رئيس البرلمان العراقي: إشراك العرب السنة في كتابة الدستور مشروعنا قبل أن تقترحه رايس

الدكتور حاجم الحسني لـ «الشرق الأوسط»: نحتاج إلى حوار وطني لا مصالحة لأننا لسنا أطرافا متعادية

TT

أعلن الدكتور حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية العراقية اتفاقه مع ما طرحته وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال زيارتها أخيرا إلى العراق بشأن توسيع دائرة المشاركة في كتابة الدستور، وكشف ان الفكرة مطروحة عراقيا قبل هذا الوقت.

وأوضح الحسني في حديث لـ «الشرق الأوسط» انه شخصيا قدم اقتراحا في هذا الشأن نص على تشكيل هيئة لكتابة الدستور«تضم أعضاء من الجمعية الوطنية وآخرين من خارجها». وكشف انه التقى رايس لمدة نصف ساعة وبحث معها الوضع الأمني والعملية السياسية.

* بعد التصريحات التي أدلت بها رايس والداعية إلى إشراك العرب السنة في عملية كتابة الدستور.. هل نتوقع تعديلا في قوام لجنة كتابة الدستور؟

ـ هذا الموضوع لا علاقة له بزيارة الوزيرة رايس، فنحن أثرنا هذه القضية في بداية العملية السياسية ومنذ ان تم تشكيل الجمعية الوطنية، وكنت على رأس الذين طرحوا رأيهم في تشكيل هذه اللجنة.. كان اقتراحا بان تكون هناك هيئة تضم أعضاء من الجمعية الوطنية وآخرين من خارجها وان تكون لهم حقوق متساوية بما في ذلك حق التصويت، فمثل هذه التجربة اعتمدت في العديد من دول العالم وثمة سبب قوي لاعتمادها في العراق لان أطيافا من الشعب العراقي لم تشترك في الانتخابات ولا يوجد لها تمثيل مناسب في الجمعية الوطنية. إنني أصر على القول إن الدستور يكتب للشعب العراقي كله وليس للفائزين في الانتخابات، كما أن الكتلتين الفائزتين ليستا هما الجهة الوحيدة المعنية بكتابة الدستور مما يتطلب إشراك ممثلي كافة الشرائح العراقية في كتابة الدستور. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنني لا أعني العرب السنة فقط وإنما كل الأطياف التي لم تمثل بشكل صحيح لان هذا الدستور سيحدد طبيعة الحياة السياسية في العراق لعشرات السنين، ومن هنا يجب على الجميع العمل على ضم الآخرين إلى عملية كتابة الدستور. البعض قال إن هذه اللجنة هي من اختيار الجمعية الوطنية المنتخبة وأنا أقول إن هذا صحيح من الناحية القانونية، ولكن في المقابل هناك طرق قانونية ودستورية أخرى تتيح إشراك الآخرين وتعطيهم ذات الحقوق والواجبات في كتابة الدستور الدائم للبلاد.

* كيف تنظرون إلى زيارة رايس في هذا الوقت بالذات؟

ـ لقد التقيت مع رايس لأكثر من نصف ساعة وتناقشنا وتباحثنا حول المسائل التي جاءت من اجلها إلى العراق، وأود أن اذكر أن هذه الزيارة كان مخططا لها أن تحصل حينما كانت رايس تشغل منصب مستشارة الأمن القومي، لكن الزيارة تأخرت وجاءت في هذا الوقت. وكما تعلمون فان الولايات المتحدة وغيرها من الدول تريد أن يحصل الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في العراق ليصب ذلك في مصلحة الجميع، فالعملية السياسية تتأثر ايجابيا أو سلبيا بالوضع الأمني وبانضمام أو عدم انضمام الأطراف الأخرى وخاصة التي لم تشترك في الانتخابات، إلى هذه العملية. لقد تم البحث مع وزيرة الخارجية الأميركية في ما يتصل بالأوضاع الأمنية وسبل إيجاد الحلول الملائمة لإصلاحها لان الولايات المتحدة لها وجود في العراق وتلعب قواتها دورا مهما مع القوات المسلحة العراقية في استتباب الأمن.

