تقرير فريق الامم المتحدة عن الانسحاب السوري من لبنان: الانسحاب استكمل خلال شهر

باستثناء موقع متنازع عليه في منطقة دير العشائر

TT

أكد الأمين العام للأمم كوفي انان بأن لجنة الأمم المتحدة للتحقق من انسحاب القوات السورية من لبنان قد استنتجت بأن جميع أفراد القوات السورية من العسكريين والمخابرات قد انسحبت من لبنان. ووصف الأمين العام تقرير لجنة التحقق بالإيجابي وقال في تصريح للصحافة بعد أن سلم نسخة من التقرير إلى أعضاء مجلس الأمن في مأدبة غداء «إن الأمم المتحدة فخورة» وأشار إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان وأكد على ضرورة أن يكون لبنان بلدا حرا ومستقلا وخاليا من كل القوات الأجنبية. وأفاد التقرير بأنه بعد التجوال في حدود 1500 كيلومتر داخل لبنان وزيارة 133 من مواقع القوات والاستخبارات السورية لم يجد فريق التحقق أي قوات سورية أو أصول ظاهرة للاستخبارات في الأراضي اللبنانية. واستثنى تقرير لجنة التحقق منطقة (دير العشاير) حيث تم نشر كتيبة من القوات السورية قرب المنطقة فقال «إن البعثة قد استنتجت بقدر ما بوسعها بأن القوات السورية وأصولها العسكرية قد انسحبت وبالكامل من الأراضي اللبنانية باستثناء منطقة دير العشاير». وذكر أن القوات اللبنانية قد حلت محل 11 موقعا كانوا للقوات السورية. وفي ما يلي الاستنتاجات التي توصل اليها فريق التحقيق في تقريره المقدم الى امين عام الامم المتحدة: «ادارة المهمة (1 ـ 13 مايو 2005) أحداث تحقق جديرة بالملاحظة 14ـ في يوم 4 مايو (أيار) زار الفريق منطقة قوسايا حيث كانت تقارير قد اشارت الى أن أفراد أو معدات للجيش السوري يمكن أن يكونوا موجودين. وتعتبر قوسايا منطقة يسيطر عليها الفلسطينيون في المرتفعات الشرقية لوادي البقاع، ليست بعيدة عن الحدود مع سورية. وفي الساعة التاسعة وعشرين دقيقة وصل الفريق الى مدخل المعسكر الفلسطيني الذي كان يحرسه فلسطينيان مسلحان. وأمر أحد الحارسين البعثة بالمغادرة في الحال. وعلى الرغم من التأكيدات من جانب مرافقي الفريق اللبنانيين وجه الحارس سلاحه نحو الفريق لمنعه من الدخول. وبينما انسحبت البعثة أطلق الحارس طلقات تحذيرية في الهواء. ومن الواضح ان الوصول الى قوسايا كان محرما على الفريق الذي كان، بالتالي، غير قادر على التحقق من الانسحاب السوري من ذلك الموقع. وجرت تغطية واسعة لهذا الحادث في وسائل الاعلام وكان موضوع تصريح من جانب الأمين العام يوم 5 مايو.

15ـ في يوم 5 مايو (أيار) كانت البعثة تقوم بزيارة منطقة دير العشاير القريبة من الحدود مع سورية في الشرق. ولاحظ الفريق موقعا عسكريا تبين أنه كتيبة سورية في الأراضي اللبنانية وفقا للخرائط التي وفرتها السلطات العسكرية السورية واللبنانية. وزار الفريق الموقع في الحال بدون مرافقين. وادعى القائد العسكري السوري (برتبة لواء) ان الموقع داخل الأراضي السورية، مشيرا الى خط من تلال صخرية أمام الموقع يزعم أنها تعين الحدود. ويجب ملاحظة ان الحكومتين السورية واللبنانية لم تتفقا بعد على ترسيم حدودهما وتدرسان في الوقت الحالي القضية على أعلى المستويات السياسية. وعلى الرغم من ان ترسيم الحدود لم يكن من مهمات البعثة، فان الافتقار الى حدود محددة في منطقة دير العشاير يعني ان الفريق لم يكن قادرا على التحقق مما اذا كانت الكتيبة السورية في الأراضي السورية أو اللبنانية.

16ـ وكان الفريق يشعر بالقلق من أن قوات الجيش السوري وليس حرس الحدود كانوا يشغلون موقعا قريبا من الحدود. وكانت السلطات العسكرية السورية في دمشق قد أبلغت الفريق ان جميع الوحدات العسكرية قد عادت الى ثكناتها في سورية قبل يوم 26 ابريل (نيسان) 2005، ولم يبق في المنطقة سوى حرس الحدود. وطلب رئيس الفريق توضيحا من السلطات العسكرية السورية حول هذه النقطة وابلغ بأن الافتقار الى حرس الحدود استدعى استخدام وحدة عسكرية في المنطقة.

17ـ وفي يوم 10 مايو (أيار) زار الفريق واديا صغيرا في منطقة الناعمة التي تقع على بعد 15 كيلومترا جنوب بيروت، بعد ان اشارت تقاريرالى احتمال وجود أفراد أو معدات من الجيش السوري. وكان الوادي منطقة يسيطر عليها الفلسطينيون. واتصلت السلطات العسكرية اللبنانية بالفلسطينيين لضمان مرور ودخول أمن للفريق الى الوادي. وجرى استقبال الفريق عند وصوله، ومرافقته في الوادي ودعوته الى دخول نفق كان قد شيد في جانب من الوادي. واشار الممثلون الفلسطينيون الى أن أفراد الفريق كانوا أول غرباء يدخلون الموقع، وعبروا عن الاسف لحدوث أي سوء فهم في منطقة قوسايا وقدموا للفريق كل مساعدة في الناعمة. وأكد الممثلون للفريق انه ليست هناك قوات او معدات سورية في الموقع. وقام الفريق بجولة قصيرة في النفق وتحقق من هذا التصريح الى الحد الممكن قبل عودته من الوادي ومغادرته المنطقة.

