واشنطن تحاول تهدئة العالم الإسلامي المطالب بالتحقيق والاعتذار في قضية تدنيس المصحف في غوانتانامو

TT

لا تزال تداعيات المعلومات التي أفادت بأن جنودا في قاعدة غوانتانامو الأميركية بكوبا، قاموا بتدنيس المصحف الشريف، تتفاعل في عدد من الدول العربية والإسلامية. فقد تواصلت التظاهرات الاحتجاجية أمس في أفغانستان، حيث قتل 6 أشخاص على الأقل، كما نظمت تظاهرات احتجاجية أخرى في إندونيسيا وقطاع غزة في الأراضي الفلسطينية. ومن جانبها، طالبت حكومات ومنظمات في دول إسلامية بالتحقيق في صحة المعلومات، في الوقت الذي حاولت فيه الولايات المتحدة أمس تهدئة العالم الإسلامي، وذكرت أن العناصر الأولية للتحقيق لا تثبت صحة المعلومات عن تعرض المصحف للتدنيس.

فقد نقلت وكالة الأنباء السعودية عن متحدث باسم وزارة الخارجية السعودية قوله إن «حكومة المملكة تهيب بالسلطات الأميركية المختصة إجراء تحقيق سريع، بخصوص ما تردد عن تعرض المصحف الشريف للتدنيس».

وفي إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث تعداد السكان، طلبت وزارة الخارجية من واشنطن إجراء تحقيق، معتبرة أنه إذا تبين أن الوقائع صحيحة، فإنها ستكون غير أخلاقية. كذلك تظاهر مئات الإندونيسيين أمس، وطالبوا بالاعتذار للمسلمين. وتجمع المتظاهرون بهدوء في أحد مساجد العاصمة جاكارتا، وتلوا بيانا انتقدوا فيه تعرض المصحف للتدنيس من قبل الجنود الأميركيين.

وفي مخيم جباليا بشمال قطاع غزة، تظاهر قرابة ألفي فلسطيني من أنصار «حماس» بعد ظهر أمس، احتجاجاً على المعلومات التي أفادت بأن جنوداً أميركيين دنسوا المصحف الشريف بإلقائه في مراحيض. وانطلقت التظاهرة، التي شارك فيها قرابة ألفي شخص تلبية لدعوة من «حماس» من مسجد الخلفاء وسط المخيم، وجابوا الشوارع والأزقة وهم يرفعون المصاحف ورايات «حماس» الخضراء.

أما في مصر، فقد أصدرت جماعة «الإخوان المسلمون» بيانا قالت فيه «إن الإخوان المسلمين، وقد هزهم خبر تدنيس المحققين الأميركيين بسجن غوانتانامو للمصحف الشريف، وإهانة القرآن الكريم والاعتداء على حرمته وقدسيته، يعربون عن شدة غضبهم وبالغ استنكارهم وإدانتهم له». ثم طالبوا واشنطن بالاعتذار.

وفي واشنطن، ذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن العناصر الأولية للتحقيق لم تؤد إلى أي دليل يثبت قيام جنود أميركيين بتدنيس المصحف، بينما توجهت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس إلى «المسلمين في أميركا وجميع أنحاء العالم»، في محاولة لتهدئة الوضع.

وقال رئيس أركان الجيوش الأميركية، الجنرال ريتشارد مايرز، إن دراسة أولى لمحاضر استجوابات لا تتضمن أي دليل يسمح بتأكيد هذه المعلومات. وأضاف أن الجنرال بانتز كرادوك، الذي يعمل في القيادة الجنوبية، توجه إلى معسكر الاعتقال في اليومين الماضيين «للتحقيق وليرى ما إذا كان القرآن تعرض للتدنيس فعلا. لقد درسوا محاضر استجوابات ولا يمكنهم تأكيد أن أي حادث جرى في المراحيض، باستثناء حالة واحدة ما زال علينا التأكد منها، وتحدث عنها حارس قال أنه شاهد أحد المعتقلين يمزق صفحات من القرآن لإلقائها في المرحاض، معبرا عن الاحتجاج».

أما الوزيرة رايس، فحرصت على إضفاء طابع رسمي على تصريحاتها حول هذه القضية، من خلال إدلائها بتصريح فور افتتاح جلسة استماع في مجلس الشيوخ أول من أمس. وقالت رايس: «نحترم الكتب المقدسة للديانات الكبرى في العالم، وعدم احترام القرآن هو في نظرنا جميعا أمر مشين. حرية الديانة للجميع هي من المبادئ المؤسسة للولايات المتحدة». واتهمت رايس ضمنا، عناصر متشددة بالسعي لاستخدام هذه القضية، من أجل تأجيج مشاعر العداء للولايات المتحدة، داعية «أصدقاءنا في جميع أنحاء العالم إلى رفض أي تحريض على العنف من جانب الذين يشوهون نوايانا».

وفي لندن قال إسلاميون إنهم سينظمون تظاهرة أمام السفارة الأميركية في العاصمة البريطانية يوم الجمعة المقبل احتجاجا على ما تردد عن تدنيس المصحف في غوانتانامو. وقال بيان صادر عن «المرصد الإسلامي»، وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الإسلاميين حول العالم، إن الإسلاميين سيصلون الجمعة أمام السفارة الأميركية في لندن يوم الجمعة المقبل، ثم يتظاهرون أمام السفارة من الساعة 12.30 حتى الساعة الثالثة. وادعى ياسر السري، مدير «المرصد الإسلامي»، أن «حدثاً كهذا لا يمكن أن يقع لولا حصول السجانين في غوانتانامو على إذن من كبار الساسة والقادة في واشنطن».

وكانت المجلة الأسبوعية الأميركية «نيوزويك» أفادت بأن محققين ينظرون في انتهاكات حدثت في غوانتانامو، علموا أن جنوداً في المعتقل الذي يحتجز فيها عناصر من تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان، قد رموا بالمصحف في المراحيض بهدف الضغط على أعصاب السجناء.