الأسد يشدد على ضرورة تنفيذ توصيات المؤتمر القطري لحزب البعث

المعارضة السورية تنتقد «أنصاف الحلول» التي خرج بها مؤتمر الحزب الحاكم

TT

اعلن الرئيس السوري بشار الاسد ان خططاً زمنية ستوضع بغرض تنفيذ التوصيات التي انتهى اليها المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم اول من امس للاستجابة الى هذه التوصيات ستؤدي الى تحقيق حاجات المواطن ودفع عجلة الازدهار وترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد. وفي هذه الاثناء اعربت اوساط المعارضة السورية عن خيبة امل بنتائج المؤتمر التي وصفتها بانها مجرد «انصاف حلول»، مشيرة الى حرص البعث على الاستمرار في احتكار السلطة التي قبض عليها في 1963.

وأكد الرئيس الاسد لدى اختتام أعمال المؤتمر ضرورة وضع خطة آليات عمل في مختلف المجالات تكفل تنفيذ ما توصل إليه من توجهات وتوصيات وفق جداول زمنية، بما يرتقي بمستوى المواطن ويحقق الازدهار والأمن والاستقرار لسورية. ورأى أن العروبة استجابة لشعور الجماهير وانها واقع ثقافي وعربي حقيقي وان التمسك بالفكرة أمر هام ولكن تصحيح الممارسة هو المهم لان الخطأ دائما يقع في الممارسة وليس بالفكرة.

وفي أثناء اجتماعاته ناقش المؤتمر جميع القضايا والاحداث والاوضاع الداخلية التي تهم المواطن وجاءت توصياته بمثابة استراتيجية شاملة، وفي مقدمتها التوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي والمواءمة بين دور الدولة الاجتماعي وبين التوجه نحو اقتصاد السوق، واصدار قانون للاحزاب ومراجعة قانون الطوارئ، ووضع آلية وخطة متكاملة للقضاء على الفساد وتشكيل هيئة لمكافحته ووضع آلية وخطة متكاملة لاستئصاله والقضاء على اسبابه واشكاله والقضاء على الهدر الذي يسببه الفساد. وركزت التوصيات على استقلال ونزاهة القضاء، وتضمنت مراجعة قانون الطوارئ وحصر احكامه بالجرائم التي تمس أمن الدولة وبهدف تعزيز أمن الوطن والمواطن، ومراجعة احكام الدستور بما يتوافق مع توصيات المؤتمر العام واصدار قانون للاحزاب، يضمن المشاركة الوطنية في الحياة السياسية في سورية على قاعدة تعزيز الوحدة الوطنية، كما اتخذت توصية بمراجعة قانون انتخابات مجلس الشعب والادارة المحلية وتطويره.

كما اتخذ المؤتمر عدداً كبيراً من التوصيات في المجال التنظيمي لتعزيز المسار الديمقراطي ووضع آليات عمل جديدة واعادة النظر في دستوره وتفعيل آلية عمل القيادة القطرية بحيث تتواصل بشكل يومي مع الجهاز الحزبي والاطلاع على جميع المشاكل في مختلف أنحاء القطر. وأوصى المؤتمر بوضع آليات دقيقة وشفافة بالنسبة للاصلاح الاداري مع امكانية الاستعانة بالخبرات في هذا المجال بحيث نبدأ من حيث انتهى الاخرون. وأصدر المؤتمر توصية بفصل الحزب عن السلطة التنفيذية، ورأى أن مشاركة منصبي رئيسي مجلس الشعب ومجلس الوزراء في القيادة، بصفتهما الاعتبارية تمثل مطلباً للحزب والدولة، وأن الجمع في هذه الحالة بين منصبين حكومي وحزبي لا يعتبر ميزة بقدر ما هو مسؤولية وضرورة عملية. كما قدم توصية تقضي بعدم أحقية أي مسؤول الاحتفاظ بأي منصب حكومي أو حزبي أو قيادي أو إداري أكثر من دورتين متتاليتين. وعلمت «الشرق الأوسط» أن المؤتمر القومي للحزب سيعقد في غضون أشهر قليلة، وقد أعلن عبد الله الأحمر الأمين العام للحزب استقالته من القيادة القطرية قبل إجراء انتخابات اللجنة المركزية وأعضاء القيادة، وقد ألقى كلمة مؤثرة أعلن فيها أن هذا لا يعني خروجه من الحزب نهائيا وإنما بقاءه.

