زعماء العالم احتفلوا بالذكرى الستين لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بموسكو

بوتين: لا حرب باردة بعد اليوم وروسيا لن تنسى أبدا مساعدة الحلفاء

TT

وسط اهتمام عالمي فائق النظير، احتفلت موسكو امس رسميا بالذكرى الستين لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الاولى على النازية، بمشاركة ما يقرب من ستين زعيما عالميا بمن فيهم زعماء البلدان التي منيت بالهزيمة في هذه الحرب وهي ألمانيا وايطاليا واليابان.

وانضم الضيوف إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالميدان الأحمر بموسكو ليشهدوا عرضا عسكريا دام ساعة، حملت خلاله القوات راية المطرقة والمنجل التي رفعت فوق مقر الرايخ في برلين منذ 60 عاما. وعبر أكثر من ألفي محارب سابق الميدان في سيارات كلاسيكية وسار نحو 7 آلاف جندي روسي على أقدامهم وهم يرتدون زي الحرب العالمية الثانية، بينما قامت الطائرات المقاتلة بتحية الضيوف وهى تعبر سماء موسكو الباردة.

وفى كلمته على الملأ قبل العرض العسكري، قال بوتين «مرت ستون عاما ولكن يوم التاسع من مايو(أيار) من كل عام سوف نبكي موتانا ونتذكر هذه الحرب»، مضيفا «هذه الحرب تدعونا إلى زيادة الوعي وتحملنا مزيدا من المسؤولية وتدعونا للاعتراف بمدى خطورة الهوة السحيقة التي وقف العالم على حافتها. إنه انتصار جماعي لا يمكن تقسيمه إلى «نحن وأنتم» وسنتذكر حلفاءنا دائما».

وقال بوتين في حضور المستشار الألماني غيرهارد شرودر إن تصالح روسيا مع ألمانيا «كان أحد أهم إنجازات أوروبا في فترة ما بعد الحرب». ويؤكد بوتين في هذه المناسبة «لا حرب باردة بعد اليوم وروسيا لن تنسى ابدا مساعدة الحلفاء»، معتبرا ان بلاده «ستتذكر دائما» المساعدة التي تلقتها من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمعادين للفاشية من الألمان والإيطاليين، لدحر المانيا النازية. وشارك ممثلو باقي دول الحلفاء في الاحتفال وهم الرئيسين الاميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك وعضو البرلمان البريطاني جون بريسكوت نائبا عن رئيس الوزراء توني بلير، بالإضافة إلى المستشار الألماني غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الياباني جونيتشيرو كويزومي. وأعقب العرض وضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول القريب من الميدان الأحمر ثم حفل استقبال في الكرملين.

وانتشر آلاف الجنود ورجال الشرطة حول الكرملين وسط مخاوف من وقوع هجمات خاصة بعد انفجارات التاسع من مايو في عامي 2002 و2004 التي أودت بحياة عشرات الأشخاص في شمال القوقاز. وفي المدن والبلدات الأخرى في روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة أقيمت أيضا عروض تذكارية احتفالا بالمناسبة المتوقع أن تكون الأخيرة للعديد من المحاربين القدامى الذين تجمعوا. وخلال النهار التقى الزعماء ومنهم بوتين وبوش وشرودر مع الجنود السابقين من كلا الجانبين للحديث عن تجاربهم خلال الحرب. وتجمع مئات آخرون من المحاربين القدامى في حديقة جوركي في موسكو للاجتماع مع الرفاق القدامى وشرب نخب الرفاق الذين سقطوا في الحرب في يوم يتسم بالفخر والحزن. وكشفت وقائع أمس في الميدان الأحمر عن نجاح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تجاوز مشكلة جمع الفرقاء على منصة الاحتفالات. فلم يتجاور حسبما كان متوقعا الرئيس الاميركي جورج بوش مع رئيس بيلاروس (روسيا البيضاء) الكسندر لوكاشينكو الذي كان اتهمه منذ أيام بأنه الدكتاتور الوحيد الباقي في أوروبا. وجاء التفسير في إطار إصرار لوكاشينكو على مشاركة ذويه في استعراض النصر في مينسك تقديرا للدور الأكبر الذي لعبته بلاده خلال هذه الحرب وكانت أول من اشتبك مع القوات الهتلرية في معركة بريست ليلة 22 يونيو (حزيران) 1941. ومع ذلك جمعت منصة احتفالات أمس رئيسي أذربيجان الهام علييف وأرمينيا روبرت كوتشاريان رغم مواصلة احتلال الاخيرة لجزء كبير من أراضي الاولى منذ اندلاع الحرب حول ناجورني قره باغ في نهاية الثمانينات. كما احتلت مكانها بين المدعوين رئيسة لاتفيا التي تتهمها موسكو بانتهاك حقوق الأقليات الناطقة بالروسية بعد ان كانت اعتذرت عن عدم الحضور مع رئيسي ليتوانيا واستونيا وكذلك رئيس جورجيا ميخائيل ساكاشفيللي الذي برر اعتذاره بالخلافات مع موسكو حول شروط جلاء القواعد العسكرية الروسية عن الأراضي الجورجية. لكن الغريب في هذا الصدد قد يتمثل في دعوة موشيه قصاب رئيس اسرائيل التي لم تكن قد ظهرت الى الوجود بعد ابان سنوات تحقيق النصر على الفاشية في الوقت الذي اغفلت فيه موسكو دعوة رؤساء بلدان عربية مثل مصر التي شاركت في الحرب من خلال تحالفها مع بريطانيا وشهدت اراضيها في العلمين الموقعة التاريخية بين المارشال مونتغمري وبروميل الألماني وكانت نقطة انعطاف في الحرب خارج حدود القارة الأوروبية، بل وحرصت على اقامة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي خلال سنوات الحرب تأكيدا من جانبها على التحالف معه، بل وكان الرئيس بوتين قد اشار في كلمته التي افتتح بها احتفالات امس الى ان الحرب وصلت الى الحدود المصرية مع فارق تاريخي بسيط يتمثل في ان «العلمين» ليست على الحدود بل داخل الأراضي المصرية.