18ـ وفي نهاية يوم 10 مايو(أيار) كان الفريق قد زار كل المواقع الموجودة في ملفات معلوماته شاطبا عددا قليلا من المواقع غير المهمة.

رابعا: ملاحظات 19ـ كانت نشاطات الفريق ذات أهمية كبيرة بالنسبة للشعب اللبناني وجرت لها تغطية واسعة من جانب وسائل الاعلام المحلية والدولية. وكان السبب يعود الى العلاقة بين عملية التحقق وثلاث قضايا كبرى مثيرة للاهتمام: اغتيال(رئيس الحكومة) رفيق الحريري، قضية ترسيم الحدود ووجود العناصر الفلسطينية المسلحة.

20ـ ولاحظ الفريق التعاون العسكري المديد بين الجيشين السوري واللبناني الذي يستمر اليوم حتى بعد الانسحاب. فما يزال الضباط اللبنانيون يسافرون الى سورية في ظل برنامج التعاون هذا ومن المحتمل ان يقوم الضباط السوريون بزيارة لبنان في الاطار ذاته.

21ـ عثر على زنزانات في مواقع كان يشغلها في السابق جهاز المخابرات السوري، مثل «فندق بوريفاج في بيروت و«فيلا جابر» خارج العاصمة بيروت و«المدرسة الاميركية» في منطقة طرابلس. خاتمة وتوصيات: 22ـ عقب سفره لأكثر من 1500 كيلومترا وزيارته 133 موقعا سابقا للقوات السورية وجهاز المخابرات، لم يعثر الفريق على قوات سورية او ممتلكات او جهاز للاستخبارات داخل الحدود اللبنانية، باستثناء كتيبة سورية نشرت بالقرب من دير العشير. تسلم الجيش اللبناني مسبقا 11 موقعا كان يشغلها الجيش السوري سابقا. لذا، فإن هذه المهمة انتهت الى ان القوات والممتلكات السورية سحبت بالكامل من الاراضي اللبنانية باستثناء منطقة دير العشير التي لم يتضح وضعها (انظر اسفل). 23ـ لا توجد اتفاقية حدود بين حكومتي سورية ولبنان ولا خط واضح فاصل للحدود على الارض. نتيجة لذلك، لم يتمكن الفريق من التأكد مما اذا كان وحدة الجيش السوري الموجودة في منطقة دير العشاير متمركزة في اراض سورية ام لبنانية. وضع هذه الوحدة العسكرية سيتضح بمجرد توصل حكومتي البلدين الى اتفاق حدودي. 24ـ كان التحقق من سحب جهاز المخابرات السوري عملية صعبة لأن نشاط الاستخبارات بصورة عامة عادة ما يكون سريا. زار الفريق كل المواقع التي استخدمت في السابق بواسطة الاستخبارات العسكرية السورية ووجدها خالية. لذا، فإن الفريق توصل الى انه لم يعد هناك وجود للاستخبارات العسكرية السورية في لبنان في المواقع المعروفة او في صورة أفراد يرتدون زيا عسكريا. إلا ان الفريق لم يتمكن من التوصل الى خلاصة مؤكدة تفيد بأن جهاز المخابرات السوري سحب من لبنان.

25ـ عثر الفريق على عدة أعمال حفر ودفاعات استخدمت في السابق بواسطة القوات السورية خصوصا في وادي البقاع. تضمنت هذه الأعمال في غالبية الحالات جدرانا ترابية، إلا ان الفريق عثر على مخابئ تحت الأرض وخنادق. ويوصي الفريق بتفكيك السلطات السورية أي دفاعات او أعمال من هذا القبيل يمكن ان تسبب مخاطر للمدنيين اللبنانيين.

26ـ طلب من اللجنة إجراء تقييم للتوصل الى ما اذا هنالك حاجة الى لجنة اخرى شاملة للتحقق من الأوضاع. ويعتقد الفريق ان مثل هذه اللجنة ستتبع فقط خطى هذا الفريق في لبنان وستكون غير قادرة على التحقق من الانسحاب الكامل لجهاز المخابرات السوري السري. لذا، لا يوصي الفريق بتشكيل لجنة تحقق اخرى في هذه المرحلة.

27ـ يود الفريق ان يسجل شكره وتقديره للحكومات والسلطات العسكرية لكل من سورية ولبنان لكرمها ومساندتها للجنة خلال وجودها في المنطقة. فبدون هذه المساندة، لكانت عملية تخطيط وتنفيذ عمل اللجنة في لبنان اكثر صعوبة. يود الفريق ان يسجل شكره ايضا لمنظمات الامم المتحدة على الدعم الاداري واللوجستي الذي قدمته للفريق والذي كان عاملا اساسيا في نجاح الفريق في المهمة التي اوكلت له».

* اللواء الحاجي محمد كانجي ـ نائب المستشار العسكري في إدارة عمليات حفظ السلام ـ الشرق الاوسط ـ قائد فريق التحقق ـ نيويورك 23 مايو 2005