لبنان: بويز يعلن انسحابه وخوض المعركة في «برلمان الشعب» وجعجع يوجه من سجنه نداء إلى «القواتيين» بالالتزام بلوائح التحالف

حرب اتهامات وإشاعات بين المعارضين قبيل انطلاق المرحلة الثالثة من الانتخابات

TT

اشتدت امس، حرب الاتهامات بين اركان وقوى المعارضة اللبنانية، مع اقتراب موعد انطلاق المرحلة الثالثة من الانتخابات النيابية في دوائر محافظة جبل لبنان، التي سيتواجه فيها المعارضون لاول مرة منذ اجتماعهم بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في فبراير (شباط) الماضي.

وتراشق اطراف المعارضة الاتهامات مع العماد ميشال عون، زعيم «التيار الوطني الحر»، الذي سيخوض الانتخابات في مواجهة قوى المعارضة الاخرى كلقاء «قرنة شهوان» والحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط وتيار الرئيس الحريري.

وبرز امس اعلان النائب فارس بويز انسحابه من المعركة الانتخابية، مفنداً الاسباب التي دفعته الى ذلك وابرزها ما اسماه بـ«مناورات اللوائح والمحاصرات السياسية والخيانات»، ورغبته في خوض المعركة من خلال «برلمان الشعب». فيما وجه قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع من سجنه في وزارة الدفاع نداء الى «جميع القواتيين والمناصرين» بالاقتراع لمصلحة لوائح التحالف الذي عقدته «القوات» مع جميع القوى المتحالفة معها.

وفي مؤتمر صحافي عقده في منزله ظهر امس، تحدث النائب فارس بويز عن اسباب انسحابه من الانتخابات بدءاً من المراحل التي مر بها قانون الانتخاب قبل العودة الى اعتماد قانون العام 2000. وصولاً الى بدء اجراء الانتخابات النيابية بـ«التفاهم والتواطؤ بين قوى المعارضة واخرى من الموالاة»، على حد قوله.

وقال بويز: «ان الاسس الانتخابية المختلفة فتحت باب المناورات والمؤامرات في لعبة تأليف لوائح طوقت قوى فاعلة وحقيقية، وأفرزت قوى وهمية غير موجودة لا في ضمائر الشعب ولا على الارض، فكان المال وكانت الاجواء المشحونة وكانت التدخلات من خارج المناطق سيدة الموقف، الأمر الذي اضاف مساوئ الى قانون الانتخابات. وقد حاولت جاهداً، في ظل هذه الظروف والعواصف والالغام، ان اتخذ استقلالية قرار المنطقة الذي اتخذته شعاراً عام 2000، لائحة القرار الشعبي لكسروان ـ جبيل تحسساً معكم بماض أليم حكمت الاحزاب الخارجية هذه المنطقة بادارتها وبخيارات قرارها ورموزها».

واضاف: «ان كانت هذه الانتخابات في ظاهرها انتخابات نيابية فانها تخفى في طياتها وخلفياتها اعماقاً رئاسية خبيثة في ذهن البعض، تتجلى في ممارسات تطويقية حصارية تمهيداً لمعركة رئاسة قد تطل في الافق. وما يحصل عندنا يحصل ايضاً في بعض المناطق اللبنانية الاخرى وفي جبل لبنان بشكل خاص».

وتابع بويز قائلاً: «اما اليوم وبعد كل ما حصل من افرازات القانون ومناورات اللوائح ومحاصرات سياسية وخيانات وانهيارات، فلقد قررت عنكم بدء المعركة من الساحة الوطنية السياسية الحرة غير المطوقة بلعبة اللوائح والمال. قررت ان اخوض المعركة في صفوف برلمان الشعب الحقيقي في ساحة الحرية ساحة 14 مارس (آذار) وليس ساحة النجمة (مقر البرلمان). قررت الامتناع عن الترشح لهذه الانتخابات وقررت الترشح لانتخابات الارض والشارع والوطن، فكم ساحة الحرية هي اوسع من ساحة النجمة».

من جهته طلب قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع من جميع القواتيين والمناصرين والمحبين، الاقتراع لمصلحة لوائح التحالف الذي عقدته «القوات» مع جميع القوى المتحالفة معها، والالتزام المطلق بهذه اللوائح من دون اي تشطيب. كذلك طلب الامر نفسه من القوى التي تحالفت معها القوات. وكان وكيلا الدكتور جعجع المحاميان ايلي لحود وميشال خوري قد زارا موكلهما امس في سجن وزارة الدفاع ووضعاه في اجواء التحضيرات للمرحلة الثالثة من العملية الانتخابية التي ستجري غداً الاحد في جبل لبنان والبقاع، واطلعاه على الجهوزية ونسج التحالفات.

واكد المحامي لحود لـ«وكالة الانباء المركزية» اللبنانية غير الرسمية: «ان صحة «الحكيم» ـ جعجع ـ جيدة جداً وان معنوياته مرتفعة وهو متحمس جداً لما يجري، ويبارك العمل الذي تقوم به «القوات» في هذه المرحلة».

