أوروبا متشائمة.. وإيران تشعر بأن ملفها النووي في طريقه إلى مجلس الأمن

جولة «الفرصة الأخيرة» الثلاثاء المقبل في باريس

TT

في الوقت الذي تم فيه الاتفاق على عقد جولة حاسمة من المفاوضات بين إيران والاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء المقبل في باريس، على الأرجح، أبدى الأوروبيون تشاؤما إزاء وجود فرصة كبيرة للاتفاق بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم، الذي تصر إيران على استئنافه، الأمر الذي عزز تكهنات بإحالة الملف لمجلس الأمن، في حين تقول مصادر إيرانية إن الأمور تسير في طريق الذهاب إلى المجلس، وهو ما طالبت به إسرائيل مجددا. ومن جانبها أعلنت واشنطن أن الإحالة للمجلس لفرض عقوبات على طهران، لا تزال خيارا. فقد أعلن وزير الخارجية البريطاني، جاك سترو، أن اجتماعا وزاريا للترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) وإيران، حول البرنامج النووي الإيراني سيعقد على الأرجح في باريس.

وقال سترو، في ختام لقاء مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في واشنطن، مساء أول من أمس: «قررنا، نحن وزراء الخارجية الثلاثة، يوشكا فيشر وميشال بارنييه وأنا، أن نلتقي وفدا إيرانيا مطلع الأسبوع المقبل في مكان قد يكون باريس على الأرجح».

وفي باريس، ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن اتصالات جارية لمعرفة هل يعقد هذا الاجتماع الوزاري في بروكسل أو باريس.

ومن المقرر أن يرأس الوفد الإيراني حسن روحاني، مسؤول الملف النووي، لإنقاذ عملية المفاوضات الجارية حول هذا الملف.

وأضاف سترو، انه لا يستطيع التكهن بنتيجة هذا الاجتماع. لكنه أعرب عن الأمل «في أن يكون مثمرا». وأوضح أن الأوروبيين لا يستبعدون طرح الملف على مجلس الأمن، إذا ما قررت إيران وقف تعليق أنشطتها النووية المثيرة للجدل، والذي تفاوضت في شأنه مع الأوروبيين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال: «نحتفظ بحق إعادة فتح الملف في مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو طرحه في مجلس الأمن إذا ما استقر الرأي على أن هذا ما يتعين القيام به».

من جهتها، ذكرت رايس أن واشنطن ما زالت تعتبر اللجوء إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات على إيران «خيارا». لكنها أشارت إلى أن الولايات المتحدة ما زالت حتى الآن «تدعم بقوة المفاوضات التي تجريها البلدان الأوروبية الثلاثة مع الإيرانيين». ورفضت رايس أن تحدد المهلة التي تستطيع واشنطن منحها للأوروبيين لإقناع إيران بالوقف النهائي للأنشطة النووية، التي تشتبه واشنطن في أنها تستخدم للحصول على السلاح النووي. وقالت: «لا أريد بالتأكيد تحديد مهلة، لأن المفاوضات أمر ليس بالسهل».

في الوقت نفسه، رأى دبلوماسيون أن التهديد بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي، لم يكن يوما قويا كما هو عليه حاليا، إذ أن الأوروبيين والإيرانيين لا يعلقون آمالا كبيرة على الاجتماع المرتقب بينهما.

وقال عدد من الدبلوماسيين إن الاجتماع «لا يبشر بالخير»، مع أن الإيرانيين يقولون إنه يشكل «فرصة أخيرة». وأوضح أحدهم «لدينا جميعا الانطباع بأننا في طريقنا إلى مجلس الأمن الدولي».

وأكد سايروس ناصري، أحد المفاوضين الإيرانيين مع الأوروبيين، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «فرص التوصل إلى اتفاق ليست كبيرة جدا». ويعتبر الإيرانيون أن قرار استئناف قسم من أنشطتهم النووية الحساسة «نهائي».

