سعد الحريري: انتخابات الشمال اللبناني مصيرية ويجب أن نفوز بها

«التيار العوني» يحاول استمالة «الصوت المتردد» لأنصار «الجماعة الإسلامية»

TT

ارتفعت حرارة الحملات الانتخابية في شمال لبنان امس مع اقتراب موعد المرحلة الرابعة والاخيرة من الانتخابات الاحد المقبل. وفيما واصل النائب المنتخب سعد الدين رفيق الحريري اجراء اللقاءات الانتخابية في طرابلس التي انتقل للاقامة فيها مطلع الاسبوع الحالي لقيادة المعركة التي يخوضها «تيار المستقبل» وحلفاؤه في مواجهة العماد ميشال عون وحلفائه، برز تحرك للتيار العوني في اتجاه «الجماعة الاسلامية» ذات النفوذ الواسع في دائرتي الشمال، وذلك في محاولة لاقناع قيادتها بتحويل «الصوت المتردد» لناخبيها غير الحزبيين لمصلحة العونيين وحلفائهم، بعدما كانت الجماعة اعلنت اخيراً الاستمرار في المقاطعة حزبياً وترك الحرية للناخبين.

وقد زار وفد من «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب المنتخب ابراهيم كنعان امين عام «الجماعة الاسلامية» المستشار الشيخ فيصل مولوي امس. ودعا المجتمعون في بيان اصدروه الى ضرورة «تجنيب الساحة اللبنانية الاصطفاف الطائفي والتزام الخطاب الوطني المعتدل».

وبعد اللقاء تحدث النائب كنعان فقال: «اتينا لزيارة الجماعة الاسلامية تأكيداً للتواصل الدائم والمستمر قبل الانتخابات واثناءها وبعدها. ونحن نعتبر الجماعة مرجعية وطنية واسلامية». واضاف: «ان الانتخابات النيابية جزء من مشروع كبير اسمه استعادة الديمقراطية في لبنان، وليست مشروع مصالح انتخابية او اصطفاف طائفي» مؤكداً على اجراء الانتخابات «على اساس الديمقراطية التوافقية التي نص عليها دستور الطائف».

وأكد نائب الامين العام للجماعة الاسلامية ابراهيم المصري «ان قرار مقاطعة منتظمي الجماعة للانتخابات مستمر ويأتي بشكل اساسي بسبب التداخلات من خارج الشمال وبسبب التدخلات الاجنبية».

وقال في حديث اذاعي امس: «ان الموقف النهائي بخصوص حض المناصرين الشماليين لدعم اي طرف لم يصدر حتى الآن. وأطلقنا لمناصرينا وللتيار الاسلامي العام ان يختار الاصلح بالنسبة للمرحلة المقبلة. وهذا الموضوع متروك لربع الساعة الاخير، لأن التحالفات تتحرك وتتقلب بشكل دائم ولم تحسم بشكل نهائي. ونحن نكاد نكون على مسافة واحدة من الجميع».

ولاحظ النائب المنتخب سعد الدين الحريري خلال لقاءات اجراها في طرابلس انه «بعد انتصار «تيار المستقبل» في انتخابات بيروت بدأت وتيرة مهاجمتنا بالتصاعد، وكأننا تيار يأتي من خارج البلاد. واصبحنا مثلنا مثل عنجر (المقر السابق للاستخبارات السورية في لبنان)». وتساءل عن هذا الخطاب السياسي، واصفاً اياه بأنه «خطاب تحريضي». وقال: «نحن نؤمن بالاعتدال والعدل وبأننا موجودون ولا احد يمحونا» لافتاً الى «ان بعض الرموز التي ساهمت بقتل رفيق الحريري عادت الى الظهور والتحدث وكأنها لم تفعل شيئاً».

وقال الحريري خلال مأدبة عشاء اقامها في مقر اقامته في فندق «كواليتي ان» في طرابلس على شرف حشد من رجال الدين المسلمين والمسيحيين في منطقة الشمال يتقدمهم مفتي طرابلس والشمال طه الصابونجي: «هذه المنطقة التي حاولوا ان يقولوا لنا ان لا يقترب اليها احد، وكأنها غير موجودة في لبنان، ممنوع زيارة الشمال، وممنوع عمل اي شيء للشمال وخصوصاً ممنوع على الرئيس الحريري ان يفعل شيئاً للشمال، لانهم كانوا يعلمون ان اهلها يحبون رفيق الحريري وراضون عليه لانه رجل عصامي ورجل دولة وحاول حتى آخر يوم من حياته ان يعمل للوطن ولكل الاديان. ومن احب الامور لديه كان رؤية خريجي مؤسسة الحريري».

واضاف: «بعدما استشهد الرئيس الحريري، رحمه الله، تحملنا مسؤولية كبيرة، لانه كان كالجبل الذي يحمل كل لبنان على ظهره. وكان يحمي لبنان اقتصادياً ودولياً واقليمياً. وجدنا ان هذا الجبل غير موجود، واراد الله سبحانه وتعالى ان يكون الى جواره». وتابع: «نحن كعائلة لم نكن نرغب بالعمل السياسي، ولكن رأينا ان هناك بعض الرموز التي لم تفعل شيئاً. فارتأينا كعائلة ان نكمل مسيرة رفيق الحريري، والآن نُهاجَم لاننا نسير في مسيرة رفيق الحريري. ونُهاجَم كعائلة وكبيت ونُهاجَم كمرجعية، ونُهاجَم لاننا نتفاوض مع حلفائنا في مناطق عدة بسبب القانون (الانتخابي) الذي وضع ضد رفيق الحريري وضد بيروت وضد كل من له صوت. وانا اذكر كيف ان السحر انقلب على الساحر. لقد طالبنا بحصول الانتخابات لاننا رأينا كيف ان المجتمع الدولي يطالب بالانتخابات، ولبنان دولة صغيرة لا يستطيع تحدي المجتمع الدولي خاصة ان هذا المجتمع الدولي واقف مع لبنان، للمرة الاولى».