واوضح لحود ان الدكتور جعجع حمّله وزميله خوري تحياته الى جميع القواتيين والمناصرين والمحبين في كل المناطق اللبنانية، وانه شدد على ضرورة الالتزام التام والاقتراع لمصلحة لوائح التحالف الذي عقدته «القوات» مع القوى المتحالفة معها وهي: الحزب التقدمي الاشتراكي، تيار المستقبل، التكتل الطرابلسي، حزب الكتلة الوطنية اللبنانية، حركة التجدد الديمقراطي، الحركة الاصلاحية الكتائبية، لقاء قرنة شهوان المتمثلون في لوائح التحالف، حركة اليسار الديمقراطي وحزب الوطنيين الاحرار، وذلك انسجاماً مع المؤتمر الصحافي الذي عقد في منزل جعجع في زوق مصبح الاربعاء الفائت والذي اعلنت في خلاله اسماء مرشحي القوات في المناطق كافة». وفي المواقف، نفى رئيس حركة التجدد الديمقراطي النائب نسيب لحود ان يكون حاول عزل العماد عون مؤكداً انه «هو من رفض التحالف معنا». وقال بعد لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير: «نحن نعتبر ان التحالف الوطني المعارض المتعدد الطوائف هو الذي صنع التحرير في لبنان ويحمي هذا التحرير، ولم يحن الوقت بعد لفرط هذا التحالف. ولان فرط التحالف الوطني المتعدد الطوائف يهدد لبنان بفقدان السيادة وهذا ما لا نرضاه، ونحن سنستمر في هذه المعركة. ونحن كنا منفتحين لكي يمتد هذا التحالف على كل قوى المعارضة، ولكن هذا الانفتاح لم يلب، لكن بعد الانتخابات سنعمل على بقاء اوسع تحالف معارض خدمة لحماية التحرير ولانجاز الاصلاح».

ورداً على اتهامات عون له بالسير وراء النائب جنبلاط والنائب المنتخب سعد الحريري، قال النائب نسيب لحود: «نحن لم نسر وراء احد، ولم نسر وراء السوريين عندما كانوا يحكمون هذا البلد، ولم نسر مع المخابرات انما نحن مستقلون منذ ان بدأنا السياسة، وعرضنا على العماد عون تحالفاً شريفاً فوق الطاولة على ان تدخل اطراف معارضة في التحالف، ولكن العماد عون لم يرض، ونحن نقول لا لم نحاول عزله بل هو من رفض التحالف معنا، ولكن يدنا ممدودة بعد الانتخابات لاعادة احياء هذا التحالف الكبير الذي حصل في «البريستول» والذي صنع التحرير، والمطلوب منه ان يحمي مسيرة التحرير والاصلاح».

كما اسف النائب غازي العريضي (كتلة جنبلاط) لتخلي العماد ميشال عون عن المرشح غبريال المر وحمى الذين اقفلوا محطة الـ «ام. تي. في»، التي اقفلت بحجة انها مع المعارضة وتتناغم مع عون. وقال: «عندما كنت وزيراً للاعلام طُلِب مني اقفال محطة «ام. تي. في» وكانت الحجة انها محطة معارضة واصبحت محطة ميشال عون الذي يشن حملات على سورية والسلطة اللبنانية (...)، لذلك من المؤسف ان يتخلى عون عن غبريال المر ويحمي الذين اقفلوا المحطة، ولكن هذا الامر يعبر عن طبيعة هذه العقلية والذهنية».

اما غبريال المر فقد اعتبر ان العماد عون «شكل رافعة لرموز السلطة البائدة التي يمثلها في المتن النائب ميشال المر (شقيق غبريال المر) وحزب الطاشناق»، متمنياً عليه «عدم الدخول في زواريب السياسة الضيقة».

وفي المقابل، اكد النائب غسان الاشقر تأييد الحزب السوري القومي الاجتماعي للعماد عون «لان عودته اخرجت جبل لبنان من الاحادية»، مشيراً الى تحالف الحزب مع النائب ميشال المر. وقال الاشقر: «انه يخوض المعركة وحيداً حتى الآن ونقوم راهناً بشبكة تحالفات واسعة لم تظهر نتائجها بعد. والمؤكد اننا سندعم العماد ميشال عون لان عودته اخرجت جبل لبنان من الاحادية ونحن متفقون معه على برنامج مستقبلي يستهوينا ويستهوي الكثير من اللبنانيين».

واعلن رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شيمعون امس استمرار الحزب في المعركة الانتخابية حتى النهاية سواء كان المرشحون منفردين ام اعضاء في لوائح المعارضة. واسف «لان تكون السياسة اللبنانية بلغت هذا المستوى من التراجع الخلقي، ولم يعد ثمة مكان فيها للصدقية والمبادئ والقيم»، وناشد المواطنين «التفكير ملياً بكل ما يسمعون ويقرأون وعدم الانخداع بالتصريحات والمواقف والخطابات».