ميقاتي اقترح تعديل بعض الدوائر الانتخابية فرفض جنبلاط وفرنجية

صفير «صوَّب» كلامه عن انتخاب المسيحي للمسيحي والمسلم للمسلم

TT

تسارعت التحركات والاتصالات لمعالجة الوضع السياسي المتأزم في لبنان جراء المعارضة المتنامية لقانون انتخاب العام 2000، وعشية إقفال باب الترشح للدورة الاولى لهذه الانتخابات المقرر إجراؤها في بيروت في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، فيما واصل البطريرك الماروني نصر الله صفير إطلاق المواقف المنتقدة لقانون العام 2000، مصوّباً في الوقت نفسه بعض ما ورد في خطبه التي ألقاها مساء اول من امس امام وفود شعبية من جزين (جنوب لبنان) والشمال والوسط، خصوصاً لجهة قوله ان «على المسلمين أن يأتوا بنوابهم وعلى المسيحيين أن يأتوا بنوابهم ايضاً». وقد أوضح صفير امام وفد كبير من منطقة البترون (شمال لبنان) زار بكركي امس، ان ما عناه هو «انه يريد ان يقترع المسلمون والمسيحيون معاً انما في دوائر مصغرة بحيث يعرفون ما يصنعون».

وغداة عودته من البرازيل، زار رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، البطريرك صفير في محاولة لإيجاد «تسوية»، وان في اللحظة الاخيرة، عبر اجراء تعديل في بعض الدوائر، مع تشديده على التزام حكومته إجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية. كما توجه بعد ذلك الى دارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في الجنوب عارضاً عليه «مشروع التسوية» والوقوف على رأيه حولها.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان اقتراح ميقاتي يقضي بإجراء «عملية تجميلية» سريعة لقانون العام 2000، بحيث تصبح محافظة الشمال ثلاث دوائر بدلاً من دائرتين، ومحافظة جبل لبنان اربع دوائر بدلاً من ثلاث، على ان تبقى بيروت والبقاع والجنوب على حالها. وذكرت مصادر ان بري لم يعترض على الفكرة، مشيراً في الوقت نفسه الى ان هذا الامر يتطلب التشاور مع عدد من القيادات المعنية، وبينها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والوزير السابق النائب سليمان فرنجية اللذين أبديا معارضتهما للطرح لتعود المسألة بذلك الى نقطة الصفر. وذكرت مصادر بري ان عدداً من نواب منطقة بيروت الشرقية أبلغوا بري ان الشارع المسيحي يشهد حالة غليان وان ثمة من يقوم بمظاهرات سيارة تحمل مكبرات الصوت وتطلق أناشيد كانت شائعة إبان الحرب الاهلية.

وكان ميقاتي الذي زار صفير امس قد صرح بأنه تحدث مع البطريرك عن موضوع الساعة، وشرح له موقف الحكومة من الموضوع والتزامها أمام المجلس النيابي بإجراء الانتخابات في مواعيدها، ثم البيان الوزاري الذي تقدم باقتراح انشاء لجنة مشتركة برلمانية حكومية. وقال: «أذعت سراً لصاحب الغبطة ان هذه اللجنة قبل ان اعرضها في البيان الوزاري تشاورت في شأنها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نوه بالاقتراح وأكد التزام اي توصية تصدر عن اللجنة. وهذه اللجنة تكون مشتركة بين المجلس النيابي والحكومة من خلال مختلف الكتل النيابية ووزيري العدل والداخلية. وبسبب بعض الاعتراضات على هذه اللجنة التي اعتبرت خارجة على الدستور، لم تر النور. ولكن لو تألف لكنا ربما استعضنا اليوم عن هذا السجال الذي حصل وربما كان تم الاتفاق على قانون انتخابي جديد».

وتابع: «نحن اليوم امام واقع في 29 مايو (ايار) الحكومة ملتزمة اجراء الانتخابات. وقد بحثنا مع صاحب الغبطة في اقتراحات عدة. ونأمل التوصل الى الحل المناسب ونقوم الآن ببعض المساعي لنرى إمكان النظر في قانون الالفين لجهة تعديل في بعض الدوائر يكون مبنياً على روح اتفاق الطائف وعلى الاختلاط في الدوائر، على ألا تتناقض اي سلطة مع العيش المشترك».

