اليازغي وجه رسالة رقيقة لليوسفي الذي اعتذر عن عدم الحضور وقال إنه لا يمكن للحزب أن ينحرف ويبقى عنصر جمود

الاشتراكيون المغاربة يعقدون اليوم مؤتمرهم السابع وأنظارهم موجهة نحو المستقبل

TT

تنطلق مساء اليوم، بمركز مولاي رشيد ببوزنيقة (ضاحية الرباط) اشغال المؤتمر العام السابع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة) وسط توقعات بأن المؤتمر سيمر في ظروف عادية، خلافا للمؤتمرات السابقة التي طبعتها خلافات تفاوتت حدتها وحرارتها بين التيارات والتصورات وبين الاشخاص، القت بظلالها على اداء الحزب، وكانت امتدادا للتجاذبات التي عرفها اكبر تجمع يساري في المغرب منذ تأسيسه، مرورا بالمحطات الكبرى الفارقة على مدى مسيرته الحافلة بالمكابدات السياسية.

وعلمت «الشرق الاوسط»، ان الامين العام السابق، عبد الرحمن اليوسفي، الذي انسحب من الحياة السياسية، تعذر عليه حضور المؤتمر، لوجوده خارج المغرب في فرنسا الى جانب زوجته التي تعاني من وعكة.

وذكر مصدر حزبي لـ«الشرق الاوسط» ان محمد اليازغي بعث برسالة رقيقة الى سلفه اليوسفي طالبا منه تشريف المؤتمر بالحضور. ونفى مصدر من الاتحاد الاشتراكي على صلة باليوسفي ان يكون غياب هذا الاخير عن حضور المؤتمر موقفا سياسيا، على اساس ان اليوسفي وهو احد مؤسسي الحزب، مطلع الستينات، تخلى عن كل مهامه السياسية والحزبية، ولم تعد تربطه برفاقه القدامى الا العلاقات الانسانية الطيبة.

واضاف المصدر ان المؤتمر سيمر في ظروف طبيعية وهادئة، مستبعدا حدوث مفاجآت صارخة او ازمات لاتوجد اية مؤشرات على بروزها، فعمليات انتخاب المؤتمرين، لم يقع عليها اعتراض، وتمت حسب قوله بكيفية ديمقراطية، لكن كل ذلك لايعني ان المؤتمر بارد يفتقد حرارة النقاش وتباين الآراء، بالنظر الى الاسئلة والقضايا المطروحة عليه سواء بخصوص التنظيم والآلية الجديدة التي ستتحكم فيه، مثلما ستثار مسألة تحالفاته ضمن تكتل او قطب حزبي او العمل بمفرده، في افق الانتخابات التشريعية المقبلة، فضلا عن الجدوى او عدمها من مشاركته في الحكومة الحالية واستراتيجية الحزب المقبلة وكيفية تعاطيه مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، لكي يستعيد وضعه المميز داخل المشهد السياسي المغربي.

وطبقا لما اوردته صحيفة الحزب «الاتحاد الاشتراكي» امس فان كل الترتيبات المادية والبشرية جاهزة لاستقبال المؤتمرين والضيوف المغاربة والاجانب الذين دعاهم الاتحاد لمتابعة مؤتمره السابع. وفي هذا السياق، اكدت مصادر حزبية لـ«الشرق الاوسط» حضور شخصيات قيادية من احزاب اشتراكية اوروبية، في طليعتها الزعيم الاشتراكي الاسباني فيليبي غونثاليث، رئيس الوزراء الاسبق، الذي تم في عهده توقيع معاهدة الصداقة والتعاون المغربية ـ الاسبانية عام 1991، وبصفته نائب رئيس الاممية الاشتراكية. وسيخطب غونثاليث في المؤتمر، اضافة الى فاروق القدومي، عن حركة (فتح) الفلسطينية، ولويس ايالا، امين عام الاممية الاشتراكية. ولوحظ ان الوفد الاسباني هو اهم الوفود كما وكيفا اذ يضم اشتراكيين ممثلين لإقليمي الاندلس وكاتالونيا، المستقلين تنظيميا. ويحضر مؤتمر الاشتراكيين المغاربة، ممثلون عن بعض الاحزاب السياسية في الجزائر، اذ تأكد حضور سعيد السعدي، امين عام التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية، وعبد المجيد بن حديد، عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الجزائرية، بينما يمثل حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي يتزعمه السياسي التاريخي حسين ايت احمد، رضى العسكري، امينه العام.