وبالنسبة للأوروبيين، القلقين مثلهم مثل قسم كبير من المجموعة الدولية، من إخفاء إيران، على مدى 18 سنة، أنشطتها النووية، يشكل التخلي عن تخصيب اليورانيوم الضمانة الوحيدة المقنعة بأن إيران لا تصنع السلاح النووي. وقال دبلوماسي أوروبي «كل ما نحن متفقون عليه هو أننا غير متفقين».

ويقول الأوروبيون إنه من غير الوارد الرضوخ في مسألة التخصيب. ويؤكد الإيرانيون في المقابل أن أي اتفاق سيتم على أساس خطتهم. وقال دبلوماسي أوروبي إن «الإيرانيين قدموا لنا اقتراحا واحدا فقط، وهذا الاقتراح غير مقبول».

ويرد الإيرانيون بأن الأوروبيين رهينة الأميركيين، ولا يسعون إلا إلى إطالة تعليق تخصيب اليورانيوم. وأفاد مصدر دبلوماسي بأنه «بإمكان الأوروبيين أن يحاولوا عرض أمر ما، شرط ألا يكون متعارضا مع مبادئهم» حول التخصيب. وقال إنهم أكدوا التزامهم لدى الأميركيين الذين علقوا مطلبهم بإحالة الملف إلى مجلس الأمن لإفساح المجال أمام الجهود الدبلوماسية.

ويؤكد الدبلوماسيون أن رفع القضية إلى مجلس الأمن لا يعني قطيعة نهائية.

وقبل صدور قرار محتمل وبعيد بفرض عقوبات على إيران، يمكن لإيران أن تعود إلى قرار تعليق التخصيب. لكن الإيرانيين حذروا أيضا من أنهم اعدوا ردهم في حال أحيل الملف إلى مجلس الأمن الدولي. وتمارس الأطراف الأكثر تشددا في إيران، ضغوطا لتنسحب البلاد من معاهدة حظر انتشار الأسلحة.

من جانبه، طالب وزير خارجية إسرائيل سلفان شالوم، عقب اجتماعه أمس في دوسلدورف (ألمانيا) مع وزير الخارجية الألماني، يوشكا فيشر، بوضع نهاية لبرنامج إيران النووي، وطالب مجلس الأمن بالاهتمام بالبرنامج النووي لإيران، وناشد المجتمع الدولي سرعة التدخل قبل أن يهدد مسعى إيران لبناء قنبلة نووية العالم بأسره.

وأيد وزير الخارجية الإسرائيلي إيجاد حل دبلوماسي لإنهاء الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة التدخل قبل الجلسة المقبلة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الثالث عشر من الشهر المقبل، وهي فترة قصيرة، على حد قول الوزير.

وقال شالوم إن إيران لم تتخل أبدا عن هدفها في امتلاك قنبلة نووية، وإنها اقتربت بالفعل من القدرة على بناء هذه القنبلة.

وفي بروكسل اختتمت أمس الجولة الجديدة من الحوار الأوروبي ـ الإيراني، التي استغرقت يومين للتباحث على مستوى الخبراء حول العديد من القضايا السياسية والتجارية. وتطرقت المباحثات إلى موضوعات تتعلق بملف حقوق الإنسان والأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب ومكافحة نشر السلاح النووي. وجرى أيضا خلال الاجتماعات بحث قضايا تتعلق بسبل دعم التعاون الاقتصادي والتجاري بين الاتحاد الأوروبي وإيران.

وكانت جولات الحوار، الذي وصف بالنقدي، قد انطلقت في عام 2002 لإيجاد آليات لتفعيل وتطوير التعاون في مجالات مختلفة، وخاصة التجاري والاقتصادي بين أوروبا وطهران، وتطوير الحوار السياسي بينهما، إلا أن القلق الأوروبي من تطورات الملف النووي الإيراني تسبب في تعليق المحادثات بينهما في يونيو من العام قبل الماضي. وقد تظاهر المئات من مؤيدي عودة الملكية في إيران أمام مقر الاتحاد الأوروبي للتعبير عن احتجاجهم على الحوار مع طهران. وندد المتظاهرون، الذين عطلوا حركة المرور، بانتهاكات حقوق الإنسان في إيران.