ولدى سؤاله اذا كان نقل الى سفراء الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، الذين التقى بهم مساء اول من امس، الصورة بوضوح أجاب: «مع احترامي الكامل لسعادة السفراء، نحن نتشاور في الامور ولكن ما نقوم به هو ما نراه لمصلحة وطننا التي علينا التزامها امام المجلس النيابي وامام المعارضة والموالاة كحكومة. ومن هنا ضرورة اجراء الانتخابات في مواعيدها. وهذا ما نصر عليه اليوم، والا سنخضع للمساءلة الدستورية كحكومة. الا اذا اقترح المجلس النيابي ارجاء الانتخابات او القيام بأي مشروع آخر، فالحكومة تلتزم ما يراه المجلس».

واثر زيارته بري يرافقه وزير المال دميانوس قطار ووزير البيئة طارق متري ووزير العدل خالد قباني، أوضح الرئيس ميقاتي انه سيستمر في التشاور معه (بري) ومع كل الفاعليات السياسية في البلد «آخذين في الاعتبار المهل الدستورية التي ارتبطنا بها».

وامام وفود طلابية من مدرسة الحكمة وشعبية من البترون أمت الصرح البطريركي في بكركي امس مؤيدة مواقفه، قال البطريرك صفير: «لقد قيل في الموقف الذي اتخذناه اننا نريد ان نقسم اللبنانيين. وهذا غير صحيح. نحن ننادي بالوحدة الوطنية وليس بالتقسيم والتفرقة. عندما نقول ان الطائف أعطى اللبنانيين 128 نائباً، نصفهم مسيحي ونصفهم مسلم، وعندما قلنا ان على المسيحيين ان يختاروا من هذا العدد 64 نائباً مثلما يختار المسلمون 64 نائباً، أراد بعضهم ان يفسر ان المسيحيين يختارون من هذا العدد من يريدون بالاستقلال عن المسلمين وهذا غير صحيح. نحن نريد ان يقترع المسلمون والمسيحيون.. انما بدوائر مصغرة بحيث يعرفون ما يصنعون ويعرفون ان يميزوا بين المرشحين ويكون لهم علاقة بهم، فلا يفرض عليهم من لا يريدون ولكن يعملون عن وعي وحرية ويختارون الاشخاص الذين لهم بهم علاقة ويعرفون انهم يمثلونهم خير تمثيل». وزار بكري عدد من النواب والشخصيات السياسية والحزبية معربين عن تأييدهم لمواقف البطريرك صفير وتبني مضمون البيان ـ الانذار الصادر عن المطارنة الموارنة قبل ايام. وفي هذا الاطار قال رئيس الجمهورية السابق امين الجميل ان «هناك محاولة لمحو ذاكرة اللبنانيين. فنحن اصرينا على ان نعيد الذاكرة ونعيد تمثال الشيخ بيار الجميل (مؤسس حزب الكتائب) الى موقعه في بكفيا (جبل لبنان). واتيت لأدعو البطريرك الى هذه المناسبة. اما في المواضيع الاخرى فبيان بكركي يعبر عن مشاعر كل اللبنانيين. هذه صرخة ألم ووقفة ضمير. ونأمل في ان يتفهم الجميع البيان الذي يعبّر عن شعور الوحدة الوطنية وليس فئوياً اطلاقاً.. والمضحك المبكي ان نرى كل من كانوا بالامس القريب يعبثون بسيادة وكرامة لبنان والمواطن ويتنكرون للقيم اللبنانية والمسلمات والثوابت التي تنادي بها بكركي، يأتون اليوم ليذرفوا دموع التماسيح في بكركي حتى يلحقوا حالهم».

واعلن عضو «لقاء قرنة شهوان» جبران تويني (رئيس مجلس ادارة مدير عام دار «النهار») انه وضع ترشيحه عن المقعد الارثوذكسي في بيروت بتصرف البطريرك صفير.

وعقد اجتماع استثنائي في مقر المطرانية المارونية في بيروت برئاسة المطران بولس مطر شارك فيه عدد من رؤساء المجالس والرابطات المارونية وشخصيات سياسية واقتصادية واعلامية. وأصدروا بياناً أكدوا فيه مساندة موقف بكركي المتمثل بالبيان الصادر عن المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك صفير.