فرنسا تعتزم تطبيق سياسة أكثر تشدداً مع الهجرة

TT

باريس ـ ميشال أبو نجم: جعلت الحكومة الفرنسية الجديدة من السيطرة على تدفق المهاجرين غير الشرعيين الى الأراضي الفرنسية احدى أولوياتها التي ترى أنها ترتبط بظواهر العبث بالأمن والعنصرية والبطالة. وأعلنت عن خطة تتضمن رفض أي تسوية لوضعية المقيمين غير الشرعيين وترحيل نصف هؤلاء قبل انتهاء هذا العام.

وفي بادرة تعكس الرغبة في مواجهة هذه الظاهرة، عمد رئيس الحكومة الجديدة دومينيك دو فيلبان امس الى تشكيل لجنة وزارية موسعة أناط اليها مهمة السعي للسيطرة على الهجرة غير المشروعة الى فرنسا، وطلب منها التعاون مع وزير الداخلية وتقديم مقترحات عملية لخفض منسوب المهاجرين غير الشرعيين وتشجيع عودة المهاجرين الى بلادهم والتنسيق مع دول المصدر وزيادة أعداد الأجانب المرحلين عن الأراضي الفرنسية ومحاربة عقود الزواج المغشوشة مع فرنسيين أو فرنسيات في الخارج والتشدد مع الطلاب المزيفين.

غير أن الجدل الحقيقي في فرنسا يدور حول كيفية التعاطي مع الهجرة المشروعة. وفيما يدعو رئيس الاتحاد من أجل حركة شعبية ووزير الداخلية نيكولا ساركوزي الى انتهاج سياسة «الحصص» التي تحدد سلفا أعداد المهاجرين الذين تقبلهم الحكومة، فإن دو فيلبان يرفض تطبيق معايير «عرقية أو قومية» التي يراها «مخالفة للمبادئ الفرنسية». غير أنه في المقابل يبدي استعداده لتطويع الهجرة بحيث تستجيب لحاجات الاقتصاد الفرنسي ولا تكون عبئاً عليه. وترى الحكومة الفرنسية أن ثمة امكانية لدراسة حاجات الاقتصاد الفرنسي لليد العاملة وللمهندسين والخبراء وخلافهم بحسب القطاعات بحيث يتم قبول المهاجرين الذين يتناسب وجودهم مع الحاجات الاقتصادية. ويؤكد وزير الداخلية أن أقل من 5 في المائة من المهاجرين القادمين الى فرنسا «يستجيبون للحاجات الاقتصادية للبلاد». وأكد البيان أن الحكومة «غيرت مستوى التعاطي» مع هذه الظاهرة، مما يعني أنها لن ترضى بتدابير ضعيفة أثبتت في الماضي عدم نجاعتها. ويعيش على الأراضي الفرنسية عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين. وتقدر هذه الأرقام ما بين 200 و400 ألف مهاجر; منهم من وصل سرا ومنهم من انتهت فترة إقامته لكنه بقي على الأراضي الفرنسية.

وأكد رئيس الحكومة أنه يعارض إطلاقا تسوية أوضاع المهاجرين السريين الموجودين في فرنسا على غرار ما قامت به إسبانيا في الفترة الأخيرة لأن ذلك يعني تشجيع المزيد على الوصول الى فرنسا أملا في تسوية لاحقة كما أنه يعكس «ضعف» الدولة في التعاطي مع هذه الظاهرة. وبحسب ساركوزي، الذي يأمل في زيادة المرحلين من فرنسا بنسبة 50 في المائة هذا العام، فإنه «يتعين على فرنسا أن تتحكم في تدفق المهاجرين، خصوصا أن دولا أخرى فعلت ذلك مثل بريطانيا وكندا وسويسرا».

لكن المبادئ شيء والتنفيذ شيء آخر. ويرى كثيرون أن محاربة الهجرة غير المشروعة لم تعد ممكنة على صعيد بلد بمفرده، خصوصا أن الحدود الأوروبية مفتوحة والرقابة على الحدود البرية ضعيفة للغاية. وجاء في بيان لرئاسة الحكومة عقب اجتماع أمس أن الوزراء أكدوا على «حق فرنسا وواجبها في السيطرة على وصول المهاجرين واستخدام معايير مناسبة (لوصولهم) مع المحافظة على التقاليد والمتطلبات والمبادئ الفرنسية».