إدارة بوش تشن حملة علاقات واسعة لإصلاح أضرار تقرير تدنيس المصحف

البنتاغون يقدم لجنوده تعليمات حول كيفية التعامل مع القرآن

TT

ضغط البيت الابيض على مجلة «نيوزويك» طالباً منها الذهاب ابعد من سحب مقالها المثير للجدل، و«المساعدة في اصلاح الضرر» الذي لحق بصورة الولايات المتحدة في العالم الاسلامي، وذلك في أعقاب نشر المجلة مطلع الشهر الجاري مقالها الذي قال ان محققين اميركيين في سجن غوانتانامو رموا نسخة من القرآن في مرحاض من اجل الاساءة للمعتقلين.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان اول من امس انه يرحب بتراجع المجلة عن مقالها «كخطوة اولى جيدة»، لكنه أصر على ضرورة ان تبذل المجلة المزيد من الجهود لاصلاح الضرر الذي احدثته.

وإضافة لمطالبتها مساعدة «نيوزويك» في اصلاح الأمر، بدأت ادارة الرئيس جورج بوش حملة علاقات عامة في العالم وخصوصا الاسلامي منه. فقد افاد مسؤولون انه تم ارسال رسالة يوم الاثنين لكافة السفارات الاميركية تحتوي على نص تراجع مجلة «نيوزويك» عن التقرير، وتأكيد بان التحقيقات لم تؤد الى العثور على أي أدلة عن حدوث اساءة للمصحف. وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر ان السفارات ابلغت بنشر تلك المعلومات و«نحن ندرك ان هناك ضرورة لابلاغ الناس بالحقائق وبسياستنا».

ومن ناحيتها، قالت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) اول من امس انها تراجع الاجراءات الخاصة بالتعامل مع المصحف. وقال متحدث باسم البنتاغون انه رغم تراجع «نيوزويك» عن تقريرها، فان الجيش سيراجع القواعد القائمة الآن لضمان ان الحراس والجنود في غوانتانامو يعاملون القرآن باحترام. ونشر البنتاغون مذكرة من ثلاث صفحات تحتوي على اوامر صارمة اصدرتها عام 2003 الى الجيش الاميركي في غوانتانامو. وتدعو المذكرة الى حماية القرآن «وعدم وضعه في اماكن مهينة ، مثل وضعه على الارض وقرب الحمامات او المغاسل او قرب الاقدام او في أمكان متسخة او مبتلة». وتضيف انه لا يسمح سوى للأئمة والمترجمين المسلمين بلمس القرآن بعد وضع قفازات نظيفة. كما يجب حمله بكلتي اليدين كمؤشر على الاحترام ويفضل استخدام اليد اليمنى.

وفي غضون ذلك، تزايدت الانتقادات الموجهة الى مجلة «نيوزويك» مثل اتهامها بممارسة الصحافة الرديئة والتسبب في قتل عدد من الاشخاص في تظاهرات معادية للولايات المتحدة في افغانستان.

وقالت لي ويلكنس البروفيسور في كلية ميسوري للصحافة المتخصصة في اخلاقيات الصحافة: «لقد حاولت المجلة ان تكون شفافة، ففي اللحظة التي اكتشفت فيها خطأها اعترفت به، ولكن هذه الايام يبدو ان ذلك غير كاف».

ومن المشاكل التي تواجهها المجلة في استراتيجتها لاصلاح الضرر الذي احدثه تقريرها، هي التهمة بانه لا يوجد اعتذار او تراجع يمكن ان يخفف من اثر مثل هذا التقرير الذي اثار استياء كبيرا. وفي تفسير للتراجع عن التقرير، قال رئيس تحرير المجلة مارك ويتكر ان مصدر التقرير «تراجع» عن روايته. وفي أفغانستان قال جواد لودين المتحدث باسم الرئيس الافغاني حميد كرزاي، ان المجلة يجب ان تتحمل مسؤولية التظاهرات التي أدت الى مقتل اكثر من عشرة اشخاص، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية جليل عباس جيلاني ان تراجع المجلة هو اعتراف بانها تصرفت «بطريقة غير مسؤولة».

وفي الولايات المتحدة هاجم جيف جارفيز المسؤول عن موقع «بازماشين» على الانترنت الذي يركز على قضايا الاعلام، المجلة وقال انها تقدم «درسا رهيبا في الصحافة». واضاف: «هذه غلطة اودت بحياة اشخاص واضرت بسمعة الصحافة المتضررة بالفعل». وقد أدى الجدل حول تقرير المجلة الى احياء النقاش حول استخدام الصحافة لمصادر لا يكشف عن هويتها في الوقت الذي يتعرض فيه الاعلام الاميركي الى ضغوط كثيفة لاثبات مصداقيته. وفيما يقر المحللون الاعلاميون بخطر نشر تقارير دون الكشف عن هوية مصدرها، فانهم يقولون ان هذا اللوم في عدم الكشف عن هوية المصادر يقع جزئيا على الحكومة.

واوضحت ويلكنس انه «عندما تكون لدينا ادارة تركز على السرية على عدة مستويات ، مثل ادارة الرئيس جورج بوش، فانه من الصعب على من يملكون المعلومات العمل مع الصحافيين والافصاح عما يعرفونه. ان ثمن الكشف عن المصدر مرتفع جدا في الوقت الحاضر».

واكد توم غولدشتاين البروفيسور في الصحافة والاتصالات في جامعة كاليفورنيا على نفس النقطة قائلاً: «في بعض الاحيان، في حالة من يملكون معلومات هامة او في الحالات التي يتعلق بها الامر بالدبلوماسية او الامن القومي، يكون الشخص المطلع على المعلومات غير قادر على الكشف عن هويته».