وزير خارجية المغرب: نحمل مسؤولية كل «عمل استنفاري» لمن يصدر عنه

بن عيسى لـ «الشرق الاوسط» : زيارة العاهل المغربي الأخيرة للجزائر جاءت لتفادي تكريس الحلقة المفرغة

TT

قال محمد بن عيسى، وزير خارجية المغرب ان بلاده يحدوها الأمل في ان تتوصل الرئاسة الليبية قريبا الى جمع شمل دول الاتحاد المغاربي، وتنعقد القمة في ظروف أكثر وضوحا وايجابية.

وأوضح الوزير بن عيسى في حديث مع «الشرق الأوسط» في طرابلس ان زيارة الملك محمد السادس الأخيرة للجزائر جاءت تفاديا لتكريس الحلقة المفرغة.

ووصف الوزير بن عيسى البرقية التي بعث بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى محمد عبد العزيز، الأمين العام لجبهة البوليساريو، بمناسبة الذكرى الى 32 لتأسيس الجبهة، بأنها كانت «بلغة تنم عن شعور غير حميم تجاه المغرب، وتمس في الصميم الكيان السيادي والاستقلالي للمملكة المغربية، وخاصة حينما وعد الرئيس الجزائري بما مفاده انه سيكون المدافع عن جبهة البوليساريو في قمة ليبيا، علما انه خلال محادثات جلالة الملك مع الرئيس بوتفليقة كان هناك تفاهم على ان نبقي ملف الصحراء في الأمم المتحدة، كما كانت الجزائر تطالب بذلك دائما».

وأشار وزير خارجية المغرب الى انه خشية ان تتحول القمة المغاربية الى قمة ثنائية بين الجزائر والمغرب يتم فيها التراشق حول قضية الصحراء المغربية، قرر الملك محمد السادس، وابلغ ذلك الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، انه يفضل عدم الحضور الى القمة تفاديا لاحراج الرئاسة، الى ان تنجلي الأمور وتتضح الرؤية.

وفي ما يلي نص الحديث:

* بعد إرجاء القمة المغاربية في ليبيا هل يمكننا اعتبار القمة المؤجلة بأنها كانت آخر فرصة للاتحاد المغاربي لكي يضع نفسه على سكة الانطلاقة الصحيحة؟

ـ نحن في المغرب يحدونا الأمل في ان تتوصل الرئاسة الليبية قريبا إن شاء الله الى جمع شمل دول الاتحاد المغاربي، وتنعقد القمة في ظروف اكثر وضوحا وايجابية. فالمغرب وجلالة الملك محمد السادس شخصيا، كان يتطلع الى ان تكون قمة طرابلس قمة الانطلاقة، وقمة العمل المغاربي المشترك، وقمة تفعيل حقيقي لهياكل الاتحاد بعيدا عن الاستفزازات والتناولات غير المفيدة، بحيث تتيح هذه القمة اقامة آلية لتنسيق العمل المغاربي المشترك سواء على الصعيد الاقليمي او الصعيد الدولي.

* هناك من يشبه وضعية اتحاد المغرب العربي بأسطورة «سيزيف» اليونانية، وقضية الصحراء بالصخرة التي يحملها بطل الاسطورة. الا ترى ان الاتحاد المغاربي يدور دائما في حلقة مفرغة ليعود في نهاية المطاف الى المربع الأول؟

ـ تفاديا لتكريس الحلقة المفرغة، قرر الملك محمد السادس خلال زيارته الأخيرة للجزائر ولقائه مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ان نقوم أولا بتطبيع كل علاقتنا مع الاشقاء في الجزائر، وان نعمل على تفعيل وتحريك دينامية الاتحاد المغاربي، وبالتالي، وكما كان يطالب الجزائريون بذلك باستمرار، ان نبقي على قضية الصحراء المغربية في نطاق الأمم المتحدة، حتى لا تعرقل عمل الاتحاد المغاربي. فهذا الحرص من جلالة الملك تؤكد عليه المبادرات الملكية في هذا السياق، وهي المبادرة المتمثلة في حذف تأشيرات الدخول للمواطنين الجزائريين الى المغرب، وفي قرار جلالة الملك بتمديد اقامته في الجزائر، والاجتماع مع الرئيس بوتفليقة، وكذلك الاشارات التي بعث بها المغرب لحث الاخوة في الجزائر على الاسراع في تطبيع الأمور، واقامة علاقة بين الجار والجار، والشقيق والشقيق، علاقة تتسم بالوضوح وبالروح البناءة. إلا اننا، وللأسف الشديد، فوجئنا قبيل انعقاد القمة المغاربية بتصعيد غير مسبوق وغير مقبول، حين بعث الرئيس بوتفليقة ببرقية تهنئة الى جبهة البوليساريو، بلغة تنم عن شعور غير حميم تجاه المغرب، وتمس في الصميم الكيان السيادي والاستقلالي للمملكة المغربية، وخاصة حينما وعد الرئيس الجزائري بما مفاده ان يكون المدافع عن جبهة البوليساريو في قمة ليبيا. علما انه خلال محادثات الملك مع الرئيس بوتفليقة كان هناك تفاهم على ان نبقي على ملف الصحراء في الأمم المتحدة، كما كانت الجزائر تطالب بذلك دائما. وخشية ان تتحول القمة المغاربية الى قمة ثنائية بين الجزائر والمغرب يتم فيها التراشق حول قضية الصحراء المغربية، قرر جلالة الملك، وابلغ ذلك القائد معمر القذافي، انه يفضل عدم الحضور الى القمة، تفاديا لاحراج الرئاسة، الى ان تنجلي الأمور وتتضح الرؤية.

* حينما خرجتم أول من أمس من القاعة التي كان يجتمع فيها وزراء خارجية دول الاتحاد، توجهتم للقاء العقيد القذافي. فكيف تقبل الزعيم الليبي قرار عدم حضور ملك المغرب الى القمة؟

ـ اعتقد انه ليس من اللياقة نقل حديث دار بيني وبين رئيس مجلس رئاسة الاتحاد. إذ كنت محملا برسالة شفاهية من جلالة الملك الى القائد القذافي، وأبلغتها له، وهي تتعلق بالأساس بموضوع الاتحاد المغاربي.

* اذا تعاملنا مع موضوع تأجيل القمة بمنطق الربح والخسارة. من هو الرابح ومن هو الخاسر في هذه العملية في نظرك؟

ـ نحن في المملكة المغربية لا ننظر الى الأمور من منطلق الربح والخسارة. وكما سبق ان قلت فان الملك محمد السادس يحرص شخصيا على ابقاء الاتحاد المغاربي وعلى دعمه وتفعيله لأنه خيار استراتيجي لا رجعة فيه باعتباره خيار الشعوب قبل ان يكون خيار الحكومات، وبالتالي كلما حصل إرجاء أو تعثر في هذا التوجه شعرنا بالخيبة، ونكون كلنا في الحقيقة خاسرين.

* بعد ان وصلت وضعية الاتحاد المغاربي الى الطريق المسدود، الا تتخوفون في المغرب من عملية وقف اطلاق النار في الصحراء، خاصة بعد التهديدات الأخيرة التي اطلقتها جبهة البوليساريو؟

ـ نحن بطبيعة الحال نحمل مسؤولية كل عمل استنفاري لمن يصدر عنه، والأمم المتحدة تراقب الوضع في المنطقة عن طريق «مينورسو». والمغرب بطبيعة الحال ايضا حريص على ان يدافع عن مكتسباته وحرمته وكيانه، وعلى سيادته ووحدة اراضيه بكل غال ونفيس.