ما يجمع بيننا أكثر من ذلك بكثير، رغم التباين في وجهات النظر في عدد من القضايا، وان الصادق المهدي رغم هذا الاختلاف بيننا إلا أنه يظل رقماً مهماً في العملية السياسية ونحرص جداً على مشاركته في العمل الوطني.

* ولكنكم أهدرتم دم الصادق المهدي لمجرد التعبير عن رأي حزبه بشأن تقديم مسؤولين سودانيين للمحكمة الجنائية الدولية؟

ـ أولاً لا أعتقد أن تصريحاً من شخص، بالضرورة يعبر عن وجهة نظر الحكومة مهما كان موقفه، والشيء المؤكد أن نائب والي الولاية الشمالية أصدر نفياً مكتوباً، نفى فيه أنه قد ذهب إلى ما ذكر. ولكن تبقى الحقيقة أن الصادق المهدي رئيس حزب سياسي وكمواطن سوداني له وزنه ومواقفه ومن حقه أن يعبر عن ذلك. ولكن طالما أنه رجل عام عليه أيضاً أن يتقبل وجهة نظر الآخرين حول هذه المواقف.

* نعود إلى اللقاء الثلاثي هل تم تحديد موعد محدد؟

ـ نحن الآن في الخطوات قبل الأخيرة للتحديد القاطع لموعد اللقاء المقترح. ومبدئياً رأينا أن ينعقد اللقاء بعد يوم 10 من شهر مايو الجاري، والآن تجرى اتصالات لتحديد الموعد القاطع خلال الأيام القادمة.

* هناك حديث عن احتمال اتفاق بين الحكومة والحركة بأن توافق الحكومة على انفراد قرنق بحكم الجنوب والحكومة بحكم الشمال وكل يفعل ما يشاء في مناطقه؟

ـ بصراحة شديدة ليس من مصلحة قرنق أن ينفرد بحكم الجنوب وبذات القدر ليس من مصلحة المؤتمر الوطني الانفراد بحكم الشمال، والسودان يمر بظروف دقيقة وهذه الظروف تتطلب اتاحة المشاركة للجميع في الشمال والجنوب للوصول إلى اجماع وطني وأن يشارك الجميع في تحمل المسؤولية وأننا نرحب جداً بمن يأتي ليتحمل معنا هذه المسؤولية حتى نقفل الطريق أمام أي شخص أو مجموعة تسعى للعنف كوسيلة للمشاركة في السلطة، وحتى يكون التداول السلمي هو الوسيلة التي تتولى بها القوى السياسية حكم السودان.

* كل أسبوع نسمع عن قرار باطلاق سراح الدكتور حسن الترابي، وذلك منذ فترة ولكنه حتى الآن مصيره محل جدل لماذا؟

ـ إذا كنا نتحدث عن وفاق وطني ومساهمة القوى والقيادات السودانية لبناء السودان وإحداث تحول ديمقراطي حقيقي لا يمكن أن نغفل أو نتجاهل شخصاً مثل الدكتور حسن الترابي، فالرجل مهما اختلفنا معه له اسهاماته الفكرية واسهاماته في العمل الوطني، ولذلك فإن خطوة نقله إلى الحجز المنزلي في تقديري خطوة مهمة، ولكنها ليست الخطوة النهائية وقطعاً ستتبعها خطوات تتيح له الفرصة الكاملة للمشاركة في العمل الوطني وفق القوانين واللوائح والدستور الانتقالي الذي ستتم اجازته.

* قابلتم قرار مجلس الأمن بشأن المحكمة الجنائية بعنف بعيداً عن الدبلوماسية.. هل لديكم القدرة لانشاء محكمة سودانية عادلة لهذا الغرض؟

ـ رغم قناعتنا باستقلالية وقدرة الجهاز القضائي السوداني على تحقيق العدالة في كل السودان بصفة عامة وفي دارفور بصفة خاصة، إلا أن تطورات الأوضاع تستلزم علينا في الدبلوماسية السودانية التحرك والاتصال بكافة الجهات والمؤسسات التي يمكن أن تفيد في تجنيب السودان مواجهة مجلس الأمن، لأننا غير راغبين في المواجهة إلا إذا اضطررنا إلى ذلك اضطراراً. ولذلك تجري هذه الاتصالات على المستويات الدبلوماسية والسياسية واتصالات قانونية وأمنية حتى نستطيع أن نصل إلى طريق يمكننا من التوصل إلى قرار وفق ما حدده الرئيس البشير بعدم تسليم أي سوداني للمحاكمة خارج السودان، مع التزامنا الكامل بتحقيق العدالة ومحاسبة الذين ارتكبوا جرائم في دارفور. ولا نريد لهذا الجهد أن يشغلنا عن الرؤية الكلية لحل مشكلة دارفور من خلال حوار سياسي يفضي إلى حل سياسي.

* لماذا الموقف المتشدد تجاه اريتريا حتى الآن وهل هناك جديد لاعادة هذه العلاقات؟

ـ طال الزمان أو قصر فإن العلاقات السودانية الاريترية ستعود إلى وضعها الطبيعي الذي يستند الى العلاقات التاريخية بين الشعبين وحسن الجوار وتبادل المنافع والمصالح، وان يكون الأصل في هذه العلاقة هو التعاون والتنسيق بين البلدين لا المناكفة والتعويق. ونحن مهمتنا أن نجعل هذا الهدف قريباً من حيث الزمن ومن حيث تهدئة الأجواء، إذا كانت سياسة الحكومة السودانية هي تطبيع وتطوير علاقاتها مع كل دول الجوار، فمن باب أولى أن ينطبق ذلك على اريتريا، فهي الأقرب لنا من حيث التداخل السكاني على الحدود، ومثلاً إذا وقفت في بناية عالية في كسلا تستطيع أن ترى داخل اريتريا، بل ان ميناء مصوع على البحر الأحمر أقرب إلى الخرطوم من ميناء بورسودان، ولا ننسى أن هنالك حوالي نصف مليون اريتري ما زالوا يعيشون في السودان كمواطنــــين وليس كلاجئين، ولذلك من يظن أن هذه العلاقات ستظل متـــوترة إلى الأبد يكون واهماً، فإن الدفــــع من الشعبين في اريتريا والسودان قادر على تحقيــــق الارادة السياسية المطلوبة لتطبيع العلاقات بين البلدين ونأمل في أن يكون ذلك قريباً.