واعتبر الحريري ان هذه الانتخابات «مصيرية». وقال: «يجب ان نفوز بها باذن الله، لاننا جماعة نحب هذا الوطن، ونريد لهذا الوطن ان لا يبقى مزرعة. رفيق الحريري ومع كل التحديات التي كانت في وجهه، ومع كل الاجهزة التي كانت والتي لا يزال بعضها يهدده، استطاع ان يفعل للبنان ما فعله. نحن لدينا فرصة جوهرية (...) لنقول ان اصواتنا ستسمع وان هذا البلد يجب ان يتغير وان يتوقف هذا الحقد، وان تتحقق العدالة، وان يظهر لبنان جديد مبني على اسس حقيقية، وليس على كلام تحريضي. فهل المطلوب من قريطم مثل هذا النوع من الكلام؟ نحن لا نقبل بأن يمسنا احد وليس كقريطم وكآل الحريري. نحن لا نقبل ان يمس احد مرجعياتنا. نحن مشروعنا واضح، يتكلمون عن الفساد ومحاربة الفساد والاصلاح الاداري، ولكن ماذا يفعلون؟ هم يتحالفون مع رأس الفساد، كيف سيحاربون الفساد اذا كانوا يتحالفون مع الفساد؟» مشيراً الى «رموز شاركوا بالتحريض على شهيد الوطن، يريدون البقاء في السلطة... وقال: «انا لا اتهم احداً بقتل رفيق الحريري، ولكنهم كانوا اداة، كانوا اداة لتلويث هذا الوطن، والآن سيكونون اداة للتحريض في هذا الوطن. لم يفعلوا شيئاً قبل الاستشهاد، والآن يكملون مسيرتهم. لذلك يجب ان ينهض الشمال ويقول كلمته. ويجب ان نعود ونضع الامور في نصابها. ويجب ان نقول: لا يجوز ان نتعرض الى ما نتعرض اليه. نحن نسامح، ولكن في هذه الانتخابات لن نسامح في هذه الانتخابات يجب ان نقف وننزل ونقول هذه هي اصواتنا، لانه من دون اصواتكم يكون رفيق الحريري استشهد ولم يتغير شيء».

وعلى الخط نفسه كانت ستريدا جعجع، زوجة قائد «القوات اللبنانية» المسجون سمير جعجع، تحث اهالي الشمال على الاقتراع في احتفال اقامه تيار «القوات» في بلدة بشري (مسقط رأس جعجع في الشمال) تكريماً لاعضاء «لائحة الوحدة الوطنية» في الدائرة الاولى. وتحدث في الاحتفال النائب احمد فتفت باسم «تيار المستقبل» معتذراً عن عدم حضور سعد الحريري «لاسباب أمنية«. وقال: «اذا لم يكن هذا اللقاء هو لقاء الوحدة الوطنية والاعتدال الاسلامي والمسيحي، فأين يكون هذا اللقاء؟» معتبراً «ان هناك مشروع عودة للنظام الأمني عبر الشمال. ومن واجبنا في هذه المنطقة الحبيبة من بشري ان نوجه نداء واضحاً لقوى الاعتدال لتقول كلمتها الفصل في الانتخابات».

ثم ألقت ستريدا جعجع كلمة قالت فيها: «لولا سلطة الوصاية لكان دولة الرئيس رفيق الحريري هو ضيف بشري العزيز ولكان الدكتور سمير جعجع هو من يستقبل رئيس تيار المستقبل. ولكن مهما قست الاقدار فان ما جمع بين زنزانة سجين الحرية والكرامة وضريح شهيد الوحدة الوطنية اقوى من كل حواجز التفرقة والظلم». واعتبرت جعجع «ان التحالف في دائرتي الشمال الاولى والثانية هو تحالف بين اقوياء في ارادة التغيير واقوياء في القدرة على الاصلاح واقوياء في التزام عيش مشترك قائم على اسس الحرية والكرامة». واكدت ان «القوات اللبنانية باقية على عهدها، حركة نضال في الداخل وضد اي وصاية من الخارج».

وفي المقابل، عقد مرشح التيار العوني في منطقة الشمال ـ الدائرة الثانية، جبران باسيل لقاءات في البترون وجال في مدينة طرابلس وداخل احيائها الشعبية، وحضر مهرجانات في منطقة جبل محسن والزاهرية وفي بلدة مركبتا. ورأى باسيل «ان الاقطاع في شتى وجوهه ابقى الناس اسرى وفائهم الاعمى، ما منع تطور الحياة السياسية في لبنان على خلفية انعدام مفهوم المحاسبة، ومن خلال عمل الطبقة السياسية الدؤوب على ابقاء البلد والناس في حالة جمود مبرمج ومقصود افقد الناس ايمانهم بالقدرة على التغيير». وقال: «بالرغم من خوضنا الانتخابات في ظل قانون اعوج فقد عبر الناس عن حاجتهم الى التغيير في كل المناطق ايماناً منهم بالبرنامج الاصلاحي الذي يقدمه التيار، وتأكيداً على ان عملية الاحتكار الطائفي لا تبني البلد» معتبراً انه «ظهر واضحاً ان اللبناني تواق للخروج من نفق الطائفية، على عكس سياسييه. وهذا ما ظهر حين اتيحت للناس فرصة التعبير الحر، فبدأ خطاب التيار اللاطائفي يأخذ مكانه وحجمه داخل جميع شرائح المجتمع اللبناني».