صربيا: مفاوضات لاستسلام راتكو ملاديتش أكبر المطلوبين لمحكمة لاهاي

TT

ذكر مسؤولون صربيون ان راتكو ملاديتش، وهو واحد من اهم المشتبه فيهم في ارتكاب جرائم حرب، والمطلوبين للعدالة، يتفاوض مع الحكومة الصربية حول امكانية استسلامه الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، حيث يمكن ان يواجه اتهامات بالتطهير العرقي.

وأوضح المسؤولون ان المحادثات مع ملاديتش، المتهم بالإشراف على مقتل آلاف أسرى الحرب المسلمين الذين تم أسرهم في سربرنيسكا قبل عشر سنوات تقريبا، تجرى بطريقة غير منتظمة منذ ديسمبر(كانون الأول) الماضي. وتجدر الإشارة الى ان حكومة رئيس الوزراء فوسلاف كوستونيكا تتعرض لضغوط حادة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لحل مشكلة المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب. ومنذ اكتوبر (تشرين الاول)الماضي، سلم 15 صربيا من المشتبه فيهم أنفسهم الى السلطات هناك.

وكانت ادارة بوش التي حررت ما قيمته 10 ملايين دولار مساعدات الى صربيا، قد اعربت عن تفاؤلها في امكانية ارسال ملاديتش الى لاهاي. وذكر نيكولاس بيرنز وكيل وزارة الخارجية الاميركية، بعد محادثات في الاسبوع الماضي في بلغراد، ان صربيا «تعمل» بجدية من اجل العثور على ملاديتش.

كما ان رئيسة الادعاء في جرائم الحرب، التابعة للأمم المتحدة، كارلا ديل بونتي، مارست ضغوطا عديدة من اجل القبض على ملاديتش قبل 11 يوليو (تموز) القادم الذي يوافق مرور عشر سنوات على مذبحة سربرنيسكا. وصرحت للصحافيين «لا يمكننا الانتظار اكثر من ذلك». ومن بين الشخصيات التي يجري البحث عنها، رادوفان كاراديتش الزعيم الصربي السابق.

ويواجه الرجلان ـ ذكر مسؤولون في الامم المتحدة ان كارديتش موجود في القطاع الصربي من البوسنة ـ 16 تهمة بالتطهير العرقي وانتهاك قوانين الحرب وجرائم ضد الانسانية. وكانت قوات ملاديتش قد قتلت آلافا من المسلمين في سربرينيسكا لكي تنشر «الرعب بين السكان المسلمين والكروات في البوسنة»، طبقا لعريضة الدعوة. وطبقا للادعاء فإن ملاديتش وكاراديتش كانا مسؤولين عن الاعتقال غير القانوني والقتل والاغتصاب وسوء معاملة المدنيين.

وتشير أشرطة الفيديو المنتشرة في بلغراد بخصوص تسلسل الأحداث في عام 1995 في وحول سربرنيسكا، ان قوات ملاديتش كانت تتحدث مع المدنيين وتعهدت بمعاملة الاسرى طبقا لمعاملة جنيف وتجاهلت اعتراضات المسؤولين في الامم المتحدة على القبض عليهم.

كما انه ذكر في مقابلات مع التلفزيون الصربي «لقد حان الوقت للانتقام من الاتراك». وهي الصفة التي يطلقها الصرب على البوسنيين المسلمين. وفي مشهد آخر، قال لمجموعة من النساء: «لا تبكين. لن تتعرضن للأذى».

وتجدر الاشارة الى ان عمليات القتل في وحول سربرنيسكا كانت اسوأ الفظائع التي ارتكبت في اوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد دفنت الجثث في قبور جماعية عبر منطقة تمتد 50 ميلا من الريف. ومنذ ذلك الوقت يعمل خبراء الطب الشرعي على تحديد هوية الموتى بمقارنة الحمض النووي للضحايا بأقاربهم وتمكنوا من تحديد هوية الف شخص فقط.

وتتحرك الحكومة بحذر في قضية ملاديتش بسبب المخاوف السياسية لقضية كوستونيتشا (الجيب الصربي في البوسنة). وفي الاسبوع الماضي دعى اكبر تجمع سياسي في البلاد الحزب الراديكالي، الى وقف «هستيريا معادة الصرب». بخصوص سربرنيسكا. وكان لوبيسا بيرا وهو كولونيل في قوات الامن في حكومة سلوبودان ميلوسيفتش، قد استسلم في شهر اكتوبر الماضي ونقل الى لاهاي. ولا تزال محاكمة ميلوسيفتش مستمرة في لاهاي. وكان بيرا مختفيا عن الانظار منذ ادانته في عام 2002 بتهمة المشاركة في عمليات «القبض واعتقال وإعدامات بعد محاكمات صورية ودفن وإعادة دفن آلاف من المسلمين والمسلمات والأطفال بين 16 و60 سنة من منطقة سربرنيسكا في الفترة بين 12 و19 يوليو 1995».

وفي شهر يناير(كانون الثاني) اعلن مسؤولون حكوميون انهم يقتربون من «انجاز هام في المفاوضات» مع واحد من كبار المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب. وبعد فترة قصيرة استسلم فلاديمير لازارفيتش، وهو جنرال خلال الحرب في اقليم كوسوفو الصربي، في كوستونيتشا، التي رحبت بالخطوة. وقد حصل لازارفيتش على توديع رسمي وسافر الى هولندا في طائرة حكومية بصحبة وزيرين.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»