التوتر في علاقة شيراك وبلير يهدد قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة

TT

بروكسل ـ رويترز: تحدد العلاقات المضطربة بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى حد كبير ما اذا كانت القمة الأوروبية التي تعقد هذا الأسبوع ستختتم بوفاق بين الدول الأعضاء أو أنها ستؤدي الى تعميق أزمة الاتحاد الأوروبي.

ويواجه الزعيمان مخاطر سياسية داخلية وهما في نفس الوقت يحملان معظم المفاتيح اللازمة للتوصل لاتفاق بشأن الميزانية طويلة الأجل للاتحاد الأوروبي ومستقبل الدستور الأوروبي بعد رفضه في استفتاءين في فرنسا وهولندا. ويعيد الاتفاق على الميزانية للاتحاد الأوروبي بعض الثقة الذاتية اثر الانتكاسات التي تعرض لها الدستور الأوروبي كما يطمئن الأسواق المالية ويمنحه فرصة لالتقاط الأنفاس ومحاولة انتشال الإصلاحات المؤسسية من حطام الاتفاقية.

غير ان الدبلوماسيين الأوروبيين في بروكسل متشائمون بشأن توقعات المستقبل. وتبدو امكانية التوصل لحل وسط او المصالحة، ضعيفة والأرجح ان يقع صدام مرير بشأن استرداد بريطانيا نسبة من مساهماتها في الميزانية الأوروبية والدعم المقدم للمزارعين في فرنسا والاتجاه المستقبلي للسياسة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، ومن يتحمل مسؤولية الإجهاز على الدستور الأوروبي. وتوقع سفير لدى الاتحاد الأوروبي عدم التوصل لاتفاق بشأن الميزانية وقال «المواقف متباعدة جدا وتوجد خصومة ومنافسة وشكوك عميقة». ويبذل رئيس وزراء لكسمبورغ، جان كلود يونكر، أكثر مفاوضي الاتحاد الأوروبي حنكة والرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، محاولات دبلوماسية خاصة للتوصل الى حل وسط بشأن الميزانية من خلال لقاءات مع زعماء الاتحاد الأوروبي كل على حدة. غير ان جهوده مهددة بالفشل نتيجة تصاعد الخلافات بين باريس ولندن، وربما تأتي اللحظة الحاسمة يوم الثلاثاء حين يلتقي بلير مع شيراك في باريس.

وتنافس الاثنين على زعامة اوروبا على مدى ثمانية اعوام تأرجحت خلالها العلاقات بينهما بين الحب والكراهية وهما يتجهان نحو مواجهة في وقت يحاول كل منهما التشبث بمستقبله السياسي في الداخل.

واثر رفض ساحق ومهين للدستور في فرنسا يحاول شيراك إقناع الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالمضي قدما نحو التصديق على الدستور الأوروبي رغم علمه بان اجراء استفتاء على الدستور في بريطانيا يمثل انتحارا سياسيا لبلير. ويقول مسؤولون فرنسيون ان الهدف هو اعادة الزخم نحو الوحدة الاوروبية بموافقة اكبر عدد ممكن من الدول على الدستور قبل مناقشة كيفية مواصلة الاصلاحات الرامية لزيادة كفاءة عمل الاتحاد الأوروبي الموسع. غير ان بعض الشركاء في الاتحاد الأوروبي يشكون في وجود دوافع خفية. وقال مسؤول كبير في شمال اوروبا «لدينا شعور انه يود ان يخسر زعماء آخرون الاستفتاءات او يرفضون التصديق حتى لا يقع على عاتق فرنسا مسؤولية الإجهاز على الدستور». وسعى بلير لتجنب الوقوع في الفخ وأعاد الكرة لملعب فرنسا بتعليقه التشريع الخاص باجراء استفتاء، بينما يضغط على فرنسا لإعلان ما اذا كانت ستجري استفتاء ثانيا بما انه ينبغي موافقة جميع الدول الخمس والعشرين الأعضاء قبل ان يصبح الدستور ساريا. وقال دبلوماسيون ان بريطانيا ودول شمال أوروبا وبعض دول وسط أوروبا تريد عقد قمة للموافقة على تعليق التصديق على الدستور لمدة ستة اشهر تقريبا حتى يمكن اعادة النظر في المسالة، غير انه يبدو مستبعدا ان توافق فرنسا والمانيا.

ويعتقد مسؤولون ومحللون بريطانيون ان خطة شيراك الرئيسية لتحويل الاهتمام عن خسارته في الاستفتاء وتعزيز مكانته في الداخل واوروبا تقوم على محاولة عزل وتهميش بلير بشأن قضية رد نسبة من مساهمات بريطانيا في الميزانية الاوروبية.

وقال السير ستيفن وول، المستشار السابق لبلير للشؤون الأوروبية «انه الشأن الوحيد الذي يمكن ان يستند اليه ليقف 24 (عضوا) ضد عضو واحد هو بريطانيا. كلما كان الجرح أعمق كان رد الفعل اقوى».

ويحاول بلير تفادي الضغوط بسعيه لإعادة النظر في اتفاق للاتحاد الأوروبي ابرم في عام 2002 أقر مساعدات زراعية سخية ستكون فرنسا اكبر مستفيد منها حتى عام 2013. وفي الأسبوع الماضي أشار بلير الى ان خفض المشاركة البريطانية موضوع قابل للتفاوض اذا وافقت فرنسا على خفض الميزانية الزراعية. ورفض شيراك، نصير المزارعين الفرنسيين، هذه المقايضة. كما يختلف الاثنان بشدة بشأن ما اذا كان ينبغي ان تكون أوروبا شريكا اصغر للولايات المتحدة او قوة موازية لها الى جانب الخلاف بشأن الاصلاحات الاقتصادية والرعاية الاجتماعية. ولكن يقول دبلوماسيون انه يبنغي على الزعيمين التوصل لاتفاق هذا الأسبوع حتى يبين شيراك ان اوروبا ما زالت فاعلة بعد الرفض الفرنسي للدستور وللاحتفاظ بالدعم الزراعي وحتى تنتقل رئاسة الاتحاد الاوروبي لبلير في الأول من يوليو (تموز) بدون مشاكل، مع تفادي نزاع بشأن استرداد بريطانيا نسبة من مساهماتها السابقة في ميزانية الاتحاد الاوروبي.