تقرير دولي: تنظيم «القاعدة» لا يزال خطرا لكنه مبعثر

قال إن منطقة الشرق الأوسط أكثر أمنا مما كانت عليه قبل عام

TT

قال تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجة لعام 2005، إن تنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن، «ما زال يعتبر منظمة إرهابية خطرة، لكنه يتجه أكثر فأكثر إلى اللامركزية، وقيادته التي حرمت من قاعدتها في أفغانستان، فقدت من نفوذها. ورأى التقرير أيضاً أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت أكثر أمنا مقارنة بما كانت عليه قبل عام، وذلك بسبب التطورات الإيجابية في العراق، وعلى مستوى الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

وأوضح المعهد الذي يتخذ من لندن مقراً «أن القاعدة لم تكن في نهاية 2004 ترأس سوى مجموعات غير رسمية من الخلايا، وبكثير من التراخي». وأشار إلى أن «القاعدة» ومنذ نجاح التدخل ضد نظام طالبان في أفغانستان، حرمت من «قاعدتها الأساسية»، كما أن «زعامة التنظيم المحاصرة والمعزولة، لم تعد لها سوى سيطرة عملانية ضعيفة جدا على قوات تتباعد أكثر فأكثر». لكن القاعدة لا تملك ربما أي شيء تكسبه إذا ما أقامت معقلا جديدا لها على غرار ما كان بالنسبة إليها نظام حركة طالبان السابق في أفغانستان، وفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الذي أضاف قائلاً: «لإعادة تأكيد سيطرتها، ينبغي إعادة تمركز الحركة حول قاعدة طبيعية جديدة، لكن ذلك سيقدم هدفا سهلا لقدرة الغرب العسكرية»، وربما كانت لتنظيم أسامة بن لادن مصلحة «في المحافظة على شكله الحالي شبه الافتراضي».

ويرى التقرير أن «القاعدة الطبيعية» لتنظيم القاعدة، في حال بقيت له قاعدة، أقرب إلى بغداد منها إلى أفغانستان. ويقول التقرير «إن العراق قد يوفر ميدان التدريب للمقاتلين الأجانب الراغبين في إثبات إمكاناتهم، وقد يصبح معقلا لجيل جديد من قادة القاعدة»، مع أبو مصعب الزرقاوي، على سبيل المثال.

وأشار التقرير بذلك إلى «الانعكاس السياسي» القوي للأصولي الأردني مع «مجموعة تناقص عددها نسبيا، عبر العمليات بالسيارات المفخخة». وبحسب خبراء المعهد، فإنه إذا «ما بدا أن المجندين الجهاديين ازدادوا عددا في بداية الحرب في العراق تجذبهم حجج وفكر أسامة بن لادن، فإن السياسة الأميركية في العراق والشرق الأوسط تؤتي على ما يبدو ثمارها رويدا رويدا في وجه الإرهاب.

ويتجنب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية مع ذلك ابداء تفاؤل مفرط، ويقول إن الإجراءات «القاسية» التي قررها الأميركيون وحلفاؤهم في إطار الحرب على الإرهاب لم تؤد إلا إلى «استيعاب» التهديد الإرهابي. وشدد المعهد على «أن تحسين العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب ضروري»، حتى ولو لم يؤد «الاحتلال العنيف للعراق» من قبل القوات الأميركية إلى «تسهيله»، بالإضافة إلى النزاع الذي لم يجد حلا بين الإسرائيليين والفلسطينيين. واعتبر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية انه «منذ مطلع عام 2005، يبدو أن ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر اعتدالا في الحملة على الإرهاب باتت أمرا يتقاسمه العالم الغربي بصورة أكبر». وأعطى التقرير السنوي مصداقية للولايات المتحدة بسبب الإجراءات التي قامت بها، والتي يبدو أنها بدأت تؤتي ثمارها خلال العام الماضي، وخصوصاً في العراق. وقال التقرير الذي جاء في 384 صفحة: «إذا كان مايو (أيار) 2004 تميز بيأس واسع النطاق بسبب أعمال التمرد المتصاعد في العراق، فإن الكلمة المميزة لمايو 2005 هي الأمل المشوب بالحذر». وأشار التقرير إلى التقدم الذي أحرز على جبهة الصراع العربي ـ الإسرائيلي والوعود بانتخابات تعددية في مصر والاحتجاجات ضد الوجود السوري في لبنان، كأمثلة على نجاح السياسات الأميركية. وأضاف التقرير: «في المجمل، فإن السياسة الأميركية في 2004 ـ 2005 بدت فعالة نوعا ما في تعزيز اللاعبين الإقليميين في الشرق الأوسط والخليج، ومساعدتهم في التكتل في مواجهة الدول المارقة، وتنفيذ إصلاحات سياسية معتدلة، إلا أن الأثر المهم للتدخل في العراق على الإرهاب الأصولي عبر الحدود، ظل المشكلة الواضحة. فمن وجهة نظر القاعدة، فإن سياسات بوش الخاصة بالعراق أفرزت مجموعة من الظروف المواتية، وهي تعثر أميركا استراتيجياً، وكرهها من جانب كثيرين في العالم الإسلامي، ونظر حلفائها إليها بعين الشك والريبة».

ومضى التقرير قائلا إن استئناف الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد وفاة ياسر عرفات، كان بمثابة «نقطة انطلاق» في عملية السلام ،وإن «ظهرت تغييرات جوهرية ليس فقط بوفاة عرفات، لكن بالتزام (رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل) شارون وبتعهد بوش باستخدام النفوذ الأميركي للتوصل إلى اتفاق نهائي».

من ناحية أخرى، حذر التقرير من تمكن منظمات إرهابية من التزود بالسلاح الذري في حال لم يتمكن المجتمع الدولي من ضبط الانتشار النووي. ورأى أن زعزعة الاستقرار الإقليمي والثغرات الموجودة في معاهدة منع الانتشار النووي وتهريب المعدات النووية، يمكن أن تؤدي جميعها إلى «أزمة كبيرة وكارثة نووية في حال لم يتم تداركها سريعا»، معتبراً أن «الإمكانية التي تثير القلق الشديد هي حصول القاعدة أو مجموعة إرهابية مماثلة، على سلاح نووي بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين».

وقال التقرير «إن ظهور بلدان جديدة تمتلك السلاح الذري مثل كوريا الشمالية وإيران، وخطر الإرهاب النووي، وبطء عملية نزع السلاح النووي، تدفع بقوة نحو سقوط النظام الحالي لمنع الانتشار النووي».

واعتبر التقرير أن إيران «لا تزال بحاجة إلى بضع سنوات للتمكن من إنتاج سلاح نووي، إلا أن كوريا الشمالية تملك على الأرجح قنبلة واحدة على الأقل وربما اثنتين». ودعا المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية اخيرا القوى النووية الحالية الى تجديد التزامها بمبادئ منع الانتشار النووي.