بطريرك الكلدان لـ«الشرق الاوسط»: نريد دستورا عراقيا يوفر الحرية الكاملة للجميع ولا يكون مصدره الديني واحدا

TT

رغم أن الزيارة التي يقوم بها حاليا بطريرك الكلدان عمانوئيل الثالث الى فرنسا ذات طابع ديني، فقد حرصت السلطات الفرنسية على معاملته معاملة خاصة، إذ استقبله الرئيس جاك شيراك في قصر الإليزيه بداية الأسبوع، وأمس كان ضيف وزير الخارجية ميشال بارنييه على مأدبة غداء رسمية في مقر وزارة الخارجية التي سبق ان وصفت زيارة بطريرك الكلدان الذي انتخب لهذا المنصب نهاية عام 2003 بأنها «فرصة لتؤكد فرنسا على العلاقات التي تربطها بالعراق والتضامن مع طائفة عانت كثيرا خصوصا من موجة عمليات الاعتداء، ولتؤكد على تمسكها بأن يستمر مسيحيو العراق في لعب دور في إطار عراق ديمقراطي يحترم كل معتقدات مواطنيه الدينية».

وفي لقاء خص به «الشرق الأوسط»، حرص البطريرك الذي يقوم بجولة أوروبية وأميركية على الحديث من منطلق كونه «عراقيا وليس مسيحيا أو كلدانيا لأن ما هو واقع على المسيحي واقع على المسلم» ولأن العراقيين جميعا «أبناء بلد واحد وعائلة واحدة أكانوا مسيحيين أم مسلمين أو يزيديين».

ويقدر البطريرك عدد المسيحيين في العراق بـ 800 ألف شخص 80% منهم من الكاثوليك و80% من هؤلاء كلدان. ويمثل المسيحيون في البرلمان المؤقت ستة نواب بينما تمثلهم وزيرة واحدة في حكومة إبراهيم الجعفري. ويرى البطريرك عمانوئيل الثالث أن المسيحيين «ممثلون كفاية» وأنه «لا يستطيع المطالبة بمزيد (من المناصب)، فالمهم أن نسمع صوتنا وأن نبين أن هناك مسيحيين ومسيحية، كما أن هناك مسلمين وغير مسلمين». ويضيف: «أنا متأكد من أن المسلمين الموجودين في الحكم هم من الأخيار والطيبين ويريدون أن يستمر المسيحيون في العراق لأن العراقيين مخلصون لبعضهم ولوطنهم».

وينفي البطريرك الكلداني أن يكون المسيحيون يتعرضون لمضايقات خاصة في جنوب العراق أو حتى في بغداد، فالمضايقات «تطال الجميع» و«الخوف وعدم الاستقرار وغياب الأمن يصيب الجميع». ورغم ما هو جار، يبدو البطريرك الكلداني واثقا من أن العراقيين سينجحون في تفادي حرب أهلية. وقال: «الإرهابيون يريدون إيصال البلاد الى حرب أهلية ولكن هذه الحرب لن تقع. الشيعة لا يريدون حربا اهلية والسنة كذلك، والسيستاني والضاري (رئيس هيئة علماء السنة) لا يريدان حربا أهلية وأنا كرئيس للمسيحيين لا أريد حربا أهلية». وأضاف البطريرك الداعي الى الاعتدال: «نريد الحوار. السلاح لا يأتي بالسلام. أنا ذهبت لمقابلة السيستاني والضاري وثمة تشاور بين بعضنا البعض لنرى كيف يمكن أن نعمل يدا بيد من أجل عراق أفضل ينعم بالحرية ويكون قدوة للآخرين».

وفيما تتهيأ الحكومة العراقية الى إطلاق ورشة كتابة الدستور العراقي الجديد الذي من المفترض أن يصدق عليه في استفتاء شعبي، طرح ممثل المسيحيين في العراق تصوره لهذا الدستور الذي «يجب أن يكون عادلا ومستوحيا المبادئ الصالحة ومؤسَّسا لا على مصدر واحد هو القرآن والشريعة الإسلامية وإنما كافة الكتب المقدسة والشرائع الإلهية والطبيعية». وأضاف عمانوئيل الثالث: «إن ما نطالب به هو ألا يكون القرآن والشريعة الإسلامية المصدر الوحيد بل أحد مصادر الدستور.. هذا ما نطالب به. كما نطالب بأن يوفر الدستور الجديد الحرية الكاملة لكافة أبناء العراق سواء الحرية الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الشخصية وليس فقط حرية العبادة». وخلص عمانوئيل الثالث الى القول: «هذا أملنا وأنا تحدثت مع المسؤولين وهم وعدوني خيرا. من الطبيعي في بلد كالعراق يشكل المسلمون ما بين 90 و95% من سكانه أن تكون الرئاسة والقيادة للمسلمين وأن يكون غالبية الوزراء من المسلمين، ولكن هذا لا يعني أن تسير الدولة والمحاكم وفق القرآن والشريعة الإسلامية وحدهما».