* وماذا عن المصالحة الوطنية التي أكدت رايس على وجوب تحققها ؟

ـ هناك نوع من عدم الارتياح لهذا المصطلح لأنه يعني وجود أعداء يجب أن يتصالحوا فيما بينهم. لذلك يفضل الكثير أن يكون هناك حوار وطني بين أطياف الشعب العراقي، ونحن مع إجراء هذا الحوار لأننا نعتقد أن بالإمكان من خلاله الوصول إلى معالجات لإصلاح جميع الأوضاع السياسية والأمنية، فهناك أطراف تحاورت وهناك أطراف غائبة وهناك حوار شعبي يحتاج إلى أن يتطور إلى حوار مع الجهات الرسمية في الدولة، فنحن في طور بناء الدولة الجديدة، وأود أن أوضح بان الدولة السابقة قد انتهت. إن الحوار الوطني بين كافة الأطراف في العراق ضروري لوضع القواعد والأسس السليمة لبناء البلد وإعادة الهوية العراقية للعراقيين لان الكثير يعتقدون أننا بدأنا نفقد هويتنا، ولا بد لي أن أؤكد أننا كنا فاقدين هويتنا العراقية ذلك أن الهوية الوطنية تعني الانتماء من خلال امتلاك حق المشاركة في القرار السياسي، وفي العراق لم يكن العراقي يمتلك شيئا بل كانت السلطة تسلب كل الحقوق من دون وازع ولا رادع لها، أما اليوم فإننا نريد وضع الأسس الصحيحة ليكون للعراقي دور في صناعة القرار السياسي من خلال صناديق الاقتراع ومن خلال مراقبته لأجهزة الدولة التي نسعى أن تكون دولة القانون والمؤسسات، ولكي يشعر المواطن العراقي انه ينتمي لهذا البلد ويكون ولاؤه محسوما للوطن وللشعب، وعندما لا تحس أي جهة أو فرد بهذا الانتماء تبدأ عملية تفتت الهوية ويبدأ الاتجاه إلى الهويات الضيقة ومنها الطائفية وبعدها تتجه لتكون الهوية عشائرية أو أسرية.

* وماذا عما طرحته رايس حول عناصر حزب البعث؟

ـ نحن بحاجة إلى ان نفرق بين من أجرم بحق الشعب العراقي وتلطخت يداه بدماء العراقيين وبين من انتمى الى حزب البعث انتماء مصلحيا قائما على الارتزاق وحماية النفس من بطش النظام السابق او لأي سبب آخر، فإذا كان انتماؤه لم يتسبب في ضرر كبير للشعب العراقي من خلال القتل او التعذيب، فاعتقد ان علينا كسبه وإعادته إلى جسم الشعب ليكون جزءا مهما في عملية البناء. وبهذا الصدد يجب ان أقول إننا يجب ألا نكون قساة عليهم وإنما يجب ان نفتح لهم قلوبنا وأحضاننا ونعيدهم الى حضن الوطن لأنهم لم يرتكبوا جرما. اننا ننظر الى «اجتثاث البعث» على انه اجتثاث للمجرمين وليس للعناصر التي لم ترتكب الجرائم.

* ما هي معلوماتكم عما تردد من ان عددا من الوزراء في الحكومة المؤقتة السابقة تورطوا في الفساد المالي والإداري وان إحدى الوزيرات حاولت الهرب وقبض عليها؟

ـ هذا عار عن الصحة، فهنالك أقاويل كثيرة تتردد حول موضوع الفساد في بعض الوزارات السابقة إلا ان هذا الأمر يحتاج إلى التحقق والتدقيق لا ان تهاجم وسائل الإعلام وتوجه التهم لهذا الوزير او ذاك، فهذا أمر غير سليم ومفوضية النزاهة تنظر في القضايا والمعلومات التي تردها وتتحقق منها، وهناك إجراءات قانونية يمكن التحقق منها مع الوزير المعني وبالطرق الأصولية، فإذا ثبت ان هناك اتهامات حقيقية يحال الموضوع إلى القضاء الذي يتمتع باستقلالية، وهو الذي يجب ان يقول كلمته في هذه الأمور، وعند ذلك نستطيع القول ان الوزير الفلاني مارس الفساد الإداري او المالي أما ان نطال سمعة الوزراء بهذه الطريقة فهذا ليس بالأمر السليم. وأنا عندما كنت وزيرا للصناعة والمعادن تقدم عدد من منتسبي الوزارة بتقرير إلى المفوضية العليا للنزاهة ولأنني أؤمن بالشفافية وفسح المجال للآخرين لان يكتشفوا الحقائق بأنفسهم فتحت كافة الأبواب لمفوضية النزاهة وبعد ان انتهت اللجان من التحقيق ثبت عدم صحة اية تهمة وردت في التقرير.

* ما هو موقف الجمعية الوطنية بصفتها ممثلا للشعب العراقي من قضية موظفي وزارة الإعلام المنحلة ومنتسبي الجيش العراقي المنحل؟

ـ من واجبات الجمعية الوطنية العمل على حفظ حقوق المواطنين وحل مشاكلهم وان أية مشكلة كانت سواء المتعلقة بالإعلاميين الذين تشردوا بعد حل وزارتهم او مشكلة الجيش الذي تم حله أيضا، ففي تصوري ان من واجبات الجمعية الوطنية ان تبحث وتجد العلاج لهذه المشاكل، كما سيتم بحث هذه الإشكالات المتعلقة بحياة المواطن العراقي لكي نستطيع إعادة اللحمة إلى المجتمع ولكي يكون للجميع دور في بناء العراق الجديد.