17 قتيلا في صدامات بين الشرطة ونازحين تتسبب في أزمة جديدة بين الحكومة وحركة قرنق

النازحون أحرقوا مركزا للشرطة و4 سيارات في الخرطوم احتجاجا على قرار بإزالة منازلهم

TT

وقعت صدامات دموية قوية امس بين الشرطة السودانية ومواطنين في ضاحية جنوب الخرطوم. وتضاربت الروايات حول عدد الضحايا، وفيما قالت الحكومة ان عدد القتلى في الاحداث التي افشت حالة من التوتر في العاصمة السودانية 17 بينهم 14 من الشرطة على رأسهم ضابط برتبة نقيب، و3 من المواطنين وان عدد الجرحى «14»، ذكر المواطنون في «ضاحية سوبا غرب»، حيث وقعت الاحدات ان عدد القتلى «7» مواطنين، والجرحى نحو «30». ولم يشأ المواطنون الذين تحدثوا لـ«الشرق الاوسط» حول الاحداث ان يتحدثوا عن القتلى وسط الشرطة. كما ادت الصدامات الى حرق «4» سيارات تتبع للشرطة، ومركز الشرطة في الموقع، ومكتب اللجنة الشعبية للحي. ووقعت الاحداث بسبب قيام السلطات في ولاية الخرطوم بإزالة مبان تعتبرها «عشوائية» في ضاحية سوبا (10 كيلومترات غرب جنوب العاصمة الخرطوم) واستمرت حالة التوتر بسبب الاحداث حتى المساء مع توقعات انفجارها من جديد في اي لحظة. وخلقت الصدامات ازمة بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان ادت الى تعليق اعمال مفوضية مكونة من الطرفين وأحزاب سياسية اخرى تقوم باعداد دستور انتقال للبلاد بموجب اتفاق السلام الموقع بين الطرفين في يناير الماضى.

وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الوضع في سوبا واعتبرت الاحداث مخالفة لحقوق الانسان. وفي مؤتمر صحافي مساء امس روى الدكتور عبد الحليم المتعافى والى ولاية الخرطوم تفاصيل الاحداث، وقال ان سلطات الولاية كان لديها امس امر باخلاء مجموعة من المواطين يسكنون في حي سوبا غرب في مواقع لا يستحقونها، وذكر ان القوة التي شكلت لاخلاء المواطنين غير المستحقين اتصلت به واخبرته بانه في حال تنفيذ امر الاخلاء ستحدث صدامات، ومضى «وعليه قمت بإيقاف امر الاخلاء وأصدرت أمرا في الثامنة من صباح امس سحبت بموجبه القوة من الموقع»، وقال «المواطنون حاصروا فيما بعد مركز الشرطة في المنطقة بعد ان انطلقت شائعة بان الإخلاء سيشمل الجميع المستحق وغير المستحق».

وذكر ان المواطنين دخلوا مركز شرطة المنطقة ووجدوا في المدخل سياسة تتبع لشرطة المحاكم بداخلها اثنان من رجال الشرطة ضربوهما ضربا شديدا، قبل ان يحرقوا العربة، وأحرقوا من بعد 3 سيارات تتبع لشرطة المركز وأوسعوا رجال الشرطة ضربا اسفر عن مقتل 14 من رجال الشرطة بينهم ضابط برتبة النقيب، وجرح نفس العدد من رجال الشرطة. وقال المتعافى ان الاحداث اسفرت عن مقتل 3 من المواطنين، وشدد ان الشرطة لم تطلق النار ابدا على المواطنين بدليل ان القتلى الثلاثة لم يقتلوا بالرصاص. وحمل المتعافى «حزب سياسي كبير مسؤولية الاحداث». وقال ان هذا الحزب ظل يعبئ المواطنين ضد الحكومة بعد موقفه الاخير الرافض لكيفية اعداد الدستور» في اشارة واضحة الى حزب الامة المعارض بزعامة الصادق المهدي»، وبرأ المتعافى الحركة الشعبية ومسلحي من تلك الاحداث. وشدد المتعافى ان السلطات ستواصل عملها لازالة غير المستحقين من المواقع التي يرفضون الخروج منها وهي تتبع لمواطنين آخرين، ومضى ان «الاجراءات الأمنية في هذا الخصوص ستستمر حتى لا يأخذ أي شخص حقه بالقوة».

