السياح اختفوا ونزل مهربو النفط بجزيرة الداكير في شط العرب

سكان البصرة يتحدثون عن شخصيات خليجية تدير العمليات غير الشرعية

TT

تحولت جزيرة الداكير في البصرة بحكم موقعها وسط مجرى شط العرب في اتجاه الجنوب وبشكل تدريجي خلال العامين الماضيين، من مكان لصناعة وتصليح السفن وتعويم الزوارق، الى اكبر مرفأ غير شرعي لتحميل القطع البحرية بالمنتجات النفطية المعدة للتهريب وبيعها بالأسواق الحرة في بعض الدول المطلة على الخليج. وبالرغم من تشديد الاجهزة الامنية للحد من عمليات تهريب النفط المنطلقة من هذه الجزيرة، وتباشير تصريحات المسؤولين في الأجهزة الأمنية بالقبض على عدد من المهربين مرة، ومصادرة خزانات وزوارق وساحبات وصهاريج ووضع اليد على خطوط أنابيب ناقلة ومضخات للتعبئة وعدادات مرات أخرى، وأخبار عن بناء نقاط تفتيش وسيطرة بحرية ودوريات برية ووصول زوارق حديثة للمطاردة إلا ان واقع الحال، يؤكد ان نزيف الاقتصاد الوطني لم يتوقف وان للمهربين وسائل ولغات، تبدأ من التهديد او مد الجسور الى الضغط على الزناد كما يقول المقربون منهم، التي باتت معروفة لدى اهل البصرة. واكدت وثائق مركز علوم البحار في جامعة البصرة، ان الجزيرة أطلق عليها الإنجليز عند احتلال البصرة في الحرب العالمية اسم «الحوض الجاف»، عندما استخدمت كمحطة لتصليح وامداد السفن الحربية، ثم أصبحت مركزا للشركات البحرية منها شركات (كري مكنزي وبيت لنج وسيمون كربيان)، وتحولت بمرور الزمن الى أحد معالم البصرة الجمالية، حيث شيدت فيها الدور التراثية وحدائق للحيوانات ومتنزهات ودار للسينما وناد اجتماعي ومخازن ومعامل بحرية وجسر من طراز خاص يربطها بالضفة الشرقية للشط ما زال باقيا لحد الان، وقد نقلت في ما بعد ملكيتها الى شركة الموانئ العراقية.

وبعد تعرض الجزيرة الى أضرار كبيرة خلال الحرب العراقية الإيرانية وعزوف صناع السفن الخشبية، الذين يطلق عليهم (القلافة)، عن ممارسة أعمالهم لانحسار وصول الخشب المستورد خلال سنوات الحصار، برزت في الجزيرة ورش ومعامل صغيرة أقامها الحرفيون والصناعيون لصناعة ما يسمى محليا بـ(الدوب اللنشات والزوارق والجنائب والجودي)، وهي جميعا من وسائط النقل النهرية والبحرية وقد استخدم الحرفيون في صناعتها ما تبقى من صفائح حديد البليت السميك لخزانات النفط، التي تعرضت الى القصف خلال حرب الخليج الثانية عام 1992 ، والتي كانت تفتقر الى فحوصات التقييس والسيطرة النوعية، وقد شجع النظام السابق هذا النوع من الصناعة لاستخدامها في تهريب النفط بعد ان دخل تصدير النفط العراقي في حسابات الامم المتحدة وتخصيص وارداته في صندوق النفط مقابل الغذاء. وازدهرت الحركة التجارية في هذه الجزيرة بعد سقوط النظام السابق وظهرت مكاتب يديرها رجال أعمال لهم سماسرة وفروع في بعض دول المنطقة، وجميعها تعمل في تهريب النفط وخاصة زيت الكاز، الذي يدر أموالا طائلة لزيادة الطلب عليه في الأسواق الحرة لدول الجوار، وبهذا تحولت جزيرة الداكير من وظيفتها الصناعية والبحرية الى وظيفة أخرى ملوثة لمياه شط العرب.