ويشارك ثلاثة أمناء عامين يمثلون احزاب معارضة في تونس فضلا عن التجمع الدستوري الحاكم، ومن موريتانيا سيحضر كذلك ممثلان من الحزب الحاكم (التجمع الجمهوري) وتكتل المعارضة الديمقراطية.

الى ذلك، وجهت الدعوة الى الاحزاب المغربية المشاركة للاتحاد الاشتراكي في الغالبية الحكومية. ورغبة في الانفتاح وطي صفحة الماضي واستشراف المستقبل، علم ان الدعوة وجهت الى الأمناء العامين لتشكيلات سياسية ونقابية منشقة في الاصل عن الاتحاد الاشتراكي. ويتعلق الامر، بمحمد نوبير الاموي، امين عام الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي)، وعبد الحميد بوزوبع، امين عام المؤتمر الوطني الاتحادي، واحمد بنجلون، الامين العام لحزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي، ومحمد الساسي، عن تيار الوفاء للديمقراطية.

ولم يعرف ما اذا كان المدعوون المنشقون عن الاتحاد، سيلبون دعوة رفاقهم القدامى. وقال محمد اليازغي، الامين العام للحزب، في حديث لـ «الشرق الاوسط»، ان هذا الاخير لا يمكن له ان ينحرف ولا يمكنه ان يبقى عنصر جمود في وضع يتحرك ويتغير، مشيرا الى ان الاتحاد الاشتراكي منذ نشأته وهو في انتفاضة مستمرة. واضاف اليازغي قائلا: «لنا تقاليد في الحزب تقول لا للقطيعة لكنها مع التطور»، قبل ان يوضح ان حزبه اذا لم يتمكن من وضع الارجل لاستراتيجيته وخطه المذهبي فمعنى ذلك انه يسير في الطريق المسدود.

وقال زعيم حزب القوات الشعبية «ان المغرب الحديث لا يمكن ان يكون الا ديمقراطيا اشتراكيا.. ولدينا قناعة ان حزبنا هو بيت الاشتراكيين المغاربة، والصيغ يمكن ان تكون متعددة للتعايش داخل هذا البيت».

واشار اليازغي الى ان المغرب خرج من الطريق التي كانت ستوصله الى السكتة القلبية بفضل تجربة حكومة التناوب، التي كانت بداية الانتقال الديمقراطي. وقال انه لا يرى ان المغرب الان في حاجة الى تغيير الاوضاع بكيفية اصطناعية، وذلك في اشارة الى مسألة تغيير الحكومة الحالية، بعد المبادرة التي اطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس اخيرا لحل المعضلة الاجتماعية التي تعاني منها البلاد. واوضح اليازغي ان التكنوقراط يتحملون مسؤولية كل الازمات، مشيرا الى ان نتائجهم الكارثية هي ما تحاول الحكومة الحالية تصحيحه.

على صعيد آخر، قال اليازغي ان قضية الصحراء كما هي مطروحة الان في مجلس الامن تعرف تغييرا كيفيا كبيرا لم تستوعبه القيادة الجزائرية وجبهة البوليساريو، مشيرا الى ان الانفصال لا افق له ولا مستقبل.

وبشأن العلاقة مع حزب الاستقلال، قال اليازغي ان تقديم «الاستقلال» مرشحا لرئاسة مجلس النواب «فاجأنا» بيد انه اوضح «ان ما وقع لا يمنع من التفكير في المستقبل». واضاف ان المؤتمر السابع سيبحث كيفية التحالفات وتحصين الانتقال الديمقراطي لعام 2007 .