ولكن المواطنين في سوبا غرب يتهمون السلطات باستخدام القوة ضدهم بإطلاق النار عليهم، وذكروا في رواياتهم لـ «الشرق الاوسط» ان الشرطة اطلقت عليهم النار، وإنهم منذ الصباح الباكر امس وجدوا انفسهم مطوقين من قوات الشرطة، وقالوا انهم حاولوا التفاوض مع قائد القوة التي رابطت في المكان ولكنه قال لهم انه ينفذ اوامر وحدثت مشادة تطورت الى صدام بين الطرفين، وقالوا ان عدد القتلى في المكان كان 7 قتلى من المواطنين، و الجرحى 30 من المواطنين.

وقال ياسر عرمان الناطق الرسمى باسم الحركة الشعبية ان الحركة الشعبية تقدمت بإحتجاج رسمى على احداث العنف في سوبا غرب وطلبت تعليق اعمال مفوضية الدستور ليوم واحد «أمس». باعتبار «ان الاحداث تستوجب الوقفة». وقال عرمان في تصريحات شديدة اللهجة ان الاحتجاج ضروري لعدم تكرار الاحداث في منطقة أخرى، وحتى نتمكن من بداية الدخول في عهد جديد يكون فيه التعامل بالقانون وان نجعل الجميع يحترم القانون حتى رجالات حفظ القانون وعدم استخدام القوة ضد المواطنين.

ودعا عرمان الى تشكيل لجنة تقصي حقائق نزيهة حول الاحداث مع عمل معالجة لاوضاع النازحين بالعاصمة بشكل يؤدي الى اخذ مصالح جميع الاطراف في الحسبان، وقال ان احتجاج الحركة ليس انحيازاً للجنوبيين فقط وانما انحياز لكل الشعب السوداني ولاحترام حقوق الانسان والتصرف وفق القانون من اجهزة الدولة وذكر ان احتجاج الحركة موقف عادي بمثابة تمرين ديمقراطى، وأضاف «ان الحركة سبق ان احتجت على الاحداث الطلابية في مدينة الدلنج» والتي ادت الى مقتل طالب وحرق مبان في الجامعة. وقال ان الحركة لا تتحدث باسم الجنوبيين وإنما باسم الحركة الشعبية باعتبار ان جنوبيين في مختلف الاحزاب والقوى السياسية ومع ذلك فإن الجنوبيين مواطنون سودانيون، وذكر ان اتفاقية السلام يجب ان ترتب لأوضاع وعلاقة جديدة بين الحكومة والمواطنين وواجب الحركة الشعبية ان لديها مسؤولية وطنية تجعلها تتوقف عند مثل هذه التصرفات فضحاياها مواطنون ابرياء» خاصة ونحن نتحدث عن دستور سيضع الامور في نصابها، وقال عرمان ان المؤتمر الوطني حزب سياسي يمكن ان يحتج على تصرف ما باعتباره حزبا وتنظيما ويمكن ان يحتج اليوم على احداث سوبا وتعامل الشرطة والاجهزة الأمنية مع المواطنين، او يمكنه ان يحتج على احداث حتى في الدولة نفسها او على تصرفات مسؤول اعطى اوامر خاطئة.

من ناحيتها، عبرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الوضع في سوبا، وقالت راضية عاشوري المتحدثة الرسمية للأمم المتحدة في مؤتمر صحافي أمس في الخرطوم ان خطط الحكومة لتخطيط المنطقة تجد الدعم من الأمم المتحدة لكن الطريقة المتبعة في التعامل مع النازحين في سوبا «تشكل خرقاً لحقوق الانسان»، وأكدت على ضرورة «وقف ما يجري الآن والبحث عن طرق بديلة»، واضافت ان التهجير القسرى لا يفيد في حل المشكلة وقالت عاشورى لا يمكن اجبار النازحين على اخلاء المناطق من دون توفير البديل.