فعاليات مغربية تنتقد «نداء البوليساريو»

TT

ردت فعاليات مغربية ثقافية وإعلامية وحقوقية وسياسية بقوة على «النداء» الذي سبق لجبهة البوليساريو التي تدعو الى انفصال الصحراء عن المغرب، ان وجهته عبر صحيفة جزائرية لكي تنضم النخبة المغربية الى رفع ما سمته البوليساريو تحدي السلام، بالقول ان هذه الأخيرة كانت في المنطلق جزءا من الحركة الديمقراطية المغربية، لكن الشروط الداخلية والخارجية للمرحلة السابقة جعلتها تتحول بسرعة الى مجرد اداة لسياسة الهيمنة الجزائرية.

وورد في الوثيقة التي وقعها في المرحلة الاولى عدد من الفاعلين المغاربة في مختلف الحقول الاجتماعية، بينهم مناضلون يساريون سابقون تعاطفوا في فترة مع آيديولوجية البوليساريو، الداعية في السبعينات الى تحويل الصحراء الى بؤرة ثورية تنطلق منها شرارة تحرير المغرب بأكمله، ان الظروف تغيرت وأصبح المغرب في اطار الانتقال الديمقراطي مستعدا لإقرار جهوية حقيقية تؤمن لسكان المناطق صلاحيات واسعة، مما يوفر لكل اصحاب النوايا الحسنة والمستقلة فرصة المساهمة في السلام والبناء.

وانتقدت العريضة الحملة الممنهجة التي استهدفت أخيرا النظام المغربي، والتي تتخذ لبوسا مختلفا وترمي الى زرع البلبلة والتشكيك في جوهر المكتسبات التي تحققت في البلاد. ولاحظ ان اوساطا تعمل جاهدة لتبخيس المكتبسات المحققة، وأن اصواتها بلغت في الايام الاخيرة قمة الهذيان، اذ راحت تصور المغرب وكأنه على حافة الهاوية، لدرجة ان بعضهم تجرأ على التبشير بانتفاضة، وان الدولة المغربية بلغت مرحلة من التفكك وباتت آيلة للسقوط في يد «منقذين» لا يترددون في عرض خدماتهم على قوة كانوا ينعتونها الى عهد قريب بالشيطان الأكبر.

وسجلت الوثيقة، النداء، ان بعض الصعوبات الموضوعية والحقيقية التي يعيشها المغرب، تؤكد بالعكس سلامة المناخ العام في البلاد، وبالتالي زيف الادعاءات والافتراءات التي تتعرض لها البلاد، مشيرة (الوثيقة) الى ان تجاوزات القانون من قبل فئات او جماعات تحدث في سائر انحاء العالم ويتم التصدي لها من قبل القوة العمومية، بما في ذلك البلدان الراسخة في الديمقراطية، لكنها، توضح الوثيقة، تبقى أحداثا محدودة ومعزولة وتكون موضوع تنديد من الجمعيات الحقوقية.

ونبهت الوثيقة الى ان كل محطة انتقالية هي في الوقت نفسه مرحلة اعادة تشكيل لكل مجالات الحياة الوطنية، مبرزة خطورة الرهان على قوى أجنبية ومغازلتها باعتبارها مغامرة لا يمكن ان يقبل عليها إلا من تجرد من المسؤولية والوعي. وحثت الوثيقة على الالتزام بالقواعد المكتوبة وغير المكتوبة وبالأخلاقيات وأبسط مقومات اللياقة، لان السياسة الناجعة في عالم اليوم هي تلك التي تراهن على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والحوار. واكد الموقعون انهم يناضلون من اجل مغرب ديمقراطي ومتضامن وموحد.

وتأتي هذه المبادرة في سياق موجات الاستنكار الصادرة عن فعاليات حزبية ونقابية وجمعوية مغربية، ردا على ما اعتبرته مسا بالأسس التي يقوم عليها النظام المغربي والتي توافقت عليها الامة وفي طليعتها النظام الملكي ضامن وحدة المغرب وسيادته.

ولم تقف الدولة مكتوفة الأيدي أمام ما تعرضت له، حيث كانت المؤسسة القضائية قد استدعت كريمة الشيخ عبد السلام ياسين، مؤسس «جماعة العدل والإحسان» الاسلامية شبه المحظورة، والتي شككت في حديث صحافي في شرعية النظام القائم وحكمت بأنه لم يعد صالحا للمغاربة.

ويلاحظ ان العريضة، تتعرض بالنقد الى جهات اجنبية لم تسمها، وإن كان واضحا ان المقصود هو الولايات المتحدة التي يطلق عليها الاسلاميون صفة «الشيطان الأكبر». وكانت صحيفة مغربية قد انتقدت صراحة الجسور الممدوة بين الإسلاميين في المغرب والسفارة الأميركية، التي يستمدون منها حسب الجريدة، الغطاء الأجنبي لإطلاق التصريحات المناوئة للنظام المغربي، ويبدو ان الدولة المغربية، تخلت عن موقف التردد، وهكذا بثت وكالة الانباء المغربية نص العريضة المذكورة.