دبلوماسيون: واشنطن تخلت عن معارضتها التمديد للبرادعي

مقابل تشدده مع إيران

TT

تخلت ادارة بوش، بعدما فشلت في العثور على مرشح بديل او دعم من حلفائها، عن محاولتها لاقصاء محمد البرادعي مدير وكالة الطاقة الذرية من منصبه، وذلك طبقا لمعلومات ذكرها مسؤولان اميركيان.

ومع ضمان استمرار البرادعي في منصبه لفترة ثالثة، عندما ينعقد مجلس ادارة الوكالة في الاسبوع المقبل، دعاه البيت الابيض الى واشنطن لإجراء محادثات اليوم مع وزيرة الخارجية كوندليزا رايس.

وذكر واحد من المسؤولين «نحن على استعداد لإلغاء اعتراضنا طبقا لشروط معينة ، هي التشدد مع ايران». وتجدر الاشارة الى ان حملة ادارة بوش الناشطة ولكن المنفردة ـ بما في ذلك التوقف الكامل عن مشاركة المعلومات الاستخبارية، والبحث عن بدائل محتملة، والتنصت على البرادعي بحثا عن ذخيرة ضده ـ لم تؤد الى اجتذاب حليف واحد في مجلس الوكالة.

والبرادعي الذي تحدى مرارا التأكيدات الاميركية بخصوص برنامج الاسلحة العراقي، لا يحتاج الى دعم واشنطن لاعادة انتخابه. فهو يحظى بدعم 34 دولة اخرى في مجلس الوكالة.

الا ان تأييد واشنطن سيمنح البرادعي دعما اضافيا ويمكن ان تدعم قدرة الوكالة على التحقيق بخصوص البرامج النووية في دول مثل ايران. وكانت الولايات المتحدة قد توقفت عن مشاركة المعلومات الاستخبارية مع الوكالة قبل 6 اشهر عندما بدأت جهودها للعثور على مرشح آخر بدل البرادعي. ولكن مع حل مشكلة قيادة الوكالة، تكهن المسؤولون الاميركيون بأن العلاقات الاستخبارية ستستمر. وقد وصل البرادعي ، وهو دبلوماسي مصري ومحام دولي عمره 63 سنة الى واشنطن امس وسيلتقي اليوم مع كوندوليزا رايس وروبرت جوزيف الذي حل محل جون بولتون في الاسبوع الماضي في منصب وكيل وزارة الخارجية لشؤون التسلح.

وكان بولتون هو القوة الدافعة وراء التخلص من البرادعي ـ الذي ادت وجهة نظره بخصوص العراق وموقفه الحذر بخصوص ايران الى خلافات عميقة مع البيت الابيض. ولكن جهود بولتون تعرضت لمتاعب في شهر ديسمبر(كانون الاول) الماضي بعد انكشاف معلومات بخصوص قيام المسؤولين الاميركيين بالتنصت على محادثات البرادعي الهاتفية للحصول على معلومات ضده.

ولم يعلق مكتب البرادعي على دعوته لزيارة واشنطن، كما لم تعلق وزارة الخارجية الاميركية ، وعما اذا كانت الولايات المتحدة قد قررت دعمه، ولكن المتحدث باسم الخارجية كورتيس كووبر قال «انه لن يدهش لو نوقش الموضوع». وقال ان رايس تنوي مناقشة عدة موضوعات في اجندة اجتماعات الوكالة يوم الاثنين في فيينا. واول هذه الموضوعات هو اعادة تعيين البرادعي.

وفي محادثات جرت في الاسبوع الماضي في لندن، حث مسؤولون اوروبيون الولايات المتحدة على حل المشكلة ودعم البرادعي، وذكروا ان استمرار الموقف ضده يتسبب في حزازات غير ضرورية ، في وقت يتطلب فيه الامر الوحدة للتعامل مع ايران، طبقا للمعلومات التي ادلى بها مسؤولون اميركيون ومسؤول اوروبي كبير.

واوضح المسؤولان الاميركيان، اللذان وافقا على مناقشة الموضوع شريطة عدم الافصاح عن هويتهما ، ان رايس قررت دعوة البرادعي لوزارة الخارجية وابلاغه رسميا بدعم الولايات المتحدة لترشيحه. ولكنها تريد ان توضح ان البيت الابيض يتوقع عدة اشياء مقابل ذلك.

وذكر مسؤول «سيكسب اعادة الترشيح على أي حال، واذا ما استمرينا في الاعتراض عليه، فسيبدو الامر قبيحا له ولنا. ولذا من مصلحة الجميع انتهاز تلك الفرصة للعمل معا».

وتريد الادارة، بصفة خاصة من البرادعي ان يكون اكثر تشككا علنا بخصوص ايران. ففي العامين الماضيين، كشف مفتشوه عن برنامج نووي ضخم أقامته ايران سرا طوال 18 سنة.

وذكرت ايران ان البرنامج يهدف الى انتاج وقود للطاقة النووية، واكد البرادعي مرارا عدم وجود ادلة لاثبات عكس ما تقوله ايران. ورفضت الادارة تلك النتائج وتعتقد ان تعليقات البرادعي قد اضرت بحملتها لممارسة ضغط على ايران. وذكرت الادارة علنا ان جهودها لاقصاء البرادعي ناتجة عن رغبتها في تقييد ولايات المسؤولين في الامم المتحدة. وذكر بولتون في شهادته امام لجنة العلاقات الخارجية الاميركية بمجلس الشيوخ «شعورنا بخصوص المدير العام هو اننا نؤيد السياسة القائمة منذ امد بعيد بتولى المنصب لفترتين. هذه كانت سياستنا. ولا يوجد في الوقت الراهن مرشحون ضده، ولذا سنرى كيف ستطبق تلك السياسة».

غير ان العديد من الحلفاء يرون ان الحملة ذات طبيعة انتقامية ضد شخص شكك في معلومات الولايات المتحدة الاستخبارية، وقد تأكدت وجهة نظره عندما لم يجر العثور على أسلحة دمار شامل في العراق.

وذكر لورانس ويلكرسون، الذي كان مديرا لمكتب وزير الخارجية السابق كولن باول للجنة في الكونغرس ان بولتون خرج عن نطاق وظيفته في تعامله مع البرادعي. واضاف ان بولتون «تعمد الاساءة اليه، وان يضمن ان قدرات الولايات المتحدة ستستخدم ضده اذا ما تولى المنصب لفترة ثالثة. من جهة اخرى قالت وكالة روتيرز ان البرادعي يساند كذلك اقتراحا أميركيا بتشكيل لجنة تابعة للوكالة للتعامل مع دول مثل ايران وكوريا الشمالية وليبيا التي انتهكت التزاماتها بمقتضى معاهدة منع الانتشار النووي.

وقال دبلوماسيون ان البرادعي كان يعترض في بادئ الامر على هذه الخطة لكن بعد تعديلات أميركية على مدى شهور للتغلب على اعتراضات الوكالة قرر مساندة الفكرة.

وقال احدهم «هذا اقتراح مهم للغاية بالنسبة للولايات المتحدة والبرادعي يوضح لاعضاء المجلس انه يؤيده».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»