الرئيس الصومالي لـ«الشرق الاوسط» : البرلمان وافق على خطط الحكومة للعودة ونشر قوات من أوغندا والسودان

حرب البرلمانات تندلع وتصاعد الخلافات بين رؤساء السلطة الانتقالية حول نشر قوات حفظ السلام

TT

دخلت الأزمة الصومالية أمس منعطفا خطيرا يهدد بانقسام السلطة الانتقالية التي تمخضت عنها المفاوضات الشاقة على مدى العامين الماضيين في العاصمة الكينية نيروبي، حيث دعا رئيس البرلمان شريف شيخ حسن آدم إلي عقد جلسة للبرلمان يوم غد في العاصمة الصومالية مقديشو بعد إعلانه رفض الاعتراف بشرعية الجلسة التي عقدها البرلمان مساء يوم الأربعاء الماضي في نيروبي. وتأتي هذه التطورات الدراماتيكية المتلاحقة بعدما أقر مجلس الأمن والسلام التابع للاتحاد الافريقي أول من أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وبناء على موافقة البرلمان الصومالي، نشر 1750 من القوات الإثيوبية والأوغندية كمقدمة لقوات حفظ السلام الأفريقية والعربية التي طالب بها الصومال قبل خمسة اشهر. واطلع على محمد جيدي رئيس الوزراء الصومالي الانتقالي المجلس برفقة عبد الرزاق عثمان حسن وزير التخطيط والتعاون الدولي على قرار البرلمان الذي أقر، بعد اجتماع دام نحو خمس ساعات وبأغلبية كبيرة ، مشروع قرارين يسمح الأول بنشر قوات حفظ سلام من السودان وأوغندا وعدم الاكتفاء بقوات من دول لها حدود مشتركة مع الصومال في منطقة القرن الأفريقي قبل نهاية الشهر الجاري. والقرار الثاني يعطى الحكومة التفويض اللازم للبدء في عملية انتقالها إلى مدينتي جوهر وبيداوة مع فتح مكتب عمليات في العاصمة الصومالية مقديشو التي تجنبتها الحكومة لأنها غير آمنة وتمثل خطرا على مساعيها لممارسة مهام عملها من الداخل. وصوت 142 عضوا من أصل 152 عضوا شاركوا في هذه الجلسة على المشروع الأول الذي يسمح بنشر 750 من القوات الأوغندية وألف مقاتل من الجيش السوداني. بينما صوت 141 عضوا على المشروع الثاني وامتنع عضو واحد فقط على التصويت.

وتغيب رئيس البرلمان عن رئاسة هذه الجلسة على الرغم من المفاوضات المكثفة التي جرت لإقناعه بتغيير موقفه المعترض على تجاهل الحكومة لمطالبه مع عدد محدود من أعضاء الحكومة والبرلمان بالعودة إلى مقديشو وليس إلى جوهر وبيداوة، بينما ترأس الجلسة التي عقدت في قاعة المؤتمرات بالعاصمة الكينية نيروبي نائبه محمد عمر طلحة بناء على طلب من الرئيس عبد الله يوسف الذي يخول له ذلك الدستور المؤقت الذي تم إقراره في ختام محادثات السلام في العام الماضي.

وطعن المعارضون بعدم دستورية ومشروعية هذه الجلسة وما تمخض عنها من قرارات وبدأوا وفقا لمعلومات مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» في حشد قواتهم العسكرية وميلشياتهم المسلحة لإحباط أي محاولة لنشر قوات حفظ سلام أجنبية في العاصمة مقديشو أو غيرها من المدن الصومالية.

واعتبر رئيس البرلمان في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن الجلسة الأخيرة للبرلمان غير شرعية وتمثل مخالفة صريحة للدستور الصومالي المؤقت ، مشيرا إلى انه قد طلب من الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف ورئيس وزرائه جيدي تأجيل هذه الجلسة لمدة أسبوع نظرا لحساسية الموضوع ولضمان مشاركة جميع أعضاء البرلمان. وقال هناك مائة من أعضاء البرلمان موجودون حاليا في مقديشو ومناطق أخرى وكان ينبغي انتظار حضورهم بدلا من التسرع في إصدار قرارات لن تؤدى إلا إلي تفجير الخلافات بين مختلف الفصائل والقبائل الصومالية.

ولفت الانتباه إلى أنه يخشى من تكرار فشل عملية إعادة بناء الأمل التي نفذتها القوات الأميركية تحت غطاء الأمم المتحدة مطلع التسعينات بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع محمد سياد بري.

وأضاف «نريد أن يحظى انتشار قوات حفظ السلام الأفريقية بموافقة الجميع وليس فقط مجموعة محدودة ، مشيرا إلى أنه دعا أعضاء البرلمان للاجتماع للرد على ما حدث واتخاذ القرارات الشرعية السليمة لإنقاذ البلاد مما وصلت إليه الأمور». وقلل رئيس البرلمان من المخاوف التي تكهنت بإمكانية وقوع مواجهات دامية بين الفريقين المتخاصمين في الصومال وقال: نأمل ألا يحدث هذا ونحن مستعدون للتجاوب مع أي جهود وساطة لحل هذا الخلاف.

لكن الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف أبلغ «الشرق الأوسط» في المقابل أن الدستور يمنح الرئيس الحق في دعوة البرلمان لجلسة عمل لمناقشة بعض المشروعات والقوانين. وقال يوسف الذي سيتوجه غدا إلي العاصمة البريطانية لندن لإجراء فحوصات طبية روتينية انه لن يسمح لأحد بوقف ما وصفه بمساعي حكومته لإعادة الهيبة لمؤسسات الدولة الصومالية. وشدد على أن رئيس البرلمان أخطأ بموقفه الذي يتناقض مع مصالح الشعب ويضر بها، موضحا أن الشعب يريد عودة الحكومة بأسرع ما يمكن حتى لا تفقد مصداقيتها كما أنه لا يجوز أن تبقى الحكومة إلي الأبد في نيروبي لتتحول بمرور الوقت إلى حكومة منفى لا تستطيع إدارة شؤون البلاد من الداخل.

وتعهد عبد الله يوسف بمحاسبة من سماهم بتجار الرعب ومصاصي الدماء، والمتآمرين على مصالح شعبهم ومواطنيهم، في أقرب وقت ممكن، في تلميح إلي أنه قد يكون بصدد اتخاذ قرارات بفصل ثلاثة من الوزراء الذين يمثلون تيارا مناوئا لخطط حكومة رئيس الوزراء على محمد جيدي.

ووجه الرئيس الصومالي الذي تولى منصبه منذ شهر أغسطس (آب) الماضي انتقادات حادة لهؤلاء لكن من دون الإشارة إليهم صراحة ، وقال إن قوى داخلية مرتبطة بجهات إرهابية تريد زعزعة الأمن في الصومال وزرع بذور الفرقة داخل حكومته ، وأوضح أن دولا أفريقية اتصلت بالحكومة الصومالية وهي تريد الانضمام إلي قوات حفظ السلام المزمع إرسالها إلى الصومال، وقال إن دولا مثل نيجيريا، وجنوب أفريقيا بالإضافة إلي دول عربية أخرى (لم يحددها) تريد الانضمام، لكن كانت هناك عقبة رئيسية تتمثل في ضرورة الحصول على موافقة الجهة التشريعية (البرلمان) وهو ما حدث بالفعل.