ومن جانبه، عقب حسن عبد العظيم أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية على نتائج المؤتمر قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن توصيات المؤتمر لم تأت بمستوى توقعات وتمنيات المتفائلين لأن هناك الكثير من القضايا كان ينبغي حسمها مثل حالة الطوارئ واحتكار السلطة حسب المادة 8 من الدستور مع بقاء ذيول أزمة الثمانينات حيث لا يزال هناك معتقلون، ولا يزال يعمل بالقانون 49 الذي ينص على إعدام كل من يثبت انتماؤه للإخوان المسلمين وهناك ملف المنفيين والمفقودين.

وأشار عبد العظيم إلى أن سورية الآن في وضع دقيق، فالإصلاح السياسي والتغيير الديمقراطي صارا ضرورة وطنية ينبغي الاهتمام بها، لكن المؤتمر لم يضع خطوطاً واضحة بهذا الاتجاه، واعتبر ان اشارة المؤتمر الى ضرورة وضع قانون احزاب هو في حد ذاته اعتراف ضمني بوجود احزاب سياسية فعلية في المعارضة تمارس دورها على أرض الواقع ولها وجودها الذي لا يمكن إلغاؤه. ورأى أنه كان مفروضاً أن تكون الخطوات والقرارات في المؤتمر أكثر جرأة وأكثر إيجابية تضع حداً فاصلاً لمرحلة جديدة وتطوي صفحة الماضي وتفتح صفحة جديدة تكون بداية جدية للحوار الجاد مع القوى السياسية التي تؤسس للمشاركة الوطنية الواسعة وللتعددية السياسية والحزبية الفعلية وتفتح الطريق أمام كل قوى المجتمع السياسية والمجتمع المدني لبداية نهوض وطني والالتفاف حول مشروع وطني للتغيير الديمقراطي بحيث تتحول سورية إلى نموذج في التغيير الديمقراطي للأقطار العربية الأخرى.

ومن ناحيتهم انتقد ناشطون سوريون في حقوق الانسان نتائج المؤتمر لافتين الى الشروط المفروضة للسماح بقيام احزاب سياسية. وصرح عضو مجلس ادارة المنظمة السورية لحقوق الانسان الدكتور طيب تيزيني «المؤتمر شكل ظاهرة ايجابية لكن ايجابيتها لا تكفي ابدا لان واقع الحال السوري يحتاج الى اكثر بكثير ولم يعد يحتمل انصاف الحلول وحلولا غير واضحة وغير مقوننة». واضاف المفكر المعروف منتقدا استمرار العمل بالمادة 8 من الدستور التي تنص على ان البعث «يدير المجتمع والدولة»، «كان الناس يتوقعون اكثر بكثير مما قدم، المادة 8 تتصل بمبدأ التداول السلمي للسلطة وهذا امر يخالف اليات الديمقراطية التي من ضمنها مبدأ التداول السلمي للسلطة». وفي رأيه انه رغم تصريحات المسؤولين عن قرار «بفصل الحزب عن الدولة» فقد تم «ربط السلطة بالحزب من خلال اقرار المؤتمر ان رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب يجب ان يكونا من اعضاء القيادة اي اهم سلطتين تنفيذية وتشريعية». وقال «هذا خلق خيبة امل في اوساط سياسية وثقافية».

ومن جهته رأى المحامي والناشط في حقوق الانسان انور البني ان المؤتمر «لم يجلب اي جديد ولم يفعل سوى تأجيل معالجة المشاكل»، وقال انه «لم يقدم ما كان مأمولا به من قبل الشارع حول الاصلاح السياسي ووضع شروطا تعجيزية في موضوع تأسيس الاحزاب ورسخ هيمنة الحزب (البعث)».