ألمانيا: تقارير عن حكومة ظل للمعارضة لفترة ما بعد شرودر

المستشار الألماني يتفق مع المعارضة على 18 سبتمبر موعداً محتملاً للانتخابات الألمانية المبكرة

TT

اتفق المستشار الألماني غيرهارد شرودر، في مسعاه الحثيث لتقريب موعد الانتخابات العامة، مع ممثلي أحزاب المعارضة على يوم 18 سبتمبر (ايلول) المقبل موعداً محتملاً لانتخابات مبكرة. ويفترض أن يطرح المستشار الاشتراكي على البرلمان الألماني (البوندستاغ) في الأول من يوليو (تموز) المقبل موضوع «الثقة» بالحكومة كأساس قانوني يبرر تقريب موعد الانتخابات.

وينص الدستور الألماني على إمكان حل البرلمان مبكرا والدعوة إلى انتخابات جديدة في حال عدم حصول الحكومة على ثقة غالبية البرلمان أو في حال فقدانها الغالبية التي تتيح لها الحكم. ويمكن لرئيس الجمهورية حل البرلمان بعد 21 يوما من فقدان الحكومة الثقة، وأن يدعو الى انتخابات جديدة خلال 60 يوما بعد ذلك. كما لا يجوز أن يجري الركون إلى «طرح الثقة» إلا بموافقة رئيس الجمهورية، وفي حال عدم الاعتراض على القرار أمام محكمة الدستور العليا. وسبق للمستشار شرودر أن بحث مع رئيس الجمهورية هورست كوهلر في موضوع «طرح الثقة». ورغم عدم صدور أي موقف من الرئيس حتى الآن, فإن من المستبعد أن يقف ضد قرار المستشار الذي وافقت عليه أحزب الحكومة والمعارضة على حد سواء.

وفي خضم الاستعدادت المبكرة التي تبديها أحزاب المعارضة لخوض الحملة الانتخابية، تصاعدت أيضا وتيرة الاشاعات والتكهنات واستطلاعات الرأي والتعليقات. ونشرت مجلة «شتيرن» تقريرا عن حكومة ظل شكلها الحزب الديمقراطي المسيحي مع حليفه التقليدي الحزب الديمقراطي الحر بقيادة زعيمة المحافظين انجيلا ميركل، وعضوية رئيس الاتحاد الاجتماعي المسيحي ادموند شتويبر، ورئيس كتلة الليبراليين البرلمانية فولفغانغ غيرهاردت. ويبدو استبعاد رئيس الحزب الليبرالي، غيدو فيسترفيلله، معقولا عن التشكيلة الوزارية الظل بالنظر إلى شهرته «كمثيلي» يتعذر على المحافظين تحملها.

ووصفت مجلة «دير شبيغل» دعوة المستشار شرودر لانتخابات مبكرة بأنها «انتحار خشية من الموت». ويبدو أن المجلة أصابت كبد الحقيقة في وصفها هذا لأنه لم يتبق أمام المستشار الاشتراكي ما يخسره. وكانت الخسارة التاريخية في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا بعد أربعة عقود من الحكم الاشتراكي هي القشة التي قصمت ظهر المستشار ودفعته الى المجازفة بالسنة ونصف السنة المتبقية من فترة حكمه الثانية.

وجاءت الخسارة في الراين الشمالي فيستفاليا، الولاية التي تعتبر نموذجا مصغرا للانتخابات الاتحادية بالنظر لكثافتها السكانية (18 مليونا)، لتكمل 11 خسارة انتخابية متتالية لتحالف الاشتراكيين والخضر على مستوى الانتخابات البلدية والمحلية في الولايات. كما فقد الحزب الديمقراطي الاشتراكي، جراء هذه الخسائر، معظم مقاعده في المجلس الاتحادي (البوندسرات) الذي يبت القرارات الحكومية والبرلمانية التي تخص الولايات، وما عاد قادرا على تمرير أي قرار ترفضه المعارضة (يملك الحزب الديمقراطي الاشتراكي حاليا 15 مقعدا، وحليفه حزب الخضر مقعدين من مجموع 65 عضوا). وكانت الراين الشمالي فيستفاليا آخر معقل لنموذج التحالف «الحمر والخضر» بعد أن خسرت كل هذه التحالفات مواقعها في الولايات.

وهذا ليس كل شيء، لأن التحالف البرلماني الذي يقوده شرودر أصبح مهددا بفقدان غالبيته البرلمانية في البوندستاغ أيضا بفعل الانشقاق المحتمل ليسار الحزب عن جسم الكتلة الاشتراكية. وكان نحو 11 نائبا اشتراكيا قد عبروا عن رغبتهم بالانفصال عن الكتلة الاشتراكية وتشكيل تجمع برلماني لمصلحة الحزب اليساري الجديد «مبادرة العمل والعدالة الاجتماعية». ويمكن لهذا العدد أن يقوض حكم المستشار شرودر الذي يتفوق بسبعة نواب برلمانيين فقط على المعارضة.

ويأمل الثعلب الاشتراكي شرودر، من خلال تقريب موعد الانتخابات، أن يستعيد زمام المبادرة على مستوى الاتحاد بعد أن فقدها على مستوى الولايات، وأن يحرم المعارضة من فرصة إنضاج منافس قوي على نار هادئة، بمعنى تقليص مجال المناورة أمامها، وأن يحول الانتخابات من حزبية إلى «شخصية، يستغل فيها شخصيته وتفوق شعبيته على شعبية معارضيه، وأن يثبت أن الألمان ربما فقدوا الثقة بحزبه على مستوى الولايات، لكنهم لم يفقدوها على مستوى الاتحاد. علما أن استطلاعا هاتفيا سريعا للرأي أجرته القناة الثانية في التلفزيون الألماني أمس أثبت أن شرودر يتقدم على ميركل بـ 45 نقطة مقابل 44 نقطة.

وتشير تحليلات ما بعد انتخابات الراين الشمالي فيستفاليا أن قضية البطالة كانت الأساسية في تقرير مزاج الناخبين. وفقد حزب شرودر 15% من أصواته بين العاطلين عن العمل والمتقاعدين ومتلقي المساعدات الاجتماعية. ولا يبدو أن هناك «معجزة» اقتصادية ستحسن سوق العمل سواء أجريت الانتخابات العامة في موعدها المقرر في أكتوبر (تشرين الأول) 2006 أو في موعدها المبكر المحتمل يوم 18 سبتمبر المقبل.