كاتب سعودي يتراجع في رأيه لصالح موقع أصولي

TT

بعدما شغلت قضية قيادة المرأة للسيارة جدلاً واسعاً في وسائل الاعلام السعودية، احتلت تداعياتها موقعاً مميزاً بين الرافضين والمنادين بالقضية. غير أن أبرز هذه التداعيات كان من قبل الكاتب السعودي خالد السليمان. فبعد كتابته مقالة يؤيد فيها موقف أعضاء مجلس الشورى في منح المرأة السعودية حق قيادة السيارة، تراجع عن موقفه الخاص بعدم وجود نص ديني يمنع ذلك.

اللافت ان السليمان قام بارسال تراجعه الى شخصيات عرفت باتجاهها الاصولي، من خلال كتابتها في الموقع الانترنتي «الساحات» المتطرف، وهو الموقع الذي ثبت أن بعض كتابه من جناح تنظيم القاعدة الاعلامي في السعودية. وقام أعضاؤه المتطرفون بنشر الرسالة، وأثنوا على السليمان ووصفوه بـ«العائد للحق». ولاقى تراجعه حفاوة لدى الأصوليين.

يقول خالد السليمان: «بعد نشري للمقال، تلقيت الكثير من رسائل الشتم والنصيحة. والرسائل المهذبة كانت توضح لي خطأي في نقطة محددة من المقال، ذكرت فيها انه لا يوجد نص ديني يحرم قيادة المرأة للسيارة. وتراجعت لان قناعة تولدت لدي من بعض الرسائل التي أوضحت لي مفهوم «القياس»، وهو قاعدة شرعية معمول بها في الفقه الاسلامي».

ويضيف: «مسألة أن ردي على الشيخ سليمان الخراشي نشر في الساحات. فأنا لم استأذن فيه. ولا أريد أن أصف موقع الساحات بالاصولي، فإبداء الرأي حق متاح للجميع. أنا ما زلت اعتقد أن قيادة المرأة للسيارة مسألة اجتماعية أكثر منها دينية تحددها حاجة المجتمع وتخضع لخيار المجتمع. شخصياً أؤمن بان هذا الحق من نصيب المرأة السعودية».

وختم السليمان حديثه بقوله: «للأسف فان زملائي الليبراليين كانوا اقل الاشخاص اكتراثاً للهجوم الذي تعرضت له، وسنوا أقلامهم علي لتراجعي من دون أي يكلف أحدهم الاتصال بي لفهم القصة».

والحال أن السليمان الذي يصنف نفسه ليبرالياً، كتب مقالاً بعد هذه الحادثة بأيام عنونها بـ «التلبرل»، سخر فيها من المثقفين السعوديين الليبراليين، قائلاً: «في أزمان متلاحقة جال المثقفون بين اليمين واليسار، وكلما تطلبت مصالحهم وتنقلت منافعهم ووجدوا في الليبرالية اللوح الذي يركبون به الموجة الصاعدة، تلبرلوا. لا تملك حينها الا أن تحطم رأسهم بكرسي الاستاذية الذي نصبوه أمامك، لولا أنك تخشى عليهم من انكسار قشرتهم الفخارية فلا يعودون قادرين على لملمة حطامهم بانتظار ركوب الموجة القادمة».

ويقول الكاتب عبد الله بن بخيت، وهو كاتب ناله الكثير من الهجوم من قبل المواقع الاصولية: «بعض الكتاب أسوأ على البلاد من الاصوليين أنفسهم. فهم لا يملكون رؤية في الكتابة، وغير قادرين على اتخاذ موقف. فيصبح القارئ غير قادر على تحديد هويتهم. وهؤلاء لا يمكن لهم بكتاباتهم أن يستبصروا احتياجات المجتمع. هم مهوسون بقضية التوازن، فيعتقدون أنهم اذا مالوا الى كفة الأصوليين أحياناً يصبحون متوازنين، وهم لا يعلمون أنهم يدعمون بذلك التوجه المتطرف في المجتمع». ويضيف بن بخيت: «كتاب الساحات هم الجناح الاعلامي للتيار الصحوي الاسلامي في السعودية، وللأسف هم لا يثيرون فزع بعض الكتاب فقط، بل وبعض المسؤولين. لكنني أتعجب من الكاتب الذي يرضخ لضغط هذا التيار المتطرف ويقدم اعتذاره. فهناك مسؤولون كبار وشخصيات لم يتم الاعتذار لهم، فكيف ببعض المتطرفين والارهابيين الذين يكتبون في منتدى مثل الساحات خلف أسماء مستعارة».

يذكر أن السليمان أبدى عدم تراجعه عن قناعته بحق المرأة السعودية في قيادة السيارة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، غير أنه كتب مقالاً عن المواقف التي واجهها مع النساء اللواتي يقدن مركباتهن في بلدان عربية مجاورة، وجميعها اتسمت بالسلبية، مثل السيدة التي صدمت سيارته من الخلف والاشارة حمراء، والآنسة التي لاحقته لأنه داس بمركبته على حصاة ارتطمت بزجاج سيارتها، والمرأة التي غير لها «كفر» مركبتها لانها ضعيفة ولا تستطيع القيام بالمهمة. وترك السليمان ايحاء القصص مفتوحاً للقارئ.